-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مرضى يتقربون من الممرضين والقابلات والمنظفات للعلاج

“الرشوة البيضاء” للظفر بالرعاية الصحية في عز الإضراب!

زهيرة مجراب
  • 1336
  • 11
“الرشوة البيضاء” للظفر بالرعاية الصحية في عز الإضراب!
ح.م

يستدعي الدخول لمؤسسة استشفائية عمومية للعلاج تخصيص إمكانيات مادية معتبرة، فالمراد من هذا المال ليس استخدامه في التحاليل والأشعة وشراء الأدوية، بل تقديمها كقرابين ورشاوى بيضاء للمرضين والقابلات وحتى عاملات النظافة كي يحضوا بالعناية والرعاية الضرورية وتصلهم جرعات الدواء في المواعيد المحددة، خاصة أيام الإضراب التي تعرف فيها المستشفيات تراجعا رهيبا في الخدمات الصحية والتكفل بالمرضى.
يطلقون عليها “قرابين”، “رشوة”، “محبة خاطر” وهي ليست نابعة من خاطرهم بل مرغمين عليها، لعلهم يظفرون بشيء من الاهتمام والرعاية و”الكرامة” التي يحظى بها نظيرهم من المرضى في باقي مستشفيات العالم. قصص كثيرة ومواقف أخرى عايشناها وشاهدناها بأم أعيننا وتجاوزات خطيرة في مستشفيات يعلم الجميع خباياها.
“ملاك الرحمة” تقيس الضغط بالهدايا
تحكي لنا إحدى السيدات عن دخولها أحد مستشفيات العاصمة، للعلاج فتفاجأت بالجفاء الذي تواجهه به الممرضات، ففي كل مرة تنادي فيها إحداهن لتذكرها بموعد الدواء أو تطلب منها قياس ضغطها لا ترد عليها، في حين تهرول ذات الممرضة راكضة صوب المريضة التي ترقد بجانبها، وفي إحدى المرات استعانت بها كي تتوسط لها عند “ملاك الرحمة” لتقدم لها مسكن الألم، لتطلعها شريكتها في الغرفة عن سر اهتمام الممرضات بها، والذي يكمن في منحهن هدايا ومبالغ مالية في كل مرة تدخل فيها للمستشفى، بحكم إصابتها بمرض مزمن وتتلقى العلاج كل ثلاثة أشهر.

قارورة عطر لتمسح المنظفة الغرفة

نفس القصة تكررت في مستشفى آخر مع أبطال آخرين، تقول لنا إحدى السيدات ابنتها الصغيرة مصابة بداء خبيث، عن معاملة إحدى عاملات النظافة الفظة لها، ففي كل مرة تطلب منها تنظيف الغرفة ترفض مسحها بحجة أنها تعرف وظيفتها وليست بحاجة لمن يأمرها، وفي إحدى المرات دخلت القاعة وكانت السيدة ترش العطر فأعجبها فمنحتها لها لتتغير معاملتها معها ويصبح تنظيف الغرفة جزء من مهمتها.

الغذاء مقابل الرعاية والدواء

وقد لا يخطر على بال أحد ولا يصدقه عقل أن الرشوة قد تكون عبارة عن قارورة عطر أو حتى وجبة غذاء، فإحدى السيدات تقول دخلت والدتي المستشفى وكنت معها كمرافقة مريضة، ولأن والدتي تمكث قرابة 20 يوما أكون مرغمة على المكوث معها ومراقبة دوائها، وهناك تفطنت لحيلة منحهن بعض الهدايا والطعام، وهو ما جعل والدتي محل اهتمام الجميع حتى في غيابي.

