-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
حرق الفرنسيين لمكتبة الجزائر جريمة حضارية يدينها التاريخ

الذاكرة الثقافية في قلب اجتماع اللجنة الرئاسية بباريس هذا الأسبوع

زهية منصر
  • 335
  • 0
الذاكرة الثقافية في قلب اجتماع اللجنة الرئاسية بباريس هذا الأسبوع
أرشيف

تعود يوم السابع من جوان ذكرى حرق المكتبة الوطنية في 1962 لتسقط كل الادعاءات التي ما فتئ الاستعمار يروج لها محاولا الاختباء وراء الوجه الحضاري الذي جاء به، حيث تبقى “جريمة الدولة” التي طالت جزءا من ذاكرة الجزائر شاهدة على الطبيعة الاستيطانية والمهمة الحقيرة للاستعمار الذي حاول بكل الطرق طمس تاريخ وهوية هذا البلد.
ويتزامن الاحتفال بهذا اليوم الذي تم ترسيمه بقرار رئاسي منذ عامين بصفته “يوم المكتبات” مع اجتماع اللجنة الرئاسية للذاكرة في باريس مع نظيرتها الفرنسة، حيث يعتزم الطرف الجزائري طرح الجرائم الثقافية الفرنسية ضمن محور النقاش ومنها جرائم حرق ونهب المكتبات والمخطوطات، بما فيها تلك التي تمتد إلى ما قبل 1830.

وأفاد مصدر مطلع أن الطرف الجزائري يعتزم وضع جرائم تدمير المكتبات الخاصة وخزائن المخطوطات العائلية التي ارتكبها الجيش الفرنسي عند دخوله إلى الجزائر، كون جرائم الثقافة التي لا يتم الحديث عنها عادة مقابل التركيز فقط على الجرائم العسكرية تعتبر أخطر من جرائم السلاح، كونها تستهدف كيان وذاكرة الأمة، حيث أقدم الاستعمار على تدمير أزيد من 400 ألف كتاب، لتبقى هذه الجريمة من أبشع الجرائم المرتكبة ضد ذاكرة الشعوب.
في سياق آخر، اعتبر مختصون أن إقدام الاستعمار الفرنسي على تدمير المكتبة الجامعية هو فعل رمزي ضد الذاكرة الوطنية، وبهذا الصدد قال الطيب ولد لعروسي إن الاستعمار الفرنسي عندما أقدم في اللحظات الأخيرة لتواجده بالجزائر على حرق المكتبة كان يدرك أهمية الكتاب والمكتبة في الذاكرة ووجدان الشعب، لهذا فإن هذا الفعل يشكل جريمة شنعاء لا يمكن أن تسقط بالتقادم.

وأضاف ولد لعروسي لـ”الشروق” انه وبالعودة مثلا لكتاب “المرآة” لحمدان خوجة يضعنا في قلب الحقائق التي تبين الوجه البشع للاستعمار، حيث أشار صاحب الكتاب إلى ما فعله الاستعمار غداة دخوله إلى الجزائر، من خلال الإقدام على حرق المكتبات ونهب خزائن المخطوطات وتحويل المساجد إلى كنائس.

وأوضح المتحدث أن المؤرخين الفرنسيين أنفسهم يعترفون أن فرنسا عندما دخلت إلى الجزائر وجدت تسعين في المائة من الشعب الجزائري يقرأ ويكتب، بينما عندما غادرتها تركت تسعين في المائة من الشعب أميّا، وهذه الحقيقة تعطينا صورة عن المهمة التي جاء الاستعمار من أجلها.

واعتبر ولد لعروسي أن المكتبة الجامعية تمثل واجهة الجزائر، وقد لعبت دورا كبيرا في استقطاب الكثير من المثقفين والمفكرين من أهم الجامعات العالمية لاحتوائها على كتب ومخطوطات ووثائق نادرة، لذا فإن إقدام منظمة اليد الحمراء على حرقها وتدميرها يشكل جريمة حضارية.

وقال المتحدث إن تخصيص يوم وطني لإحياء هذه الذكرى هي لفتة حضارية حميدة ترمي إلى الدفاع عن ذاكرة الأمة، داعيا إلى وجوب الاهتمام وتثمين مخزون المكتبة والعمل على فتح النقاش مع مختصين حول أهميتها، ومن ثمة أهمية المكتبات كواجهة حضارية، فمن المكتبة الجامعية عبر مفكرون وعلماء وأدباء، على غرار سعد الدين بن شنب، الذي كان من أوائل المؤسسين للأدب المقارن وجمال الدين بن شيخ وغيرهم من الذين أصبح لهم فيما بعد باع طويل في الفكر العلمي.
وأردف المتحدث أن الاهتمام برقمنة مخزون المكتبة والتعريف بها وبتاريخها يعتبر واجبا حضاريا يرسخ دور الثقافة عموما والكتب على وجه الخصوص كواجهة لهوية الأمة .

ومن جهتها، اعتبرت زهور ونيسي حرق المكتبة الجامعية جريمة ضد هوية وكيان الأمة وهي جريمة ثقافية وحضارية لا تقل شناعة عن جرائم السلاح والإبادة الجماعية التي مارسها الاستعمار ضد الجزائريين طيلة قرن ونيف من الزمن.
وقالت زهور ونيسي لـ”الشروق” إنها وعدد من شباب جبهة التحرير الوطني والحركة النسائية في تلك الفترة شاركوا في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من كتب ومخطوطات، مؤكدة أنهم كانوا ينتشلون بقايا الكتب المحروقة من دورات المياه والأروقة في مشهد لا يمكن نسيانه، كون المكتبة الجامعية كانت من أهم المكتبات في إفريقيا وربما في العالم، والإقدام على تدميرها هي رسالة من الاستعمار الذي كان يستهدف ذاكرة وكيان الشعب الجزائري.

هذا وتحيي المكتبة الوطنية الجزائرية هذا الخميس “يوم المكتبة” الذي يخلد ذكرى حرق المكتبة الجامعية عبر معرض خاص، حيث قال مدير المكتبة الدكتور منير بهادي إنه يدخل في إطار الاحتفاء بالذاكرة الوطنية، خاصة أن اتفاقية خاصة تربط المكتبة الوطنية بالمكتبة الجامعية لتبادل الوثائق والخبرات في مجال تثمين الذاكرة المكتبية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!