-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الإعلامي عثمان لحياني يكتب:

“الدفرسوار” يا علي

عثمان لحياني
  • 1458
  • 0
“الدفرسوار” يا علي
ح.م

كان آخر لقاء لي معه قبل شهرين في بيروت، التقينا في مناسبة مهنية أقامتها قناة ألمانية، كان واضحا أنه تحمل مشاق السفر إلى بيروت ليس لحضور المناسبة فحسب، ولكن أيضا لتوقيع عقد تعاون كان يستدعي حضوره الرمزي مع مؤسسة إعلامية كبيرة، في التفاصيل قد لا يضيف له هذا العقد شيئا على الصعيد الشخصي، لكنه يضيف للشروق كقناة ومجمع ويوسع هامش الاستفادة المهنية للصحافيين، وصل علي إلى بيروت متعبا وحرصت على أن يلقى العلاج الضروري وقد كان قلقا على صحته، أحسست أن متاعب الصحافة لم تبق للرجل نفسا كما لن تبقي لنا جميعا، رغم أنه كان يبدي من الجلد ما يستطيع.

في بيروت كانت الفرصة متسعة للرجل للحديث، لكن الوضع السياسي المتأزم في البلد وقد كان الوقت نهاية شهر يوليو، فرض نفسه في الحديث، استدعى الأستاذ علي حادثة “ثغرة الدفراسوار” في حرب اكتوبر 1973 والتي تسلل منها الجيش الإسرائيلي للحد من انتصار الجيش المصري ومباغتة الجيش المصري الخامس، وثبت هذا المثال على محاولة السلطة سرقة الحراك الشعبي وأحداث ثغرة فيه للتسلل إليه واستعادة زمام المبادرة، وقال “إذا تمكنوا (يقصد رموز السلطة) من خلق ثغرة دفراسوار جديدة فلن ننعم لا بصحافة حرة ولا بديمقراطية، يجب أن نحرس الحراك والبلد من دفراسوار جديدة”.

يحسب لعلي فضيل موقف ومهنة، فأما الموقف فقد دفع ثمنه سجنا وإرهاقا وضغوطا، منذ اعترض على انقلاب يناير 1992، وانحاز إلى الموقف الذي ثبت التاريخ سلامته، وربما كان هذا الموقف جزءا من متاعب مهنية لاحقة، وأما المهنة فيكفي لعلي أن فتح بيتا مهنيا كبيرا، وبغض النظر عن النجاحات والإخفاقات والمسارات التحريرية المعثرة، فإن الشروق كبيت صحفي كبير جمع قطاعا واسعا من الصحافيين، ومنح جيلا صحفيا فرصة التدريب والتجريب والإنجاز، يفوز الرجل بأن فتح ما أمكن مساحة ولآراء لم تكن تجد في فضاءات أخرى مساحة بوح سياسي وفكري وثقافي مجتمعي، ووفر لمجموعة وطنية تتبنى خطا هوياتيا مساحة كلما ضاقت عليها المساحات الأخرى، وهذا رصيد يبقى مكتوبا لصالح الرجل، أكثر من أي شيء آخر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!