-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
القرآن كلام الله المنزّل من السّماء

الحلقة (6): قرآن عربيّ

خير الدين هني
  • 408
  • 0
الحلقة (6): قرآن عربيّ

ممّا فات نجومَ الفضائيات المجترئين على كتاب الله، أنّ للقرآن حقيقة علوية، لا تعرف إلا بالقواعد المؤصلة في علوم العربية التي وثقتها في المظان آثار العرب وتدويناتهم، وقد سجلوها في دواوين شعرهم، ومبثوثات نثرهم من سجع الكهان وخطب الوعاظ وحكم الحكماء وتدبيجات البلغاء، وترنيمات الفصحاء وأرباب اللغة واللّسَنِ والبيان، وغربل صحيحها من سقيمها أئمة أعلام مصاقيع جهابذة، كالأصمعي والفراهيدي ويونس بن حبيب وسيبويه والكسائي، وابن هشام والباقلاني والتوحيدي والزمخشري وغيرهم يفوق العد والحصر.

هؤلاء الأعلام المصاقع رجال أفذاذ عباقرة  من الطبقة الأولى بشريا، لأن عقولهم الجبارة تجاوزت كل معقول ومألوف؛ فإليهم يرجع الفضل في تأصيل العربية بعلومها وآدابها وفلسفاتها، وإليهم يرجع السبق في تقعيد القواعد النحوية والصرفية والإملائية والبلاغية والعَروضية، وإليهم يرجع الفضل في تفسير معاني القرآن الكريم وإعراب كلماته وألفاظه وجمله، لأن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لم يفسر القرآن كله وإنما اقتصر تفسيره -عليه الصّلاة والسّلام- على بعض الآيات المتشابهة التي استغلق معناها على الصحابة، لأن المتشابه من القرآن له دلالتان ظاهرة وباطنة، ولا يعرف باطنها إلا الله والراسخون في علوم القرآن والشريعة وأحكامهما الفقهية والأصولية والعقدية، أما الآيات المحكمة فكان الصحابة وعموم العرب الجاهليين يعرفون معانيها، لأن القرآن عربي، ونزل بلغتهم التي يتقنون علمها وفنها وأدبها وبلاغتها وبيانها، والإعراب الذي اخترع مصطلحاته علماء اللغة الأوائل بعد أن لم تكن موجودة، لأسباب ليس هذا محل شرحها، ووضعوا لها أحكاما معقدة تعقيد معاني الوضع والمعاني، وغريبة غرابة انعدام الألفة في السماع والاستعمال والتداول، وصعوبة التوافق بين المدلولات اللغوية والاصطلاحية.

فالإعراب يقوم على فلسفة معقدة تعقيد نظرية العامل، التي ابتكروها بغية تعليل الرفع والنصب والجر والسكون، وابتكار نظرية العامل تدل دلالة كبرى، على أن عقول هؤلاء العلماء عقول جبارة تتكافأ أو تفوق عقول كبار علماء الاختراع والاكتشاف والابتكار في العلوم العقلية والتطبيقية، وعقول العباقرة من علماء اللغة المدركين -بالعلم وحدة الذكاء- العلاقات المعنوية والبلاغية والإعرابية بين الكلمات والألفاظ والجمل والسياقات والنصوص، فعقولهم تتجاوز حدود العقول العادية بل حتى العقول الذكية في حدود مساحة ما قبل درجات العبقرية التي تتراوح بين 40 درجة إلى ما يفوق 200 درجة بقليل، وهم يمثلون الطبقة العليا من البشر في حدة الذكاء، خلافا للطبقة العادية التي تتراوح درجات ذكائهم بين 70 و130 درجة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!