-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ذوو الهمم بإمكانهم الحجز ومعرفة المواقع المهيأة لهم عبر تطبيقات خاصة

الرقمنة تمهد الطريق لخلق “سياحة إنسانية” بالجزائر

راضية مرباح
  • 952
  • 0
الرقمنة تمهد الطريق لخلق “سياحة إنسانية” بالجزائر
أرشيف

قد تبادرك أسئلة كيف يقضي ذوي الهمم وأصحاب الاحتياجات الخاصة أوقات فراغهم وعطلهم كبقية الأصحاء؟ وهل تتقبل وكالات السياحة والأسفار حجوزاتهم عن بعد ودون عناء أو بالتقرب إليها؟ والأكثر من ذلك، هل يجد هؤلاء مواقع ومرافق سياحية مهيأة بالشكل الذي تفرضه حالتهم دون اصطحاب مرافق لهم؟ وكيف يتمكن المعاق من إيجاد ما يبحث عنه مقابل قدراته المادية والنفسية والصحية؟
كلها أسئلة وأخرى، فكرت جميلة ثوابت في تحويلها إلى واقع، يبسط الصعب لأولئك الذين يبحثون عن الترفيه لحاجتهم الماسة لذلك، لأنهم في الأول والأخير، أسارى لحالتهم الصحية.. ولأن المعاقين يحق لهم ما يحق لغيرهم من الاستمتاع بالسفر والسياحة، تمكنت جميلة تلك المرأة الحديدية التي ورغم إعاقتها الجسدية، أن تُدخل هذه الفئة في قاموس الرقمنة بالجزائر من خلال إنشاء أول تطبيق يحمل اسم “اوندي تور”، “handitour”، يساعد المعاق على تسجيل عضويته والبحث عن مواقع الترفيه والسياحة المهيأة جوانبها لأجله، وذلك على حسب ما تقتضيه حالته المالية والجسدية، بالضغط على الزر المناسب حسب اختياره..

