-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
" الشروق" في دورية نحو "الغرب" رفقة مصالح الدرك

الدراجة النارية.. أقرب طريق نحو المقبرة!

نوارة باشوش
  • 1150
  • 0
الدراجة النارية.. أقرب طريق نحو المقبرة!

“كاوازاكي نينجا.. دوراتي بانيجيل.. دريفير.. كواي وسكوتور” وغيرها… هي أصناف للدراجات النارية، اكتسحت الشوارع والطرقات الجزائرية من دون منازع، ليس هربا من الازدحام المروري، بل لاستعمالها في تنفيذ جرائم السرقات والخطف ونقل وترويج المخدرات والمهلوسات، نظرا لخفتها وسرعتها في الإفلات من قبضة مصالح الأمن، ناهيك عن المجازر الرهيبة التي تسببها في الطرقات والمسالك الجانبية عن طريق تجاوزات ومناورات مرورية خطيرة، يستعرض أصحابها أساليبهم في المغامرة والمجازفة والتفنن، التي غالبا ما تكون نهايتها مأساوية تودي بحياتهم وحياة غيرهم لا يمكن اعتبارها إلا حالات انتحارية معلنة.
هذه الحقائق، وقفنا عليها خلال مرافقتنا لمصالح الدرك الوطني لولاية وهران، التي أوقفت مع سبق الإصرار والترصد شبابا ومراهقين وحجزت دراجات نارية، بعضها لا يحوز الوثائق، وأخرى مشتبه في ارتكابها جرائم جنائية، من دون أن ننسى هؤلاء الذين يستعملون “الموتو” وسيلة لاستعراض عضلاتهم وقواهم، مسببين حوادث طرقات رهيبة، تصل إلى حصد الأرواح.
وفي هذا السياق، فرضت مصالح الدرك الوطني لولاية وهران رقابة مشددة على أصحاب الدراجات النارية، وهذا تنفيذا لتعليمات قيادة الدرك الوطني والسلطات الولائية القاضية برسم سياسة جزائية خاصة بالتصرفات المتهورة لأصحاب الدراجات النارية، الذين يثيرون الذعر والخوف داخل نفوس مرتادي الشوارع نتيجة الحركات البهلوانية التي يقومون بها أو نتيجة تورطهم في ارتكاب مختلف الجرائم، على غرار الخطف وسرقات الهواتف النقالة وحقائب وحلي النساء المارة في الشوارع أو داخل السيارات التي تفتح نوافذها أثناء الازدحام المروري.

“كوموندوس” لضرب معاقل الإجرام
وقبل أن ننطلق في عملنا الميداني، تم استقبالنا من طرف قائد المجموعة الإقليمية لدرك وهران، العقيد رابح شاوش، الذي قدم لنا بعض التفاصيل عن نوعية الإجرام المنتشر في وهران، باعتبارها من أكبر الولايات، خاصة مع استقطابها لعدد كبير من المصطافين خلال هذه الفترة.
رجال الدرك “بين الالتزامات السيادية والتحديات الوطنية والإقليمية”، هكذا قال لنا العقيد شاوش، الذي شدد على أن ولاية وهران كباقي الولايات الكبرى تنتشر فيها مختلف الشبكات الإجرامية، لاسيما شبكات سرقة السيارات، الترويج والمتاجرة بالمخدرات والأقراص المهلوسة، التزوير واستعمال المزور والدعارة وغيرها من الشبكات، دون أن ننسى حوادث المرور التي تعرف ارتفاعا جنونيا مع كل موسم اصطياف.
وأوضح العقيد شاوش أنه تنفيذا لمخطط القيادة العليا للدرك، فقد أعطينا تعليمات صارمة لجميع الوحدات والتشكيلات والفرق الإقليمية المنتشرة عبر إقليم ولاية وهران، بضرورة محاربة الإجرام المنظم والعام، حفاظا على الاقتصاد الوطني والصحة العمومية والأمن العمومي، مع التركيز على العمل الاستعلاماتي والاستخباراتي، تنتهي بتنظيم مداهمات فجائية للبؤر السوداء المعروفة بالإجرام بهدف توفير الأمن والمحافظة على النظام العام وحماية الأشخاص.
كانت وجهتنا الأولى خلال خرجتنا الميدانية المجموعة الـ9 للتدخل للدرك الوطني، حيث رافقنا في هذه المهمة كل من المقدم عبد القادر بيزيو، رئيس مصلحة الاتصال بقيادة الدرك الوطني والمقدم الهادي بشار رئيس مكتب الاتصال بالقيادة الجهوية الثانية للدرك الوطني بوهران، إلى جانب رئيس مصلحة الشرطة القضائية بالمجموعة الإقليمية لدرك وهران المقدم ادريس هيبي، وعدد من الضباط بعد أن أشرف العقيد رابح شاوش قائد المجموعة الإقليمية لدرك وهران على كل الترتيبات، وفي ساحة المجموعة الـ9 للتدخل، وقفنا على مختلف التشكيلات والفرق العاملة في الميدان للدرك من فرق أمن الطرقات، حماية البيئة، الأحداث، ثنائي سينو تقني، الأمن والتدخل أو ما يعرف بـ”الصاعقة SSI” وغيرها من العناصر التابعة للفرق والكتائب الإقليمية لدرك وهران.
وفي عين المكان أعطى كل من رئيس مصلحة الشرطة القضائية للمجموعة الإقليمية لدرك وهران المقدم هيبي إدريس ورئيس أركان مجموعة الـ98 للتدخل المقدم سليم مصطفاوي، تعليمات صارمة بالتطبيق للقوانين والأنظمة سارية المفعول، كل حسب مجال اختصاصه مع احترام حقوق الإنسان والالتزام المطلق بمواصلة مهمتهم في حماية الأشخاص والممتلكات، مهما كانت الظروف، وإجهاض أي محاولة مريبة تهدف إلى المساس بالأمن والنظام العام، تنفيذا لتعليمات القيادة العليا للدرك الوطني.

