-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الرسائل المجهولة.. ما لها وما عليها!

قادة بن عمار
  • 3984
  • 13
الرسائل المجهولة.. ما لها وما عليها!
ح.م

قرار السلطة مؤخرا بمنع الرسائل المجهولة من التبليغ عن الفساد وفضائح التسيير، له مبرراته الواقعية، لكنه ما يزال حتى الآن، بحاجة إلى شرح دقيق ومفصّل، وإلى متابعة حثيثة للأصل فيه، والأصل هنا يتمثل في محاربة الفساد ووقف مظاهره، وما الرسائل المجهولة إلاّ وسيلة قد يُعاد النظرُ فيها أو استبدالها.

وممّا لا شك فيه، أن السلطة نفسها تواجه معادلة صعبة بهذا الخصوص، فهي لا تريد من جهة للرسائل المجهولة أن تتحوّل إلى ثقافة لتصفية الحسابات أو لتعطيل المصالح العامة، ومن جهة ثانية، فهي تدرك أن الكثير ممّن اتبعوا هذا الأسلوب، لم يجدوا أفضل منه خوفا من طردهم من مناصبهم، أو لعدم توفّر الحماية القانونية لهم، وقد ساهموا فعليا في كشف العديد من القضايا والفضائح، فما الحلّ إذن؟

كيف يمكن معالجة كثرة الرسائل المجهولة، دون السقوط في فخّ التحريض المجاني، أو تشويه السمعة، أو استعمالها من طرف البعض كـ”حق يراد به باطل”؟ ثم ما هو البديل الحقيقي هنا؟ وهل يضمن هذا البديل، حماية الشهود، وتوفير التغطية القانونية والأمنية للمبلّغين عن الفساد أم لا؟

تستند التعليمة الرئاسية الأخيرة إلى الوضع المعقَّد الذي باتت تعانيه الكثير من الإطارات السامية في البلاد، ممّن شلتهم الشكاوى الكثيرة والبلاغات المستمرة عن أداء مهامهم، إذ أظهرت بعض التحقيقات أن عدّة مشاريع باتت متوقفة بسبب توقيعٍ هنا أو مصادقة هناك، نظرا للمخاوف الكبيرة من تُهم التشكيك والتخوين وسوء التسيير، وربما ساهمت أيضا مشاهد المسؤولين الكبار وهم يُساقون إلى المحاكم والسجون في الأشهر الأخيرة، بمضاعفة تلك المخاوف، وقد أدركت الجهات العليا في البلاد هذا الأمر، فقرّرت وضع حدّ لهذا المناخ الطارد للكفاءة، والناشر لثقافة تصفية الحسابات والانتقام، لكن في الوقت ذاته، فإنّ الرسائل المجهولة، وإن كانت كيدية لدى البعض، فهي لدى آخرين، تمثل متنِّفسا لمواجهة الفساد، بعد ما تحوّل هذا الأخير، إلى غول حقيقي، وتمت مأسستُه ليصبح دولة داخل الدولة.

الرسائل المجهولة ستتوقف تلقائيا إذا ما تمّ تفعيل القوانين لتصبح شفَّافة أكثر، مع ضمان استقلالية حقيقية للعدالة، وستتوقف أيضا، إذا ما تم مراجعة دور الإعلام ودفعه لاستعادة وظيفته الأساسية في كشف الحقيقة، واسترجاع دوره المهني المنشود في الحصول على المعلومة ونشرها بعد التأكُّد منها، والملاحظ أنّ الرئيس تبون وهو يأمر بوضع حدّ للرسائل المجهولة، دعا أصحابها إلى التوجُّه مباشرة إلى وسائل الإعلام وفضح المتلاعبين بالاقتصاد الوطني، ولم يذكر جهاتٍ أخرى ومن بينها تلك التي تأسست مؤخرا… كـ”وسيط الجمهورية” مثلا!