رفع التحدي ..HANDITOUR
تمكنت جميلة ثوابت، من رفع التحدي بالوصول إلى المراحل الأخير من تحقيق مشروعها أولا ثم حلم أقرانها المعاقين، بمشاركتهم عالم الأصحاء في البحث عن المتعة والترفيه وقضاء العطل جنبا إلى جنب دون أدنى تمييز، بهدف إدخال الفرحة والبهجة في قلوب هؤلاء ومساعدتهم، بدعمهم للتغلب على التحديات التي تواجههم على اعتبارهم شريحة كبيرة من السياح، تفوق المليون معاق عبر الوطن، تقتضي حالتهم معاملة خاصة ورعاية معينة قد تكون كبداية لتعبيد الطريق نحو الإعلان عن “سياحة إنسانية” بالجزائر كقانون لمنع التمييز ضد الإعاقة أو ما يصطلح عليه بالانجليزية بـ”السياحة المتاحة أو الميَسرة”.. تقول في هذا الشأن جميلة لـ”الشروق” التي تعتبر أكبر مثال للمرأة القوية بعدما استطاعت من خلال تجاربها ومشاركاتها للجمعيات المهتمة بشان المعاقين، بالعمل على إيجاد مختلف الصيغ لتعليمهم اللغات، الحرف والإعلام الآلي لأجل تنمية قدراتهم، ضمانا للاعتماد على أنفسهم وإشراكهم في عالم الشغل حسب إمكانياتهم، ضمن نادي بجمعية اتحاد المعاقين حركيا لولاية سطيف، مسقط رأس جميلة التي استطاعت رفع التحدي والتفكير في تغيير وضع هذه الشريحة من خلال تمكينها مستقبلا الإبحار عبر مشروعها الرقمي، إلى مختلف المواقع السياحية والترفيهية، واختيار كل ما كان مستحيلا في الماضي من متعة، ظلت محجوزة في الخيال، إلى حقيقة لزيارة مختلف المواقع السياحية عبر أرجاء الوطن.
“اوندي تور”، ذاك التطبيق الذي اخذ وقتا طويلا من أبحاث جميلة التي تعد سفيرة مجتمع الانترنيت الرقمي لشؤون ذوي الهمم الأولى في الجزائر والمغرب العربي، بتغيير وضعهم الحقيقي إلى آخر، سيضاهي ما هو متعامل به في أغلب الدول المتطورة.. تقول صاحبة المشروع، أن فكرة ولوج عالم المقاولاتية، كانت بفضل البرنامج الأمريكي رفقة جمعية “جان” الجزائر والذي يهدف إلى تطوير الأفكار إلى مشاريع كما أن لغياب القوانين والآليات الخاصة التي من شأنها إخراج المعاق من أزمته، دافع كبير في إنشاء التطبيق الذي له علاقة مشتركة بين الشركات الناشئة التي انخرطت فيها وميدان الإعلام الآلي، حيث من شأن هذا المشروع، تسهيل اختيار مواقع الترفيه والسياحة التي تناسب ذوي الاحتياجات الخاصة، سواء من ناحية قدراتهم الجسدية أم المادية بعدما ظل هؤلاء تائهين في رحلات البحث عنها، بطرق اقل ما يقال أنها تقليدية ومرهقة للغاية، وقد تمكنت جميلة من خلال مجهوداتها الدخول في ريادة الأعمال الاجتماعية في 2018، وشاركت في الكثير من البرامج، المسابقات والمنتديات المحلية والدولية، أين رفعت علم الجزائر عاليا في مشاركتها الدولية عبر برنامج “أفريكا باي انكوب مي” كما مثلت وطنها في مناسبات أخرى، وتلقت تهاني مشاركتها الخاصة من طرف الشريك العالمي لكأس العالم للمقاولاتية لسنة 2020 تحت اسم وان فالي OneValley بتمثيلها الجزائر أحسن تمثيل في إيجاد الحلول الإبداعية لشركتها كما أضافت إلى رصيدها تكوينات ممنوحة من طرف “اليب” ELIP compétition، وتعتبر من ضمن أحسن 100 المشاركين النهائيين في مسابقة EWC compétition عن أحسن 10 مشاريع تخص الاتصال، وغيرها من المنافسات الأخرى التي جعلت منها محل اهتمام وإعجاب الشخصيات الدولية والمحلية، بمن فيهم الوزير المنتدب لدى وزير المؤسسات الصغيرة والمؤسسات الناشئة واقتصاد المعرفة ياسين وليد.

