الجزائر
100  ألف مسكن للجزائريين بمناسبة احتفالات 5 جويلية

الخروج من العاصمة للحصول على سكن!

إيمان كيموش
  • 9890
  • 14

ـ بشير فريك: تسييس ملف السكن وراء الأزمة.. والحل في الإيجار وليس البيع

ـ فيدرالية الوكالات العقارية: توقّعات بانخفاض أسعار السكن بـ10 بالمائة

في وقت أعلنت فيه وزارة السكن والعمران والمدينة، عن الشروع في توزيع حصة ضخمة من السكنات تعادل 100 ألف وحدة من مختلف الصيغ، بداية من اليوم، بمناسبة عيد الاستقلال المصادف لـ5 جويلية، يطالب العارفون بالقطاع بضرورة الخروج من العاصمة لحل أزمة السكن المستمرة منذ الاستقلال، وتشييد المشاريع الكبرى في المناطق المحيطة بها وولايات الهضاب العليا والجنوب.

ويرفض الوالي السابق بشير فريك، صاحب كتاب “الإسكان في الجزائر.. إنجازات وإخفاقات”، الحديث عن أزمة السكن وتحليلها بلغة الأرقام في ظل غياب إحصائيات دقيقة ورسمية تشخّص الوضع، إلا أنه يعترف بالمقابل أن هذه الأزمة مستمرة عبر جل الولايات وبحدة متفاوتة بين المدن الكبرى والولايات ذات الكثافة السكانية الضخمة، وتلك غير المحتلة من طرف أعداد عالية من السكان، ويقول أن المشكل متواصل رغم كافة المشاريع والصيغ والجهود والبرامج التي يتم الكشف عنها في كل مرة.

ويؤكد بشير فريك في تصريح لـ”الشروق” أن الحكومات المتعاقبة والأنظمة المتوالية لم تتمكن من تحقيق الأهداف المرجوة في قطاع الإسكان، مصرحا “مردّ ذلك في تقديري إلى تسييس العملية الإسكانية منذ سنة 1999 أي في حقبة النظام السابق، حيث لم نتمكن في تلك الفترة من ضبط خطة وطنية استراتيجية شاملة للإسكان، واعتمدنا أساسا على الإمكانات الخاصة بالدولة، أي التمويل من الخزينة، وجعلنا المواطن يستند فقط إلى الدولة للحصول على سكن”، في حين أنه كان يجب أن يحظى المواطن بدور طرف فاعل في معادلة الإسكان، وفقا للمتحدّث، وهي الورقة التي قال أنها أُهملت في الماضي.

ويشدّد بشير فريك على أنه رغم العودة اليوم، إلى توزيع الأراضي من طرف القائمين على قطاع الإسكان في الجزائر، إلا أن العملية تشمل فقط منطقة الهضاب العليا، متسائلا عن سبب حصرها في بضعة ولايات دون أخرى، داعيا في سياق متصل إلى إعادة بعث برامج التعاونيات العقارية والترقية العقارية، معتبرا أن أسلوب السكن الحالي أحاط المدن الكبرى بالعمارات، خاصة في الشمال، في حين كان يفترض تطبيق مخطط تهيئة الإقليم، الذي تم الكشف عنه منذ 30 سنة، ولكن لم ير التطبيق الفعلي لحد اليوم.

ودعا الوالي السابق أيضا إلى التوجه في مخططات الإسكان المقبلة للهضاب العليا والجنوب، واستحداث تجمعات سكانية أو مدن جديدة بهذه المناطق ووصلها بوسائل النقل والسكك الحديدية ومناطق النشاطات والأراضي الفلاحية، والخروج من العاصمة والمدن الكبرى.

