-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الحلقة الحادية عشرة: الإبدال (4)

قراءات مع العلامة الدكتور فاضل صالح السامرّائي

قراءات مع العلامة الدكتور فاضل صالح السامرّائي

هكذا يفرّق القرآن الكريم بين الصيغتين. وعلى هذا فإنه يستعمل بناء (يتفعّل) لما هو أطول زمنا، وقد يستعمله في مقام الإطالة والتفصيل. ويستعمل (يفّعل) للمبالغة في الحدث والإكثار منه.

ومن ذلك على سبيل المثال قوله تعالى: (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضرّاء لعلّهم يتضرّعون) “الأنعام”.

وقوله: (وما أرسلنا في قرية من نبيّ إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضّراء لعلّهم يضّرعون)”الأعراف”.

فقال في آية الأنعام: (يتضرّعون)، وقال في الأعراف: (يضّرعون) بالإبدال والإدغام. وذلك أنه قال في آية الأنعام: (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك)، وقال في الأعراف: (وما أرسلنا في قرية) والأمم أكثر من القرية، وهذا يعني تطاول الإرسال على مدار التاريخ. فلما طال الحدث واستمرّ جاء بما هو أطول بناء فقال: (يتضرّعون). ولما كان الإرسال في الأعراف إلى قرية قال: (يضّرعون). فجاء بما هو أقصر في البناء.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أنه استعمل في آية الأنعام (أرسل إلى) فقال: (ولقد أرسلنا إلى أمم). واستعمل في الأعراف (أرسل في) فقال: (وما أرسلنا في قرية).

والإرسال إلى شخص ما يقتضي التبليغ ولا يقتضي المكث، فإنك قد ترسل إلى شخص رسالة فيبلّغها ويعود، وأما الإرسال في القرية أو في المدينة فإنه يقتضي التبليغ والمكث، فإن (في) تفيد الظرفية، وهذا يعني بقاء النبي بينهم يبلّغهم ويذكّرهم بالله ويُريهم آياته المؤيدة. ولا شك أن هذا يدعوهم إلى زيادة التضرع والمبالغة فيه، فجاء بالصيغة الدالة على المبالغة في الحدث والإكثار منه فقال: (لعلهم يضّرعون). فوضع كل مفردة في مكانها اللائق بها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!