“الطبيخة” للحصول على سرير ووسادة

واستطاعت إحدى السيدات تليين منظفة كانت تعاملها بقسوة بمنحها جزءا من طعامهم، ففي المرة الأولى قدمت لها طبق “الطبيخة” بالفول والجلبانة وتجمع لها الياغورت و”الكرواسون” من عند المرضى الذين يرفضون تناوله، لتمنحها بعدها وسادة وسرير وبعض الأغطية.
“بيجامة” لتوليد حامل
ولا يخفى على أحد أن هذه القرابين باتت أكثر من مطلوبة في مصالح الولادة كي تضع الحامل جنينها في ظروف عادية، تقول إحدى السيدات رفضت ذكر اسمها أم لأربعة أطفال، في مستشفياتنا فقد كابدت الويلات خلال وضعها جنينها الثاني وشارفت على الولادة بمفردها أمام مرأى القابلات اللواتي رفضن التدخل ومد يد العون لها، ولما فقدت وعيها تدخلت إحدى القابلات، وهي صغيرة في السن لتنقذها وجنينها، وكعرفان لها أطلقت اسمها “نادية” على ابنتها ومنحتها “بيجامة” جديدة كنوع من العرفان ليصبح تقليدا سائدا في كل ولادة تحمل فيها الملابس هدية لهن.

هدايا الحج لتسريع عملية الولادة

أما سيدة أخرى تملك خبرة كبيرة في عالم “المستشفيات الجزائرية”، عندما توجهت للولادة حملت معها حقيبة إضافية تحتوي على هدايا وتذكارات جلبتها لها حماتها خصيصا من البقاع المقدسة بعد أدائها فريضة العمرة عبارة عن مسك، خمارات، مسابح، ماء زمزم، فمرت ولادتها بسلام، وظلت غالبية الممرضات والقابلات يترددن على غرفتها ليسألن عن حالتها وحال ابنها بل وجلبت لها المنظفة “تيزانة”.

3000 دج للقابلة زيادة على أجر “الدولة”

في حين أخذت القرابين في ولاية عين الدفلى منحى آخر وخطير، فالسيدة الحامل مضطرة لمنح 3 آلاف دينار جزائري للقابلة مقابل كل عملية ولادة زيادة على راتبها الشهري الذي تتقاضاه من “الدولة”، وفي حال تم منحها مبلغا أقل ولو بـ 200 دج فستلقى الحامل معاملة سيئة وتتحول ولادتها إلى جحيم.

قفة للنفساء وأخرى للقابلة

وفي نفس الولاية السابقة ترغم عائلات الحوامل على جلب قفتين إحداهما للنفساء، والثانية للقابلة المشرفة عليها كي يمنح لها ولمولودها سريرا، وتخضع للفحص من قبل الطبيبة النسائية ولا تنقطع حركة الممرضات على غرفتها.

المال لزيارة المرضى خارج المواعيد

ويبدو أن الداخل للمستشفى مضطر لدفع القرابين بداية من أعوان الحراسة، فبعض أهالي المرضى القادمين من ولايات داخلية مرغمون على دفع المال كي يسمح لهم بالدخول للمستشفى لزيارة مريضهم خارج مواعيد الزيارات.

قفة الزائرين غنيمة للحراس والممرضين

أما إحدى السيدات جاءت من ولاية جيجل، فقدمت علبة عسل من الحجم الصغير للممرضة حتى تسمح لها بالمبيت مع والدتها المريضة، فيما تعد قارورة زيت الزيتون، الرفيس، البراج جزءا من الهدايا اليومية يستعينون بها للدخول والخروج من مستشفياتنا.
ما سردناه هي قصص واقعية أجبر أصحابها على سردها دون ذكر أسمائهم خوفا على ما قد يلقونه عند عودتهم للمستشفيات، لكن كل هذه التجاوزات يعلمها الجميع وتحدث داخل المستشفيات جهارا نهارا أمام أنظار المسؤولين والأطباء والمختصين ووسط صمتهم ورفضهم تقييد شكاوى المواطنين.

الوناس غاشي الأمين العام للنقابة الوطنية لشبه الطبي يؤكد:
“الرشوة البيضاء” عقلية سائدة لدى الجزائريين

