-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قضية بوراوي تنذر بعواقب وخيمة على ملفات عالقة

الذاكرة وزيارة الرئيس تبون لفرنسا في عين الإعصار

محمد مسلم
  • 4971
  • 0
الذاكرة وزيارة الرئيس تبون لفرنسا في عين الإعصار
أرشيف

تؤشر الضربة التي تلقتها العلاقات الجزائرية الفرنسية بعد الإجلاء غير القانوني للرعية الجزائرية، أميرة بوراوي، من قبل المصالح الخاصة الفرنسية، على تضرر العديد من الملفات العالقة بين الطرفين، والتي من بينها ملف الذاكرة الذي يعتبر أولوية بالنسبة لقصر الإيليزي، وكذا الزيارة المرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون إلى باريس في شهر ماي المقبل، فضلا عن غيرهما من المصالح الفرنسية في الجزائر.
الطرف الجزائري عبّر عن غضبه بما يكفي من البيانات والتصريحات، فيما يحاول الجانب الفرنسي لعب ورقة التهدئة على أمل مرور هذه العاصفة الدبلوماسية “بردا وسلاما” على الملفات والقضايا التي تحاول باريس حسمها في القريب العاجل، والتي يبدو أن مصيرها بات أمام نفق مسدود، رغم تأكيد فرانسوا ديلماس، الناطق باسم الخارجية الفرنسية “الكيدورسي”، مواصلة الجانب الفرنسي “تعميق العلاقات الثنائية”.
في مقدمات هذه الملفات، ملف الذاكرة، الذي تنشط عليه لجنة مختلطة مكونة من مؤرخين جزائريين وفرنسيين، والذي جاء نتيجة حرص شخصي من الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي فشل في المحاولة الأولى (طبعة عبد المجيد شيخي ـ بنجامان ستورا-)، فيما تبقى آماله معلقة على اللجنة المختلطة التي يعتقد أنها بدأت في الاشتغال قبل نهاية السنة الماضية.
غير أن التطورات التي طبعت مشهد العلاقات الثنائية منذ نهاية الأسبوع المنصرم، توحي بأن عمل هذه اللجنة بات رهينة للتوتر الدبلوماسي الحالي بين الجزائر وباريس، فمن غير المعقول أن يستمر عمل هذه اللجنة دون تقديم السلطات الفرنسية توضيحات بخصوص تهريب أميرة بوراوي وهي مطلوبة من قبل العدالة الجزائرية، تلقى قبول الطرف الجزائري، وهو أمر يبقى مستبعدا على الأقل في الظرف الراهن.
وبعيدا عن هذه الحادثة، فعمل هذه اللجنة المختلطة كان محل شكوك من الجانب الجزائري منذ البداية، لأن الطرف الفرنسي لم يصارح الجانب الجزائري بهوية قيادة وهيكلة اللجنة المختلطة في شقها الفرنسي، على الرغم من أهمية ذلك بالنسبة لمشروع حساس كهذا. فالجانب الفرنسي لم يكشف عن هوية ممثليه في اللجنة المختلطة، إلا في نهاية شهر جانفي المنصرم، ليس بصفة رسمية وإنما في حوار خص به المؤرخ بنجامان ستورا، يومية “لوموند”، وهو مستجد لم يطلع عليه الطرف الجزائري سوى من الصحيفة ذاتها.
وفي ذلك الحوار كشف بنجامان ستورا عن هوية رئيس اللجنة من الجانب الفرنسي، وكان يتحدث عن شخصه، أما الأمين العام فهو المؤرخ ترامور كيمينور ( Tramor Quemeneur)، وقد كانت المفاجأة كبيرة، عندما تبين أن غالبية أعضاء هذه اللجنة هم من الأقدام السوداء (أي الفرنسيون الذين عاشوا في الجزائر خلال فترة الاحتلال)، الأمر الذي اعتبر من قبل المراقبين حجر عثرة أمام الوصول إلى الغاية ممثلة في تهدئة “حرب الذاكرة”، لأن الأغلبية الساحقة من هذه الفئة لا تزال رهينة أحلام “الجزائر الفرنسية”، وهي تصورات عفا عليها الزمن.
الملف الآخر الذي بات مصيره مجهولا، هي زيارة الرئيس تبون إلى فرنسا، التي باتت محل تساؤلات، لأن نشاطا من هذا القبيل يتطلب تحضيرا مكثفا من قبل الطرفين، في حين أن المسؤول الأول على هذا الملف هو سفير الجزائر بباريس، سعيد موسي، تم استدعاؤه على عجل للتشاور، وليس هناك في الأفق ما يشير إلى قرب عودته إلى سفارته في باريس.
وبالإضافة إلى كل ذلك، هناك منغصات من شأنها أن تزيد الوضع تعقيدا، وهو ما تعلق بتعاطي وسائل الإعلام الفرنسية مع قضية بوراوي، فصحيفة “لوموند” الفرنسية، خصصت صفحتين في عدد السبت للجزائر، حملت انتقادا لوضع حقوق الإنسان والممارسة السياسية، علما أن هذه الصحيفة التي تلعب ورقة الاستقلالية، باتت لسان حال الرئيس ماكرون في بعض القضايا المتعلقة بالجزائر، فهي التي نقلت عنه تصريحاته المسيئة، التي شكك من خلالها في وجود أمة جزائرية قبل 1830، كما أنها هي التي سربت أسماء أعضاء اللجنة المختلطة المكلفة بملف الذاكرة، عن الجانب الفرنسي، الأمر الذي يحيل إلى التشكيك في براءة انتقاداتها للجزائر.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!