الرأي

الحل الممكن لإضراب الأستاذة..

محمد سليم قلالة
  • 4388
  • 27

القبضة الحديدية بين وزارة التربية ونقابات القطاع المُضرِبة، لا تنفع في شيء. والتصعيد في هذا القطاع لا ضَحية له سوى ملايين التلاميذ الذين يكفيهم سوء الحال الذي هم عليه حتى نزيدهم سوءا على سوء…

يَكذب مَن يقول إن قطاع التربية والتعليم بجميع أطواره بخير، ويَكذب مَن يقول إن حالة الأساتذة بخير ومطالبهم مُبالَغٌ فيها. ويُجانب الصَّواب مَن يقول إن أسلوب إدارة الأزمة في القطاع من قبل الهيئة الوصية كان هو الأمثل. عكس ذلك، لقد أقحم مسؤولو القطاع أنفسهم في مشكلات فرعية لا حدود لها، وخاضوا في تفاصيل، كان الزمن وحده كافيا لحلها، باسم الانضباط أحيانا والصّرامة أخرى. في حين كان الأجدى هو أن تكون الوصاية مع جميع مطالب الاساتذة وأن تتعاطف معهم خاصة أن أغلب إطاراتها هم مِمَّن عرفوا واقع التعليم وعاشوا واقع المعلم والأستاذ الصعب في كثير من الأحيان، خاصة أن مطالبهم لم تخرج عن نطاق المعقول إلا ما تعلق بفورية التنفيذ، حيث كان بالإمكان التفاوض بهذا الشأن حسب جدول زمني يُتَّفَق بشأنه، خاصة تلك المُرتبطة بالمسائل المالية.

 لماذا تعتبر الوزارة الاستجابة لمطالب الأساتذة مساسا بها وهم أصل وجودها؟ لماذا ينزل النقاش إلى التفاصيل وتتم شخصنة بعض المطالب إلى درجة ربطها بأسماء مُعيَّنة؟ لماذا تتحول الوزارة إلى مهمة التحقيق بشأن هذا الأستاذ أو ذاك ليتم فصله باعتباره ناشطا “كبيرا” في هذه النقابة أو تلك، ضاربة بما لديه من كفاءة وخبرة واحترام بين زملائه وتلامذته وبما قدّمه لقطاع التعليم خلال سنوات من الزمن قد تصل إلى عقود، عرض الحائط؟ لماذا يُفضِّل مسؤولوها عاملَ الولاء والقَبول بالأمر الواقع على حساب عامل الكفاءة ومدى استقرار التكوين في القطاع ونوعيته؟

يبدو لي أن الحل لهذا الانسداد الذي يعرفه القطاع يتمثل في الاعتراف الصريح بشرعية مطالب الأستاذة من قبل الوزارة من جهة، وفي قبول الأستاذة باستحالة التنفيذ الفوري لجميع المطالب من جهة أخرى. وعلى هذا الأساس يُفتَح مجال للتفاوض بشأن إمكانية تنفيذها ضمن آجال يتم الاتفاق بشأنها بعيدا عن كل تهديد بالقبضة الحديدية وبالفصل النهائي للمضربين. ويتم ذلك بإشراك جميع القطاعات المعنية بمطالب الأسرة التربوية وبكل مَن يستطيع أن يضمن مصداقية جدولة المطالب وتنفيذها.

ولا أظن أن جميع مطالب الأساتذة فورية غير قابلة للتأجيل، بل هي في معظمها تتعلق بالحياة الكريمة وبتجاوزات الإدارة ذاتها، وكلنا نعلم كم هو إسهام سوء الإدارة في ما نعيشه من مشكلات، ليس فقط في قطاع التربية بل في كافة القطاعات. فلا نُحمِّلَنَّ الأستاذ وزرَ إدارة يَتفِّق الجميع على أنها أول ما ينبغي إصلاحه.

مقالات ذات صلة