“لي شرا موطو.. شرا موتو”
وقبل أن ننطلق رفقة التشكيلات إلى الميدان، وردت مكالمة هاتفية إلى ضباط الدرك من طرف عناصر أمن الطرقات بتوقيف أشخاص وحجز الدراجات على مستوى مفترق الطرق للمنطقة المعروفة بولاية وهران “رأس كاربون” أو “كاب كاربون”، لتدوي صفارة الإنذار وينطلق التشكيل الأمني المسخر تباعا، وبعد أقل من نصف ساعة وصلنا إلى عين المكان، حيث تم حجز أزيد من دراجة نارية، بسبب مخالفات عديدة ارتكبها أصحابها على غرار عدم حيازتهم للوثائق، أو السرعة المفرطة، بالإضافة إلى ظاهرة عدم وضع سائقي الدراجات النارية للخوذة، وكذا عدم حيازة أصحاب الدراجات على شهادة التأمين، أو للاشتباه في تورطهم في أعمال إجرامية.
وفي هذا السياق، أكد لنا قائد سرية أمن الطرقات لدرك وهران المقدم كمال عيدات، أنه تنفيذا لتعليمات والي ولاية وهران، بعد التقارير الأمنية التي وردت إلى مصالحه، فقد فرضنا رقابة مشددة غير مسبوقة على الدراجات النارية، بعد أن تسبب مغامرو الدراجات النارية في حوادث مرور رهيبة عبر الطرقات، كما تبين أيضا أن هذه الدراجات تحولت إلى أداة يستعملها المجرمون في التهريب، ترويج المخدرات، السرقات، حيث يقوم مستخدموها المجهولو الهوية بمهاجمة المارة وسرقة حقائب النساء.
من جهته، أوضح النقيب فؤاد عاشور من أمن الطرقات أن لجوء المنحرفين لاستعمال الدراجات النارية في الخطف والسرقة وكذا بيع المهلوسات وحتى نقل المخدرات باعتبار أنها تدخل وسط السيارات والتسلل عبر الزحمة لتميزها بخصوصية الخفة والسهولة التامة في التحرك والإفلات من مصالح الأمن.
وقد اكتشفنا ونحن بصدد عملنا هذا، انتشار ظاهرة غير قانونية في عملية شراء وبيع الدراجات النارية عن طريق وصل يحرره كاتب عمومي، عوضا عن موثق أو البلدية، كما أوضحت مصادرنا أن التحقيقات والتحريات توصلت إلى عدد كبير من الدراجات النارية المتواجدة حاليا بالجزائر، يتم سرقتها من مختلف الدول الأوروبية كفرنسا، إيطاليا، إسبانيا، ويتم إدخالها بحرا أو برا عبر الحدود الغربية مع المغرب والشرقية مع ليبيا، وتبين أن معظم سائقي هذه الدراجات النارية لا يحوزون رخص السياقة الخاصة بها، وعلى هذا الأساس فرضت مصالح الدرك إجراءات صارمة على أصحاب هذه الدراجات النارية.
وإلى ذلك، تشير الأرقام الرسمية إلى أن الحظيرة الوطنية للدراجات تستوعب أزيد من مليون دراجة نارية، من بينها 400 ألف دراجة، تسير عبر التراب الوطني من دون وثائق، ويفوق حجم محركها 124 ملم مكعب، رغم صدور مرسوم تنفيذي يمنع السير بدراجات نارية يفوق حجم محركها 124 ملم مكعب.
كما تسببت الدراجات في حوادث مرور خطيرة على الطرقات، حسب الأرقام الصادرة عن المركز الوطني للوقاية والأمن، حيث تشكل نسبة 27 بالمائة من مجموع حوادث المرور، إذ تسببت في أزيد من 1200 حادث مرور لتنطبق على أصحاب الدارجات النارية مقولة: “لي شرا موطو.. شرا موتو”.

