-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

السباق نحو المستنقع الأحمر

سهيل الخالدي
  • 2070
  • 1
السباق نحو المستنقع الأحمر
ح. م

لأن هذا المقال يتحدث عن الحرب في سورية، كدت ألجأ إلى القراء لاختيار عنوان له، لكنني تراجعت عن هذا الطلب من القراء لأن ثقافة الجزائريين الحربية تتلخص في المبادأة الشعبية..

فالجزائريون يخوضون حروبهم بعد اقتناع سريع وعميق ومن دون حسابات كثيرة للربح والخسارة فالحرب عند الجزائريين داخلة في المفاهيم الدينية أولا، وهذه الحرب التي تجرى رحاها في سورية لا دين ولا عقيدة لها، فنظام الأسد لا يدافع عن العروبة، ولا هذه الفصائل المسلحة تقاتل من أجل الإسلام، وحتى لو ضيقنا المفاهيم لا نجد أيا من الطرفين يدافع عن الوطنية بمعناها القطري المحدود، ولو وسعنا المفاهيم نسأل هل يدافع الإيرانيون والروس والأمريكان والأتراك الكماليون عن العروبة والإسلام في سورية، لا أعتقد أن غير المجانين يصدقون ذلك. 

 

 إذن على أي شيء يتقاتل القوم؟

 منذ 1967 لم يحارب العرب من أجل العروبة ولا من أجل الإسلام، ولم يبادئوا بأية حرب.. كانوا كما هو عهدهم منذ الاحتلال العثماني حشو بنادق غيرهم فقط لا غير، قد يعترض البعض على هذا الكلام ويقول لقد حاربوا عام 1973 فقد بادأ أنور السادات ومعه حافظ الأسد إسرائيل في حرب أكتوبر ؟ وأقول تلك كذبة كبرى صدقها الشارع العربي المغبون ونشرها السياسيون العرب كل لمصلحة يراها.. لقد كانت تلك الحرب حربا اقتصادية كونية بالمعنى الحقيقي للكونية وللاقتصاد … ففي تلك الفترة بالذات كان الاقتصاد العالمي على وشك الانهيار وخاصة في جانبه النقدي.. لم يكن لدى الدول ما يكفي من الذهب لتغطية نقودها.. ولا حتى أمريكا كانت لديها القدرة لتغطية دورها بالذهب ودولارها هو الذي يغطي نقود العالم، والاتحاد السوفياتي لم يكن لديه من الدولار ما يكفي لتغطية صفقة قمح قد استوردها من أمريكا. 

 وهكذا اتفق وزير الخارجية الأمريكي كيسنجر بعد دراسات عميقة جدا ومطولة جدا مع الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز لربط الدولار بالبترول بدل الذهب فتعود للدولار قيمته وترتفع أهمية البترول وهكذا تم اقتراح أن تقوم الدول البترولية بإيداع أموال نفطها بالدولار في بنك تشيز مانهاتن الأمريكي وأن يسعر البترول بالدولار، ولتمرير ذلك كان على إسرائيل أن تتراجع جزئيا في حرب شكلية ترفع سعر البترول وكان ذلك فارتفع سعر البترول إلى عنان السماء وسيطرت أمريكا على ثاني أكبر مصدر للثروة في العالم بعد المخدرات وارتفعت قيمة الدولار، حيث كان على الدول الأوروبية خصوصا شراء الدولار لتدفع ثمن البترول وتعود تلك الدولارات لبنك تشيز مانهاتن وهيمنت أمريكا على الشرق الأوسط وخرجت إسرائيل باتفاقية كامب ديفيد التي اعتبرت أهم من إعلان تأسيسها عام 1948، وحاولت أوروبا الرد على أمريكا عبر طريقين:

 أولهما خلع شاه إيران وهو ما قامت به فرنسا بنجاح والثاني السعي لتأسيس عملة تواجه الدولار.

لكن أمريكا في نهاية المطاف هاهي تستقطب إيران وها هي تلعب باليورو.. فأين العرب من هذه الحروب العسكرية والاقتصادية سوى أن أرواحهم تذهب حشو بنادق وثرواتهم تذهب لجيوب غيرهم ؟؟؟.