وأردف بشير فريك قائلا: “بلادنا محتلة سكانيا بنسبة 12 بالمائة فقط من مساحة التراب الوطني، وهذا أمر يدعو للحيرة، فلا حل لأزمة الإسكان في الجزائر إلا عبر الخروج من العاصمة”، وذهب أبعد من ذلك، مؤكدا أن مشكل السكن في وهران وقسنطينة والعاصمة ليس نفسه في المدن والولايات الأخرى، ومرد ذلك إلى أننا لم نلجأ إلى استراتيجيات واضحة، لتطبيق مخطط تهيئة الإقليم الذي يبقى الحل الوحيد لمجابهة الوضع الصعب، عبر إشراك المواطن بدل أن يكون مجرد متفرج، إضافة إلى تنويع الصيغ الإسكانية والتوجه مجددا إلى الترقية العقارية الاجتماعية والعمومية، ومنح المرقين مساحات لبناء سكنات للإيجار وليس فقط للبيع، على غرار ما هو متعامل به في الخارج.

ودعا الوالي السابق بشير فريك إلى إنهاء أسلوب الاستنجاد بأموال الخزينة وجلب الشركات من الخارج لبناء شقق وتمليكها للمواطن، لاسيما في ظل الظرف المالي العويص الذي يمر به الاقتصاد الوطني اليوم، وتواجد العديد من الورشات المفتوحة، التي لا تزال تنتظر الاستكمال، والتحوّل إلى مرحلة توزيع العقار وتمكين كل مواطن من إنشاء سكنه بنفسه، وقال “أزمة العقار لا توجد في دولة تتجاوز مساحتها مليوني متر مكعب، ولكن هناك أزمة للراغبين في التمركز بالعاصمة والمدن الكبرى، يجب التوجه إلى الهضاب العليا والجنوب والولايات المهجورة الأخرى”.

وصدر للوالي السابق بشير فريك مؤخرا كتاب جديد تحت عنوان “الإسكان في الجزائر.. إنجازات وإخفاقات”، وهو كتاب من 270 صفحة، يطرح إشكالية الإسكان في الجزائر من حقبة الرومان، إلى المرحلة الحالية، وكيفية مواجهة الأزمة بعد الاستقلال في حقبة مختلف الرؤساء الذين تعاقبوا على الجزائر، ومشاكل التمويل والتوزيع وأسباب تفاقم الوضع وانعكاساته على الأسرة والمجتمع، ونتائج السياسة الإسكانية الحالية، وكيفية مواجهة عصابات الأحياء عبر برامج سكن اجتماعية خاصة، ساهمت بطريقة أو بأخرى في خلق أحياء فوضوية عمودية، كما تضمّن الكتاب فصلا كاملا لمقترحات الخروج من الأزمة.

توقّعات بانخفاض أسعار السكن نسبيا

من جهته، يؤكد رئيس الفيدرالية الوطنية للوكالات العقارية نور الدين مناصري في تصريح لـ”الشروق” أن مضاعفة عدد السكنات المزمع توزيعها بمناسبة احتفالات ذكرى الاستقلال المصادف لتاريخ 5 جويلية من شأنها أن تلعب دورا كبيرا في خفض أسعار السكن بنسبة 10 بالمائة خلال السداسي الثاني للسنة الجارية.

وقال المتحدث أن ارتفاع نسبة العرض سيؤدي بالضرورة إلى تراجع الطلب نسبيا وهو ما سيساهم إلى حد كبير في خفض الأسعار، حيث تلعب السكنات الإجتماعية الموزعة حسبه دورا هاما ورئيسيا في التحكم في أرقام ومعطيات سوق العقار في الجزائر.

للإشارة، يؤكد بيان وزارة السكن والخاص بتوزيع 100 ألف وحدة سكنية بداية من اليوم، أن هذه السكنات تتوزع عبر 53 ولاية، بحصة 18.832 سكن بالجزائر العاصمة و28.548 بوهران و5.996 سكن بقسنطينة و5.630 سكن بسطيف و1.881 سكن بواد سوف و1.317 سكن ببشار و1.328 سكن بورقلة، وأشار ذات البيان إلى أنه سيتم توزيع 58 ألف سكن بصيغة “عدل” و17 ألف سكن بصيغة الإيجاري العمومي، بالإضافة إلى 11 ألف سكن ريفي و4 آلاف سكن بصيغة الترقوي العمومي.

مقالات ذات صلة