شاطئ “كورالاز”.. الوجه الخفي للإجرام والدعارة
جرائم، اعتداءات، دعارة، “غبرة”، “الحرقة” كلها جرائم تتصدى لها مصالح الدرك الوطني من دون هوادة في شاطئ “كورالاز”… فلا مجال للخطإ أو التقاعس لأصحاب البذلة الخضراء، لأن تهاونا بسيط أو غفلة واحدة فقط يتسبب في كوارث مأساوية في هذا الشاطئ الذي بالرغم من منظره الساحر وقربه من العمران وما يشهده من الغزو الكبير للمركبات المائية وفي مقدمتها مركبات “الجاتسكي” التي يجوب راكبوها البحر بشكل استعراضي يرسم في لحظات صورا للمتعة وأخرى للخطورة، إلا أنه للأسف تحول إلى “منطقة خطر”، على المصطافين الذين يتزاحمون على هذا الشاطئ ويشكلون خلية نحل لا يمكن أن تخترقها بسبب تزاحم وتلاصق الأشخاص والعائلات… كارثة بكل المقاييس وقفنا عليها في هذا الشاطئ، وما خفي أعظم..؟
ونظرا لكون المنطقة قبلة أيضا لشبكات الدعارة، نظرا للنسيج العمراني الذي يشبه إلى حد بعيد أحياء القصبة بالعاصمة، فإن أصحابها يقومون باستئجار غرف وشقق ليس من أجل السياحة والاستجمام والاستمتاع بأمواج البحر فقط، بل كأوكار لممارسة الفسق والرذيلة، حيث داهمنا رفقة عناصر الدرك بترخيص من وكيل الجمهورية شقتين مشبوهتين، إلا أن النتيجة كانت في تلك اللحظة سلبية، ربما الأمر تم ترتيبه عمدا بعد ورود معلومات إلى أصحاب هذه الشقق عن الانتشار الكثيف لرجال الدرك، فهم عندما يتعلق الأمر بمصالح الأمن، الكل يتحد ويتلاحم، وتترك المنافسة وجمع الأموال المتأتية من بيع الأجساد جانبا.

توقيف 18 شخصا وحجز ألف قرص “صاروخ” في عملية واحدة
وقبل أن نختم عملنا الميداني، وكان الليل قد أسدل ستاره، عرجنا على الكتيبة الإقليمية لدرك عين الترك، بمرافقة قائد الكتيبة الرائد محمد جدو الذي أوضح لنا المخطط الأمني المحكم الذي سطر على مستوى منطقة عين الترك والذي يهدف إلى تهيئه الأجواء الأمنية الضرورية للمواطنين، التي تمكنهم من قضاء موسم اصطياف هادئ في ظل السكينة والطمأنينة، مشيرا إلى تركيز جهود عناصر الكتيبة الإقليمية لدرك عين الترك على الأماكن التي تشهد إقبالا كبيرا على الشواطئ والمركبات السياحية، وأماكن الترفيه والساحات العمومية.
وفي بهو مقر الكتيبة عرض علينا جميع الأشياء المحجوزة من طرف عناصر الدرك، ويتعلق الأمر بـ30 دراجة نارية منها 9 لا تحوز الوثائق، محركي قوارب “سوزوكي” بقوة 115، قارب مطاطي بقوة 150، 13 بخاخة مسيلة للدموع، أسلحة بيضاء من صنف 6.
كما تم حجز 102غ من الكيف المعالج و5.3 من المخدرات الصلبة من نوع الكوكايين، 30 قرصا مهلوسا “اكستازي”، 50 قرصا مهلوسا من نوع “ريفوتريل”، و1040 قرص “بريقابلين” 300 ملغ، كانت موجهة للترويج، مع حجز مبلغ مالي يقدر بـ23 مليون سنتيم، وهو المبلغ الناتج عن عائدات المتاجرة بالمخدرات، حيث أسفرت كل هذه العمليات عن توقيف 12 شخصا سيتم تقديمهم جميعا أمام الجهة القضائية المختصة إقليميا.
إلى ذلك، حضرنا عملية حجز سيارة مسروقة من نوع “كليو”، حيث تم إرجاعها للمعنية وهي امرأة في العقد الخامس، بمقر الكتيبة الإقليمية للدرك التي تنفست الصعداء بعد أن استرجعت سيارتها وثمّنت جهود رجال الدرك على عملهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!