 ويذكر القراء جيدا، جورج بوش الأب برر حربه على العراق التي شاركت فيها 32 دولة بأنه يفعل ذلك حفاظا على البترول شريان الحضارة الغربية… وبعد تلك الحرب لم تستفد منها الدول المشاركة بما فيها فرنسا شيئا فأمريكا اليوم تسيطر على إقليم البترول كله بل وتدخل بترولها في السوق حتى تصدق مقولة كيسنجر لفيصل “سيأتي يوم ليس ببعيد تشربون فيه نفطكم”.

 وبعد أن دمرت أمريكا الحراك الاجتماعي العربي عام 2011 وحرفته وحولته إلى حروب أهلية وفقا لخطة إعادة الشرقنة ضمن استراتيجية الشرق الأوسط الجديد .. ها هي تترك الشرق يقتل بعضه بعضا في سوريا التي صارت مستنقعا يغرق فيه الجميع ويتسابق إليه الجميع. 

 

كيف؟

 في سورية اليوم جيوش روسية وأمريكية وإيرانية وتركية وكردية ومقاتلون من كافة أنحاء أوروبا وغير أوربا، فهل المساحة السورية تتسع لكل هذه الجيوش أم أن النظام السوري بكل مؤسساته العسكرية وغير العسكرية قادر على مواجهة كل هذه الجيوش وكل هاته الفصائل المسلحة وكل هؤلاء المقاتلين؟؟؟

 

 إذن لماذا هذه الحرب؟

 جواب هذا السؤال يكمن في انسحاب أمريكا من موضوع الشرق الأوسط ومن الموضوع الفلسطيني بطريقة تكاد تكون شبه كاملة والنتيجة أن الحرب في سورية باتت تهديدا لأوروبا وتركيا ولروسيا أكثر مما تهدد نظام بشار الأسد فقد تنازل الرجل مقابل الحفاظ على عرشه العائلي عن كثير من الدعائم التي كانت تحفظ عرشه فقد تنازل سرا عن الموضوع الفلسطيني وحتى عن الجولان مكتفيا بالدعامة الأمريكية التي تغض الطرف عن تنحيته ومعها تركيا ودول الخليج والمعارضات فالحديث اليوم عن مرحلة انتقالية فقط

واليوم صار الأكراد قوة تخيف تركيا وتهددها سواء بإقامة حكومة في شمال سورية أم حتى في جنوب تركيا أو بعضه والمسألة الكردية تعني حربا إيرانية كردية واسعة في المساحة وطويلة في الزمن وها هي أوروبا تجد نفسها تكاد تنهار من ظهور أول نتيجة لتدخلها في هذه الحرب ووقفت عاجزة أمام سيل المهاجرين الذين فروا من مجزرة شاركت هي في إعدادها لهم ولبلادهم

إذن تمكنت أمريكا ودول أصدقاء سورية من تحويل سورية إلى مستنقع دم يتلذذ نظام الأسد باستنشاق رائحته فهو منذ 1970 نظام يتلذذ بشرب دماء شعبه، 

 والذي يؤكد أن هذا الذي يجري في سورية إنما هو مستنقع هو سؤال:

 لماذا لم تدخل إسرائيل هذه الحرب. هل هناك فرصة أفضل لها من هذه الفرصة للانقضاض على دمشق وليس الجولان فقط، بل أليست فرصتها للانقضاض على حزب الله في لبنان؟

 الجواب هو أن إسرائيل ترى هذا المستنقع التي هي أحد صانعيه هو حتى الآن لصالحها.. بل أنهم يتقاتلون لحساب خططها الاستراتيجية في المنطقة.. وما ذاك إلا لأن بوتين أخرج باتفاق مع بوتين الموضوع الفلسطيني من حساباته وراح في حسابات أخرى. 

وأغلب الظن أنه سيخرج بحصاد مرير ما لم يعد حساباته ليس فقط كما فعلها هو وأردوغان وأعادا حساباتهما.. بل عليهما وعلى كل الأطراف الداخلة في المستنقع أن تعيد حساباتها في الموضوع الفلسطيني فالشعب الفلسطيني وقضيته هما لب الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي وأي حسابات خارج هذا ما هي إلا حراثة في البحر أو قل في المستنقع ..

ولكن هل يملك بوتين روح المبادأة للخروج من المستنقع؟؟؟؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • المهبول

    c'est vrai le niveau de langue utilisée est élevé qui cause un problème aux francophones comme vous mais il suffit de relire deux ou trois fois et vous allez voire.