لكن وبغضّ النظر عن الجهة المخوَّلة باستقبال الشكاوى، فإنّ السؤال الملّح هو: هل ستوفر تلك الجهة الحماية للمبلّغين؟ ومن يضمن عدم متابعتهم قضائيا لمجرّد غياب دليل مادي وقوي؟

المؤكد أن السلطة تريد مراجعة شاملة وقريبة لمنظومة مكافحة الفساد ككل، وقد قالها وزير العدل بلقاسم زغماتي أكثر من مرة، مشيرا إلى أنه “من غير اللائق محاربة الفاسدين الكبار على أساس جنح لا جنايات”، أمرٌ إن تم إصلاحُه فعلا، وبشكل نهائي وصحيح، فسيدفع المواطنَ لا محالة، إلى استعادة بعض ثقته في مؤسسات الدولة، وحينها، لن يحتاج إلى الاختفاء وراء رسالةٍ مجهولة للتبليغ عن رشوة أو اختلاس، بل ستصبح مكافحة الفساد شرفا مبنيا للمعلوم، وصاحبه محميا بالقانون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
13
  • أنا جزائري إذاً أنا أمازيغي

    إلى المعلق أنا جزائري (إذن) أنا جزائري
    أولا: من خلال الإسم فأنت مع تجسيد شعار الجزائر جزائرية لا غربية ولا شرقية الذي رفعه بن مهيدي و عبان.
    ثانيا: بالنسبة لكتابة " إذا" في المصحف كُتِبت فيه بالتنوين (إذًا)، ولم تُكتَب أبدًا بالنون (إذَن)..
    ثالثا: الآية الكريمة التي أستدليت بها تقول "تبينوا "، وفتح تحقيق وتحري إداري يعتبر تبين فليس هناك اتهام فهو مجرد تحقيق فقط ففي حالة وجود فساد تحال القضية للقضاء وفي الحالة العكس نكون قد أخضعنا المسيؤين لرقابة دورية حتى لا تسول لهم أنفسهم بسرقة أموال الشعب ...

  • Yacine

    و لذلك نطلب من المسؤولين عدم الاخذ بالرسائل المجهولة لان محاربة الفساد لن تنجح بالرسائل المجهولة و اتباع طرق أخرى و سن قوانين جديدة تسهل ذلك كحماية الشهود و مبلغي الفساد و حتى مكافاتهم ماديا و معنويا و تشديد العقوبات ضد من يهددون المبلغين و الشهود و تعميم استعمال التكنولوجيا في مكافحة الفساد ك التنصت و التصوير و تسجيل المكالمات و غيرها مع تسهيل تكوين الادلة بكل الطرق المتاحة حينها لن يقبل لا الموظف حتى كأس ماء من عند المواطن خوفا من اتهامه راينا مسؤولين لا يستقبلون مقاول او تاجر في مكاتبهم الا بإحضار موظف كشاهد لان البعض يمكنهم وضع مبلغ مالي في مكتب موظف في غفلة من الموظف و يبلغ عن ذلك كيديا

  • Yacine

    ولما غير القانون و شددت العقوبات لم يعجب الكثيرين لانهم يظنون ان الحل في ضرب الطبيب و الممرض اي قانون الغاب أصبح شرعي و أصبحنا نتهم كل شيئ الأطباء الممرضين المعلمين الموظفين الشرطي البلديات عمال البريد كل شيئ و نسبنا انهم مواطنون جزائريون اذن الحل ليس في اتهام الكل للكل و الحل هو في تغيير القوانين بصفة عامة و ذلك يتم تدريجيا و لن يكون في ظرف ٧ أشهر و الرسائل المجهولة لم تحل مشكلة الفساد بل نتائجها ستكون وخيمة و مشجعة للفساد وستقضي على اي إطار نزيه خاصة في ظل عدم التفرقة بين الخطأ المهني و الجزائي و يجب دراسة الموضوع في العمق و في الميدان و بموضوعية و ليس من زاوية شخصية و انفرادية

  • Yacine

    الرسائل المجهولة ليست حلا و لا يمكن اعتبرها حلا حتى في ظل غياب أطر قانونية و اجرائية ناجعة لحماية المبلغ لان الوضع الحالي لا يعطي ضمانات للمبلغ و للمبلغ عنه أي الاثنين على حد سواء لان تكريس ثقافة الرسائل المجهولة تفتح الباب أمام أمور خطيرة جدا و قد تؤدي إلى زيادة و تفشي الفساد بمعنى من يملك سلطة التحري في الفساد اذا كان فاسدا سيستعملها ضد الفاسد ليستنفع هو مما سيسهل اكثر الفساد بل اصبحت أداة في بعض الأحيان ضد الإطارات النزيهة التي تقاوم الفساد لانه لم يتم الفصل و التفريق بين الخطأ المهني في التسيير و الفساد ليس هكذا نحل مشكلة الفساد مثل قطاع الصحة وجدنا الحل العجيب في الاعتداء و ضرب الأطباء

  • أنا جزائري (إذن) أنا جزائري

    لقد حدد الشرع موقفه في هذا الموضع بآية صريحة:
    قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)

