-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ثلاث زيارات مرتقبة هذا الشهر

الرئيس تبون يقود الملف الدبلوماسيّ

محمد مسلم
  • 6309
  • 0
الرئيس تبون يقود الملف الدبلوماسيّ

قاد الرئيس عبد المجيد تبون زيارته الملفتة إلى تركيا، وقد وقف على تداعيات غياب الدبلوماسية الجزائرية على المشهد الدولي خلال العقدين الأخيرين، محاولا استدراك ما فات، وذلك بعد نحو سنتين من الهدوء فرضته الجائحة الصحية ممثلة في فيروس كورونا المستجد، الذي اجتاح العالم.

ويعتبر الرئيس هو القاطرة الأولى في الدولة الجمهورية، باعتباره المسؤول الأول على الشؤون الدبلوماسية وفق ما تقرره صلاحياته الدستورية، وهذا يتيح له هامش مناورة واسع في اتخاذ القرارات والتفاعل مع الأحداث الطارئة، على العكس عندما يكون التمثيل أدنى من ذلك.

خلال العقدين الأخيرين، وباستثناء السنوات القليلة الأولى من تلك الحقبة، كانت الدبلوماسية الجزائرية “غائبة” عن المشهدين الإقليمي والدولي، والسبب افتقاد الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، بسبب المرض وأمور أخرى، وقد حاول وزراء الخارجية حينها ملء الفراغ الذي تركه الرئيس على المستوى الخارجي، غير أنهم عجزوا في ذلك، لأن الأحجام والأوزان تختلف، حسب المنصب، وحسب ثقل وحضور الشخصية وكاريزماتيتها.

في الحقبة ذاتها وللسبب السالف ذكره أيضا، خسرت الجزائر الكثير من مواقعها التقليدية في العالم وقلّ حضورها وثقلها، حتى في معقلها في القارة السمراء، ويومها ارتفعت أصوات ضليعة في الشؤون الدبلوماسية والاستراتيجية، محذرة من مخاطر استمرار ذلك الوضع، لكن الأزمات التي كانت تعيشها البلاد أنذاك، ومرض الرئيس حينها، حالت دون التجاوب مع تلك الأصوات التي كانت محقة في الكثير من قراءاتها، إذ من غير المعقول أن لا يزور رئيس جزائري قضى نحو عقدين من الزمن في منصبه، القارة السمراء، الحديقة الخلفية للنفوذ الدبلوماسي الجزائري.

كانت الجزائر ممثلة في المحافل الدولية، في أحسن الأحوال، بالوزير الأول، ومن بعده وزير الشؤون الخارجية، وقد وقف الجميع على وجود ممثلي البلاد في تلك المحافل، في الصف الثاني خلف الرؤساء والملوك، بشخصية مثل الوزير الأول، وحتى في الصف الثالث (كانت القاعدة تقريبا) بوزير الخارجية، وربما أدنى من ذلك، ومثل هذه المشاهد أزاحت الجزائر من الواجهة، بغض النظر، سواء كان السبب هو مرض الرئيس، أو لكونه تقدم في السن، أو لأنه لا يريد القيام بهذه المهمة التي تعتبر من صميم مسؤولياته وليس صلاحياته الدستورية، لأن مصالح البلاد في الرهان.

بالأمس القريب، كانت الجزائر تفكر ألف مرة في الهيئة التي سيظهر عليها رئيس الدولة المقعد على كرسي متحرك، أمام ضيوفه في الجزائر وليس خارجها، وتدار لأجل ذلك التمارين من أجل إظهار الرئيس في أحسن أحواله، وبسبب ذلك، فقد رفض رؤساء دول عظمى زيارة الجزائر بسبب الوضعية الصحية للرئيس، مثل الرئيس الصيني، شين جين بينغ، والمستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، التي عادت أدراجها من مطار هواري بومدين، في مشهد مؤسف، لكن اليوم الوضع مختلف تماما.

وبعد أن انحصرت الجائحة الصحية واستعاد العالم حيويته، يكون الرئيس تبون قد استفاد من هذا المعطى، وهو يسعى اليوم إلى جعله من الماضي، وتعتبر أجندة زياراته المرتقبة خلال الشهر الجاري (تركيا ثم إيطاليا فروسيا)، مؤشرا على أن الممارسات السابقة التي أضرت كثيرا بالمصالح العليا للبلاد سيتم الإقلاع عنها، وهذا من شأنه أن يكسب البلاد امتياز العودة إلى الواجهة واستعادة مكانة الجزائر الحقيقية في المحافل الدولية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!