-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
القرآن كلام الله المنزّل من السّماء

الحلقة (15): أغراض مبيّتة لهدم أسس المعرفة وإضلال شباب الأمّة

خير الدين هني
  • 471
  • 0
الحلقة (15): أغراض مبيّتة لهدم أسس المعرفة وإضلال شباب الأمّة

لكي يفسر الماديون أسرار الخلق فإنهم يلجؤون إلى الخيال والظن والتخمين والارتجال، ولا تخرج تفسيراتهم عن  شطحات الخيال الإيهامي، التي لا تغني عن الحق شيئا، ولا تقدم إضافة جديدة تقنع العقل، وتروي غلّته  وتريحه من عناء البحث العقيم والعذاب المستديم، ولكي يريحوا أنفسهم من عذاب البحث والتفكير والتأمل، استعملوا الحلول السهلة التي لا فكر فيها ولا تأمل ولا مدارسة، واتكؤوا على ما بدا لهم أن الخلق نتج عن عمل ذاتي للمادة من طريق التفاعل بين عناصرها، وهذه الفرضية مما لا يقبلها العقل السوي الذي اعتبره فيلسوف الحكمة (سقراط) مصدر المعرفة الصحيحة.

العقول السوية لا تستسيغ فكرة العمل العشوائي للمادة العمياء، وهي لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم، ولكنها تتحرك -حسب زعمهم- من غير علة خارجة عنها تحرك عناصرها للتفاعل من طريق القوانين والنواميس.. وعلى مبدأ فيلسوفنا الحكيم الذي جعل العقل مصدرا لأسس المعرفة الحقيقية، يتوجب علينا تقديم العقل على الحواس والخيال والوهم في إثبات الحقيقة التي هي الله تعالى، وليس أفضل من البرهنة على وجوده سبحانه، من الأدلة العقلية المركبة التي وضعها أكابر الفلاسفة المؤمنين، وكذلك البرهان بدليل العناية والاختراع الذي وضعه أساطين الفلسفة منهم ابن رشد الفيلسوف الشهير، ويصبح البرهان الحسي الذي يدعو إليه الطبيعيون والماديون والمتشككة، ليس إلا لغوا من الكلام لا يقدم إضافة جديدة لاستحالة استعماله، لتنافر العلاقة بين الحسّي والذات الإلهية العليّة، التي لا تدركها الأبصار ولا وتسعها الأقطار.

والغرض الذي يتوخاه المنصرون والمستشرقون والمستغربون والمتشكّكون، هو تهديم أسس المعرفة بحقيقة الإسلام والعقيدة والقرآن والشريعة والأحكام الفقهية، وتشتيت انتباه الشباب وإرباك عقولهم، والنزوع بهم نحو انتهاج سبل الشك والارتياب والضلال والابتعاد عن طريق الحق والفضيلة، وجعلهم عرضة للتيه والضياع والقلق والتوتر والاضطراب النفسي، والانسياق وراء الشهوات والملذات والترف الفكري والأخلاقي والسلوكي، وإحداث الفوضى والشغب في مجتمعاتهم المحافظة، وفك الارتباط بكل قيمة لها اعتبار عقدي أو أخلاقي أو وطني، وهذه الأغراض المبيّتة جليّة واضحة في مناهجهم التي اعتمدوها في مناظراتهم العبثية، التي رأيناهم يتعمدون فيها طرح أسئلة تشكيكية حول أصل القرآن وتراكيبه ومعانيه وأحكامه، وعادة ما يراهم الناس ينتهجون طرق التشويش بالمقاطعة والصخب واللغط على مناظريهم، ليربكوهم ويفقدوهم توازنهم العقلي والنفسي، فتضيع منهم الأفكار والمعاني والحجج الدامغة، وقد ازدادوا بطرا وتيهانا وعُجبا بإطلاق الألقاب العلمية المزيفة عليهم، وهي التي أصبحت لازمة من لوازم المنشطين،  ليصوروهم أمام المشاهدين بأنهم أقطاب علم وفكر وأدب.

والكلام الممجوج لهؤلاء الشكّاك، وهم يخوضون في القرآن الكريم بما لا يعلمون، ليس من إبداعهم ولا من بنات أفكارهم، ولا بما جادت به قرائحهم ومواهبهم، فهم دون ذلك بكثير، لأن تأهيلهم العقلي والمعرفي لا يمكنهم من إدراك تلك الشبهات التي اعترضتهم، أو أرادوا التشويش بها على المؤمنين، وإنما هي شبهات مطروقة ومعروفة ومبثوثة في كتب التراث، وقد أذيعت في عهد ظهورها عن زنادقة الفرس والعجم في العصر العباسي، من أمثال عيسى الوراق وابن الرواندي وصلاح بن عبد القدوس وبشار بن برد وغيرهم كثير، ونقلها عنهم المنصرون وتلاميذهم المستشرقون، وعن هؤلاء وأولئك أخذها الشكّاك ومارقة العصر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!