هذا هو التطبيق وهكذا يشغل
ومعلوم أن الأزمة تلد الهمة، تقول جميلة وكلها حماس لإطلاق أول مشروع خاص بها، يهتم بشؤون “السياحة الإنسانية” التي تعتني بتحركات وسفر المعاقين خلال عطلهم، أن مشروعها الذي يوجد حاليا بين يدي الخبير المكلف وفي مراحله الأخيرة من إعادة التطوير قبل طرحه على ارض الواقع بعدما أخذ منها وقتا معتبرا بسبب قلة الدعم المالي من جهة –تقول- والعمل على تطوير كل جوانبه حتى يكون متكاملا دون أخطاء حيث سيتمكن المعاق من خلال هذا التطبيق بعد الولوج إلى “بلاي ستور play store ” وتحميله بهاتفه النقال، من الحجز بعد تمرير البطاقة الخاصة بـ”المعاق” عبر تقنية المسح لتسجيل عضويته، ومن ثم الضغط على الزر الخاص بالحجز والبحث بعدها عن الخيارات الممنوحة التي تناسب كل معاق، سواء فندق، بنغالوهات، مركبات سياحية، حمامات معدنية أو منازل مخصصة للكراء، تكون مدروسة بالشكل الذي يلاءم المعاق، وأشارت جميلة إلى أنه بمجرد الدخول إلى التطبيق، يجد الباحث كل ما يطلبه من أرقام هواتف، مواقع ترفيهية وسياحية، فنادق.. كما يمنح نقاط القوة لأهم الوجهات وتلك الضعيفة حتى يسهل للمعاق إيجاد ضالته بسهولة بالمواقع المهيأة والمؤهلة له، دون تعب أو تنقل لتفقدها، ولفتت جميلة أن المركبات السياحية تعتبر من أكثر المواقع ملائمة للمعاقين، لأنها تضمن ولوجهم بسهولة، لبنائها المميز الذي لا يتوفر على السلالم في أغلب المناطق التي وقفت عليها.. ولأن التطبيق موجه للمسنين والمرضى في المرتبة الثانية بعد المعاقين، تتكفل صاحبة المشروع بعقد اتفاقيات مع الفنادق، بغرض تخفيض الأسعار في حدود إمكانيات كل معاق أو مسن على أن ترافق الأسعار ما يتم عرضه من فنادق 4 إلى 5 نجوم لميسوري الحال وعروض أخرى تناسب محدودي الدخل وهكذا.. تقول جميلة إن التطبيق سيمكن المعاق من الترويح عن نفسه وإيجاد المواقع المناسبة له، كل على حسب إمكانياته الجسدية والمادية، وأعطت مثال عن إعاقتها على حد قولها:” من لديه إعاقة خفيفة مثلي وهو شلل أطفال أصابني في سن مبكرة من طفولتي، ولديه إمكانيات مادية، يمكن له زيارة الفنادق ذات 4 أو 5 نجوم التي تناسبه”، مشيرة أن التطبيق الذي سيدخل حيز الخدمة في القريب العاجل، كمرحلة أولى سيمنح خدمات وعروض لمواقع وهياكل محلية مع إمكانية توسيع الوجهات الخارجية باتجاه تونس، وفي حالة نجاح التجربة سيتم التفكير في دول أخرى.

.. وللمكفوفين نصيب أيضا
تقول جميلة، إن تطبيق “اوندي تور”لم يستثن المكفوفين، وبما أن الهواتف النقالة لهؤلاء مزودة ببرمجة النص الصوتي، بتحويل الكتابة إلى صوت، سيتسنى لهؤلاء كذلك التمتع كغيرهم لأنهم يبصرون بقلوبهم، وذلك بالولوج إلى التطبيق والتسجيل والحجز في حالة البحث عن المتعة والترويح عن النفس، وعن كيفية دفع المستحقات، تقول جميلة، أن المعني له كامل الاختيار في ذلك من خلال التسجيل ودفع الثمن للفندق المعني بالحجز أو مع صاحبة وكالة “اوندي تور” عبر الدفع المسبق عن بعد عبر البطاقات البنكية أو البريدية أو خيار آخر لمن يتواجد بالمحاذاة من مقر الوكالة بالتقرب منها مباشرة.

الخبير في التكنولوجيا والرقمية يزيد اقدال:
هذه هي مفاتيح نجاح التطبيق
وبما أن العديد من ولايات الوطن الساحلية، باشرت مع انطلاق موسم الاصطياف الجاري، تهيئة وتوفير الأجهزة والمسالك الخاصة بالمعاقين للولوج إلى داخل الشواطئ وتخصيص مواقف سيارات خاصة بهم على حوافها، ما يبرز بداية التفكير والاهتمام بهذه الفئة للترفيه عن نفسها في قطاع يسير نحو رقمنة مختلف جوانبه، فيرى الخبير في التكنولوجيا الرقمية والمهتم بشؤون ريادة الأعمال والشركات الناشئة يزيد اقدال، في تصريح لـ” الشروق”، أن مثل هذه المشاريع التي تخص التطبيقات الموجهة لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة في المجال السياحي، تحمل جانبين، منه التقني الذي هو في متناول أصحاب المشاريع حيث يتم الاتصال بتقني أو شركة متخصصة لإنهاء العملية، أما التحدي الكبير، فيكمن- بحسبه- في متابعة التطبيق على ارض الواقع من خلال ضرورة التواصل مع المؤسسات السياحية التي توفر المرافق والأماكن المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة وبالعمل على التنسيق المشترك، التفاوض حول الأسعار التفضيلية كما يفرض على التطبيق، الاعتماد على الإبلاغ عن امتلاء الحجوزات وعن الأماكن غير المتوفرة التي أغلقت الطلبات عن طريق وضع خلية أو هيئة تسهر على العملية.
أما بشأن قضية تمويل هكذا مشاريع، فإن مثل هذا التطبيق يشمل طبقة محمية من طرف الدولة، ما يتوجب من طرف أصحاب المشروع التواصل مع وزارة التضامن لمساعدتهم ماديا أو اللجوء إلى الخواص، صناعيين كانوا أو رجال أعمال أو حتى جمعيات خيرية كبيرة وتلك الناشطة بالمجتمع المدني كما يستطيع مهنيو قطاع السياحة التفاوض على الأسعار التفاضلية ومساعدتهم، داعيا صاحبة المشروع إلى ضرورة توسيع اتصالاتها، لأن الأمر يحتاج إلى جهد وتنسيق تشاركي، لضمان فرص نجاح المشروع.
وربط المتحدث أن نجاح المشروع وانتشاره مع خلق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني نظرا للعدد المعتبر من المعاقين، بمدى تبنيه من طرف الجهات المعنية، وهل ستكون الأسعار في متناول هذه الفئة، ما يتطلب ضرورة التواصل مع مختلف الفاعلين للدفع به.