أرجع الوناس غاشي، الأمين العام للنقابة الوطنية لشبه الطبي ظاهرة “الرشوة البيضاء” في قطاع الصحة إلى العقلية السائدة لدى أغلب الجزائريين والمتوارثة عبر السنين، غير أن المتحدث قلّل من شأنها ومن انتشارها عبر مختلف المؤسسات الصحية، حيث أكّد أنها لا تتعدى 1 بالمائة وهي نسبة ضعيفة جدا.
غاشي نفى تورط الممرضين والكادر شبه الطبي في هذا النوع من الممارسات التي ألصقها ببعض الأعوان والمنظفات الذين قد يقودهم الطمع إلى قبول هدايا أو مبالغ مالية رمزية مقابل خدمات بسيطة لا علاقة لهم بها أساسا، موضحا أنّ الممرضين غارقون في العمل ولا يلتفتون إلى هذه الأمور.
واعترف ممثل شبه الطبي بتحويل العديد من الأعوان نحو مصالح أخرى بعد ثبوت تورطهم في هذه القضايا التي تفقد العون هيبته، علما أنّها مسائل غير مقبولة ومرفوضة جملة وتفصيلا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
11
  • مواطن

    هم ليسوا بملائكة ولكن عمال مثلكم وعمال اي مؤسسة فيها المليح و الدني

  • كاره

    ارأيتم لماذا كنت اقول ان ما لم يفعله الصهاينة لفلسطينين فعله هؤلاء اشباه مسلمين وهم دواعش واليهود والنصارى اسيادهم لن يصلوا هؤلاء المأزر البيضاء لترابهم في الرحمة والانسانية وسيدخلون الجنة لو اعلنوا اسلامهم بينما تصرفات الاطباء يبعثون الصورة مشوهة للاسلام حتى فرنسي طبيب الذي زار الجزائر عرف عيوبكم قال لمريض فحصه بإسراع في ذهاب لفرنسا لانه محتاج لعملية الجراحية في دماغه وبجزائر اطباء قالوا له ابتعد عن الشمس واعطوه له doliprane فكيف يكون عندنا صحة حتى اصبح منا يذهب لتونس وحتى صحة قطاع غزة ارقى منا وفقط لان اصبح ابسط حيويات برشوة وهؤلاء مأزر البيضاء يقولونا مظلومون بل انتم ظالمون بيكم وحكومة معا

  • شخص

    الرشوة في القانون هي ركنين الراشي الذي يعطي الرشوة والمرتشي الذي يقبلها وهم الاثنين مشاركان في جريمة الرشوة

  • المعز لدين الله

    الفساد يبدا مالشعب لينتهي الى السلطة والحل في الأية الكريمة : إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ[الرعد:11]
    لقد ابتعدنا عن ديننا فانعدم الخير من قلوبنا فاللهم ردنا اليك ردل جميلا

  • yacine

    الى متى تواصلون تبرئة المواطن و هو السبب الاول في مثل هذه الظواهر و هو المبادر لهذه الامور و انا لا اعتقد ان زملائي الشبه طبيين متورطين لهذا الحد قد تكون حالات منفردة شخصيا لم اشهد اي منها اما بقية العمال فلا يمكن مواجهتهم فانهم يستطيعون تحويل عملك الى جحيم فهذا مشكل بين المريض و الادارة لا تدخلونا في هذه الامور فلا يمكن للطبيب النزول الى هذا المستوى اللي عندو مشكل مماثل فليتوجه للادارة لا علاقة للطبيب بالامر على الادارة تحمل مسؤوليتها ليست مهمتها فقط زبر اجور الاطباء لان دوام هذا الحال من المحال

  • العباسي

    هاته الضاهره ليست جديده عندها مده طويله

  • محمد

    السوسيال يبقى سوسيال

  • tayeb

    et medcin

  • عمر

    لو تعلمون الأجر الحقيقي عند علاج هاؤلاء المرضى لما أضربتم عن العمل دقيقة واحدة
    فاتقو الله و عودو الى عملكم فأرواح هاؤلاء المرضى ستقتص منكم يوم تلقون الله

  • fouzia

    سلام هذه مش عقلية سائدة في الجزائريين بل عمل مجبريين عليه لانعدام الرحمة ولا للتعميم

  • MOHDZ

    حسبنا الله و نعم الوكيل فيكم يا أشباه الأطباء منعدمي الكفاءة و منعدمي الّإنسانية و الضمير المهني .. و يا عمال قطاع الصحة الفاسدين بدون رحمة ولا إنسانية ... حسبنا الله و نعم الوكيل فيكم.