الجزائر
إثر "إبطال" مفعولها قضائيا.. قانونيون لـ " الشروق":

الرسائل المجهولة ليست دليلا لإدانة مسيرين أبرياء

نادية سليماني
  • 4435
  • 17
ح.م

رحب رجال قانون، بتعليمة رئيس الجمهورية حول إبطال مفعول الرسائل المجهولة، المبلغة عن الفساد، والتي ورطت حسبه إطارات ” نزيهة “، باتهامات عارية من الصحة، مؤكدين بأنه سبق لهم المطالبة بعدم الاعتداد بهذه الرسائل في المحاكم، بعدما ورطت أشخاصا “ضحايا”.

قال المحامي بمجلس قضاء الجزائر، نجيب بيطام لـ “الشروق”، أن ظاهرة الرسائل المجهولة للتبليغ عن الفساد، ظهرت بالجزائر أواخر التسعينات، اثر ما كان يعرف بحملة ” الأيادي البيضاء أو النظيفة “، وساعتها زج بالكثير من إطارات الدولة والمسؤولين بالسجون، وبعد انتهاء التحقيق معهم ” تم تبرئة البعض، بعد قضائهم فترة طويلة رهن الحبس، مع ما سبّبه الأمر من ضرر لسمعتهم ولعائلاتهم “.

ليؤكد المحامي، أن جميع الحقوقيين بالجزائر ودون استثناء، لطالما نددوا بالمتابعات القضائية، التي تنطلق من رسائل مجهولة، معتبرينها “إجراء غير قانوني وغير سليم”.

وتعليمة الرئيس، حسب قول بيطام، قد تبعث الطمأنينة لدى المسؤولين والمسيرين، ولكنهم قد يفهمون خطئا بأنهم أحرار في ارتكاب التجاوزات، حيث قال “الرئيس أعطى بدائل للمُبلغين عن الفساد، ومنها لجوءهم الى تبليغ النيابة العامة أو مصالح الامن، أو هيئات مكافحة الفساد”. كما أتاح رئيس الجمهورية، آلية جديدة للتبليغ ” لم تكن مرسمة في الجزائر، وهي إخطار وسائل الإعلام، والتي يكرس الدستور الحماية لها “.

وقال المحامي، من لديه معلومات عن الفساد، بإمكانه الآن، تبليغ إحدى وسائل الإعلام، شرط الابتعاد عن التشهير، كما تُلزم الوسيلة الإعلامية بالتحري والتأكد من المعلومة، و يضمن القانون للصحفي التكتم عن مصدره، ولكن تتحمل الوسيلة الإعلامية مسؤوليتها في حال نشرها معلومات كاذبة.

ويقترح محدثنا، إضافة آلية لهيئة الشفافية لتعويض الرسائل المجهولة، تتمثل في وضع رقم أخضر للتبليغ عن جرائم الفساد، يضمن سرية الشخص المبلغ، والحماية له ” وان كان قانون مكافحة الفساد 06/01 ينص على آليات وإجراءات حماية الشهود والمبلغين “.

كما ثمن رجل القانون، تشخيص الرئيس لأنواع أخطاء التسيير ” بين سوء التسيير الناجم عن نقص الخبرة والكفاءة، والتي يتعرض صاحبها للعقاب الإداري بدل القضائي، وبين تعمد الإضرار بالمؤسسات”.

وأضاف أن التعليمة ” جاءت في وقتها، لبعث الطمأنينة في نفوس مسيري المؤسسات الاقتصادية وخاصة بالمؤسسات البنكية والمالية، فيعملون بأريحية، وفي الوقت نفسه، هي بمثابة تحذير لهم” على حد قوله.

وبدوره أكد المحامي،عمار خبابة ، أن الرسائل المجهولة في القضاء، هي ممارسة موجودة ” لها وعليها ” ،فإذا وقعت، حسبه، بين أيادي أمينة، سواء لدى الضبطية القضائية، أو أي جهة قضائية لها حق الاتهام، وتعاملت مع هذه الرسالة معاملة قانونية ” فان الأمر يعدو عاديا، لان الرسالة المجهولة هي بمثابة بلاغ عن الوقائع، فتتحرك الضبطية أو النيابة العامة، للبحث والتحري، بجميع الوسائل المتاحة للوصول الى صدقية هذه الوقائع، وقد يتم صرف النظر عن الرسالة بعد التحري حول ملابساتها “، أما أن يعامل، حسبه، المشتكى منه في الرسالة المجهولة، ويستدعى دون التعرض الى الملابسات “…فربما قد يُعنف او يُضغط عليه، ليدلي بتصريحات تحت التخويف، وتصبح الرسالة بمثابة الدليل، ويقدم الشخص للمحاكمة ويعاقب.. وهو لم يرتكب هذه الوقائع..فهذا أمر خطير جدا وغير مقبول “.

وتأسف محدثنا، لكون كثير من اطارات الدولة والموظفين، جرى حبسهم وطردهم من مناصبهم، بسبب رسالة مجهولة، تبين لاحقا أنها كاذبة،وحسبه، اعتماد جهات التحقيق للرسائل المجهولة كوسيلة إدانة أو دليل ” هو ضرب لقرينة البراءة ومس بالضمانات وحرية الأشخاص..وليس أحسن من تقدم شخص للتبليغ عن الفساد أو سوء التسيير مكشوف الوجه، وعلى الدولة حمايته ” .

مقالات ذات صلة