رئيس المنظمة الجزائرية لترقية السياحة فريد سعيدي:
إشهار الخدمات الممنوحة للمعاقين ضئيلة بفنادقنا.. وهذا ما نقترحه
اعتبر رئيس المنظمة الجزائرية لترقية السياحة والمرشد السياحي فريد سعيدي، قلة الفنادق التي يقوم أصحابها بالتعريف والإشهار الخاص بالخدمات الممنوحة لذوي الاحتياجات الخاصة، يحسب على الأصابع، شأن تلك الشواطئ المكيفة لهذه الفئة، وعاب المتحدث حتى على المستثمرين الحاليين الذين يفتقدون لهذه الثقافة في انجاز مشاريعهم، كاشفا أن السياحة قبل كورونا تختلف تماما عن بعدها، فبتغير المعطيات ارتفعت الكفة للسياحة الداخلية المحلية بعدما كانت ترتكز في المقام الأول على الخارجية، لتبقى قضية الأسعار مطروحة.
واقترح أن تضمن الفنادق مستقبلا، ممرات خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وبنفس الكيفية ينطبق الأمر على المسابح والشواطئ التي تكون مرافقة لها، لأنه من حقهم الاستجمام والاستفادة من مزايا الهياكل السياحية والترفيهية، التي لا تتجاوز نسبتها 20 % فقط من تضمن في الوقت الراهن خدمات لهذه الفئة، مشيرا إلى أنه لم يثبت بعد عرض أي فندق لإشهار يذكر من خلاله انه يضمن خدمة المصاعد الخاصة بهم أو الحديث عن دورات مياه تضمن راحة هؤلاء أو حتى أسرة خاصة بهم وبمرافقيهم بغرف مهيأة لصالحهم، مبديا وفي الوقت نفسه، بإعجابه من احد المستثمرين الخواص بولاية من الغرب، الذي قام بتشكيل ممر بالألواح للوصول إلى الشاطئ بسهولة، داعيا إلى تعميم الفكرة لتشمل هياكل أخرى.
وتطرق سعيدي، إلى العديد من النقاط المقترحة التي ستدرج ضمن برنامج الجامعة الصيفية بين 20 و25 جويلية الداخل بعين تموشنت، ضمن جدول أعمال يحمل للوزارة الوصية، لتشجيع السياحة التقليدية بتخصيص فضاء صغير بكل فندق، لعرض الحرف التقليدية بما فيما أشغال المعاقين فضلا عن تخصيص ممرات بمدخل الفنادق لهؤلاء ناهيك عن توفير جناح أو جناحين لهم، وأسَرة خاصة ودورات مياه مهيأة بالشكل المتعارف عليه وغيرها..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!