-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قراءات مع الدكتور فاضل السامرّائي

الحلقة الثالثة والعشرون: الإفراد والتثنية والجمع (2)

الحلقة الثالثة والعشرون: الإفراد والتثنية والجمع (2)

ومن ذلك استعمال (طفل) و(أطفال)، فهو يستعمل الطفل والأطفال للجمع. قال تعالى: ((ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا)) (الحج)، وقال: ((ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا)) (غافر)، وقال: (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) (النور).

في حين قال: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا)) (النور)، فاستعمل الطفل والأطفال للجمع فما سبب ذلك؟ ولماذا خصّ كل موطن بما استعمل فيه؟

إن العرب قد تستعمل كلمة (طفل) للمذكر والمؤنث، المفرد والمثنى والجمع فتقول: جاريةُ طِفلٌ وجاريتان طفلٌ وجوار طفل، وغلام طفل وغلمان طفل. كما تستعملها على القياس فتقول: طفل وطفلة وطفلان وطفلتان وأطفال وطفلات. فاستعمال (الطفل) للجمع معروف عند العرب وبه جرت ألسنتهم. أما سبب تخصيص كل موطن بالاستعمال الذي ورد فيه فهذا ما يظهر من السياق.

فقال في آية الحج: ((ثم نخرجكم طفلا))، وقال في آية غافر: ((ثم يخرجكم طفلا))، في حين قال في آية النور: ((وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم))، ذلك أن آيتي الحج وغافر تتكلمان عن خلق الإنسان من تراب ثم من نطفة ثم من علقة، فبنى الكلام على خلق الجنس وليس على خلق الأفراد، فلم يقل خلقناكم من نطف ثم من علقات ثم من مضغات، بل بناه على المفرد الذي يفيد الجنس. والنطفة والعلقة والمضغة تخرج طفلا لا أطفالا فناسب ذلك التعبير بالجنس فقال: ((ثم يخرجكم طفلا)) في آية الحج، و((ثم يخرجكم طفلا)) في آية غافر فكلتاهما متشابهة. ومما زاد ذلك حسنا أن كلمة (طفل) تستعمل في كلام العرب للمفرد وللجمع فكانت أنسب من كل ناحية.

وأما آية النور فمبنية على الجمع لا على الإفراد ولا على الجنس، وهي مبيّنة لعلاقات الأفراد في المجتمع فقال: (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم).. والذين لم يبلغوا الحلم منكم هم الأطفال وليس طفلا واحدا، ولذلك قال: (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم) بصيغة الجمع، فناسب ذلك ما قبله ولا يناسبه الإفراد، لأن الكلام على الجمع.. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أن آية النّور في الكلام على العلاقات الاجتماعية وهذا يتطلب مجتمعا لا فردا فناسب الجمع أيضا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!