-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الخصائص الثلاث للأمة الإسلامية

الخصائص الثلاث للأمة الإسلامية

اجتمعت في الأمة الإسلامية خصائص ثلاث لم تجتمع في أمة قبلها، يقول الله تعالى: “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله” (آل عمران 110). وقد تجلت هذه الخصائص في المجتمع المديني في العهد النبوي واستمرت في الخلافة الراشدة من بعده، ثم بدأ مسلسل الانحدار القيمي في القرون التي أعقبتها وبدأت الأمة الإسلامية تفقد هذه الخصائص واحدة تلو الأخرى حتى غدت في مرحلة من المراحل نسخة من الأمم الأخرى التي لا تعرف معروفا ولا تُنكر منكرا، وأصابت عقيدتَها الإيمانية شوائب كثيرة، وهذه الحالة هي صورة لما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم: “لتتبعنّ سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه”. (رواه الشيخان من حديث أبي سعيد الخدري).

لقد غاب الضمير الأخلاقي والحس الوطني في كثير من  مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة إلى درجة أننا أصبحنا نرى المنكر ولا ننهى عنه ونرى من يحطم المرفق العمومي أو يسبّ الذات الإلهية أو يسب الحضرة النبوية أو يسيء إلى رموز الوطن ولا نحرك ساكنا.

من المؤسف أن تُؤثِر الأمة الإسلامية الراهنة جحر الضب على حياض الإسلام وترتمي في أحضان خصومها وتصبح القيم الأخلاقية والإيمانية عندها تراثا ماضويا متجاوزا عديم الجدوى. لقد كان للتخلي عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر آثارٌ وخيمة على المجتمعات الإسلامية التي استقالت من واجبها الشرعي والقومي في هذا المجال أو كادت فانتشرت في ربوعها جرائم كثيرة تهدد كيانها وتستهدف بيضتها وتقاعست عن المواجهة التي أصبحت بالنسبة لها مَهمَّة صعبة وربما مستحيلة. لقد غاب الضمير الأخلاقي والحس الوطني في كثير من  مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة إلى درجة أننا أصبحنا نرى المنكر ولا ننهى عنه ونرى من يحطم المرفق العمومي أو يسبّ الذات الإلهية أو يسب الحضرة النبوية أو يسيء إلى رموز الوطن ولا نحرك ساكنا.

لقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة مراتب للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحديث الذي رواه مسلم من حديث: “من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان” (رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه). لقد فهم جمهورٌ عريض من شباب الدعوة والصحوة الإسلامية الأمر النبوي بتغيير المنكر باليد فهما خاطئا أو حملوه على معنى التغيير بالقوة الذي يكون -خارج الردع السلطاني- منكرا في حد ذاته، فالقاعدة الأصولية أن من شروط تغيير المنكر ألا يؤدي إلى وقوع منكر أكبر منه. لقد ارتكبت ما يسمى بجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدعوى الانتصار لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم تجاوزاتٍ شرعية كثيرة في حق الأفراد وفي حق المجتمع لأنها لم تدرك المعنى الحقيقي من الأمر النبوي بتغيير المنكر باليد، فاليد هنا لا تعني استخدام القوة الجسمية في تغيير المنكر بل تعني استخدام الحكمة الشخصية في ردع أهل المنكر. وتتحجج ما يسمى بجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتبرير طريقتها الخاطئة في تغيير المنكر بما كان يفعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان له دُرّة يضرب بها كل من يبدر منه فعلٌ مخالف للإسلام، وتقول هذه الجماعات إن التأسي بسيرة عمر والصحابة أمرٌ مرغوب. إنها حجة واهية فما كان يفعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه داخل في مهامه السلطانية وخليفة المسلمين ونائبا عن الأمة وهو سلطان تفتقد إليه هذه الجماعات التي لا تمثل إلا نفسها.

ومن خصائص الأمة الإسلامية الإيمان بالله، وقد تعرّض هذا الإيمان لتشوهات كثيرة بعد أن أصبحت المجتمعات الإسلامية أو أكثرها على الأقل أرضا خصبة لبعض التيارات الدينية والفكرية المخالفة والمعادية للإسلام، والتي لم يفلح الدعاة والمؤسسات الدعوية الإسلامية في مواجهتها، إما لضعف التكوين أو لأنها  تؤمن بأن التحصين الداخلي يغني عن المواجهة وهي في الحقيقة لم تحسن التحصين والتكوين فضلا عن المواجهة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!