  • المتمرس

    يعني غلق ملف الفساد نهائيا

  • elarabi ahmed

    قرار السلطة فى موضوع رسائل التبليغ عن الفساد لاتتحدث عن حماية المبلغين قانونيا ولم تضع اطار قنونيا لدلك .الدى يفهم من قرار السلطة هو أن السلطة فى مكان آخر

  • Mhammed zeggaoui

    الرسائل المجهولة وسيلة هامة لمحاربة الفساد خاصتا عندما يجد المبلغ نفسه مهددا في ماله او نفسه ودون اية حماية ثم ان هذا النوع من التبليغات لا يضر المشاريع في شيئ كما يروج له فما هي الا عملية فتح تحقيق للتاكد من الوضع فان لم يجد المحققون شيئ عاد الامر الى حاله زفي نفس الوقت يردع الفاسد اين ماكان

  • جزايري حر

    الصواب في ٍرأيي مع الأخ صاحب التعليق الأول، اليوم لايجرؤ المواطن حتى على التبليغ عن المجرمين الصغار لسطوتهم وتغولهم دون رادع ، فكيف الحال مع الحوت الكبير ،
    نعم للرسائل المجهولة ... وفتح تحقيق لا ضرر فيه على أحد .

  • العربي

    الرسائل المجهولة حلّها ان شاء الله سهل ميسر يحتاج إلى ارادة وصرامة :
    نحن مسلمين وديننا يأمرنا بـالبينة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} وحديث النبي صلى الله عليه وسلم "لو يُعْطَى الناسُ بدعواهم لادَّعى رجالٌ أموالَ قومٍ ودماءَهم ، ولكن البينةُ على المُدَّعي واليمينُ على من أنكرَ"
    1- فمن ثبتت محتوى الرسالة بالدليل واجب على السلطة توفير حماية قانونية لصاحب الرسالة ان عرف
    2- الرسائل الكاذبة المفضوحة يعاقب صاحبها ان عرف أو ترمى في المهملات
    هكذا يردع الكذابون.

  • نمام

    الغاء الرسائل المجهولة لن يخدم مخاربة الجريمة الاقتصادية والتعسف الاداري لان الامن قديخسر جانبا من مصادر معلوماته و اخطاره لان المبلغ قد يكون مخلصا لوطنه و يخشى الاجراءات الثقيلة و الطويلة و الانتظار في المخابر لذا نرجو ان النص لا يتحول الى قرار قانوني لان قد تكون في مصلحة الامن وقد يستغل النص ويشجع اطرافا على مواصلات التجاوزات تحت هذا الاجراء وان يقصي على الخوف و يحرر المبادرة ولكن نرجو ان لا يكون تصفية حساب بدعوى رجال النظام السابق فهؤلاء كانوا تحت ظل قائد تمركزت الدولة حول عصابة مافياوية تناسلت تحت سيطرة السلطة و المال مجموعات وافراد لهم صلاحيات سياسية قمعت المبادرة الفردية والجماعية

  • جلال

    قد لا يملك المبلغ عن الفساد الدلائل المادية وقد تكون الرسائل المجهولة نوعا من الإنتقام وتصفية الحسابات وأكبر الظن هو عدم توفر الحماية القانونية للمبلغ وللشهود بل لا يزال هناك خوف عند الناس من التبليغ إذ لا زلنا نتذكر كيف كان في عهود سابقة تعامل أجهزة الأمن مع المبلغين حيث قد يضرب أو يتهكم عليه في أقسام الشرطة ولكن التبليغ أو الرسائل المجهولة ليست في حد ذاتها اتهام وفي تقديري يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار ويحقق في الموضوع عن طريق الأجهزة المخولة لذلك بوسائلها الخاصة التي تملكها دون المساس بشرف الناس الى أن يثبت الجرم حسب مقولة المتهم برئ

  • أنا جزائري إذاً أنا أمازيغي

    الرسائل المحهولة عبارة عن وسلية هامة لمكاغحة الفساد ولا تشكل أي خطر على المسؤول النزيه إذ أن التبليغ عن أي كان بهذه الوسيلة لا يجعله عرضة للمسائلة القضائية بصفة تلقائية وإنما يفتح تحقيق إداري من أجهزة المراقبة الإدارية الكثيرة ثم إن كان خلل وفساد تحال القضية على القضاء و إذا كانت النتائج سلبية نكون قد أخضعنا المسيرين لرقابة حتى لا يفكروا في سرقة أموال الشعب ...