السعيد بوتفليقة يتحجّج بالمرض والقاضية تُصر على المحاكمة

تحوّلت جلسة محاكمة السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس المتوفى والمستشار السابق برئاسة الجمهورية ومعه رجال أعمال والنائب السابق “سبيسفيك”، الثلاثاء، إلى حلبة صراع بين الدفاع وهيئة مجلس قضاء الجزائر، بسبب رفض رئيسة الجلسة تأجيل المحاكمة وإصرار المحامين على إرجاء النظر في الملف تزامنا مع عيد الفطر، حيث استمرت المناقشات لأزيد من 4 ساعات، قبل أن يتم اتخاذ قرار انطلاق المحاكمة وتقديم هيئة الدفاع للدفوع الشكلية، بعد أن اعتبرت أن هذا خرقا للإجراءات القانونية.
فبعد دخول المتهمين إلى قاعة الجلسات في حدود الساعة العاشرة والنصف، يتقدمهم الإخوة “كنونياف”، تم ربط الاتصال بالمؤسسات العقابية، حيث يتواجد كل من السعيد بوتفيلقة بسجن البيض ومحيي الدين طحكوت بسجن بابار بخنشلة، وعلي حداد بسجن تازولت بباتنة، شرعت رئيسة الجلسة في المناداة على المتهمين والشهود والأطراف المدنية، لتتقدم بعدها مباشرة هيئة الدفاع بطلب منح مهلة أخرى وإرجائها إلى تاريخ لاحق، إلا أن رئيسة الجلسة رفضت ذلك وأصرت على السير فيها، باعتبار أن المحاكمة تأجلت لثلاث مرات على التوالي منذ برمجتها، وأكدت أن التأجيل كان بالقدر الكافي، لتنسحب هيئة المجلس لاتخاذ القرار النهائي.
وبعد أزيد من ساعة، قررت هيئة المجلس عدم تأجيل المحاكمة والبت في الملف، لكن الدفاع رفض مجددا وأجمع على أن هذا يعتبر خرقا للإجراءات القانونية، كون أحد المتهمين يتواجد في المستشفى الجامعي لمصطفى باشا بعد أن تعرض لوعكة صحية خضع من خلالها لعملية جراحية مستعجلة، كما أن الوثائق التي طلبوها من النيابة لم يتحصلوا عليها إلا منذ ثلاثة أيام فقط، إذ تعذر الاطلاع عليها جيدا، لكن هيئة المحكمة رفضت التأجيل وأصرت على السير في المحاكمة.
وفي هذه الأثناء، قررت هيئة الدفاع الانسحاب من الجلسة، ليحتج “الإخوة كونيناف” الذين رفضوا المحاكمة دون دفاعهم، إلا أن القاضية أكدت أن المحاكمة سوف تستمر رغم انسحاب هيئة الدفاع، وفي حال رفض التصريح أو الإجابة عن أسئلة المجلس سيتم تدوين ذلك في محاضر رسمية.
وبالمقابل، فإن المتهم السعيد بوتفليقة، تدخل من سجن البيض والتمس من القاضية تأجيل المحاكمة كونه مريضا وحالته الصحية لا تسمح له بالإدلاء بأي تصريح، لتقدم رئيسة الجلسة اقتراحات جديدة من أجل سير المحاكمة، الأمر الذي سرع بانطلاقها، لتتواصل إلى غاية الخامسة مساء وتستمر الأربعاء إلى غاية منتصف النهار، على أن ترفع الجلسة وتستأنف يوم الإثنين المقبل، لتقدم هيئة الدفاع دفوعها الشكلية.
وفي هذا السياق، قال المحامي وليد رحموني المتأسس في حق طارق نوا كونيناف، إنه سبق الفصل في الوقائع باعتبار أن تحريك الدعوى العمومية في 2020 كان بناء على محضر فصيلة الأبحاث للدرك الوطني بالجزائر، وهو نفس المحضر الذي تمت متابعة الإخوة كونيناف للمرة الثانية على أساسه، مؤكدا: “أيعقل أن كونيناف طارق نوا تمت إدانته بـ15 سنة ثم يتم تحريك الدعوى العمومية بنفس المحضر على أساس أن الإنابات القضائية رجعت في جانفي 2022.. فهل يجوز قانونا تحريك الدعوى بنفس المحضر ومتابعة الأشخاص من أجل مواصلة التحقيق”.
كما قدم رحموني دفوعا ببطلان إجراءات ضم 11 ملفا كاملا في ملف واحد، واعتبر أن جر موكله في تهمة الجماعة الإجرامية غير صحيح، وهذا طبقا لاتفاقيات الأمم المتحدة للجريمة العابرة للحدود والتي انضمت إليها الجزائر، بموجب المرسوم الرئاسي 02/ 55، إذ عرفت المادة 2 منه المقصود بالجماعة الإجرامية التي تشترط أن يكون هناك على الأقل 3 أشخاص وهيكلة وتنظيم وتخطيط مسبق بين أعضاء الجماعة الإجرامية.
ويتابع المتهمون في ملف الحال بتهم إخفاء العائدات الناتجة عن “جرائم الفساد” و”تبييض الأموال” و”التصرف في الأموال والأملاك المحجوزة التي كانت تحت الإدارة القضائية”، ومخالفة قوانين الصرف، بعد عودة الإنابات القضائية أو عمليات التفتيش عقب صدور أحكام الإدانة.
ويوم 8 فيفري الماضي وقع قاضي الفرع الثالث للقطب عقوبة 12 سنة حبسا نافذا في حق كل من بوتفليقة وحداد، و15 سنة لطحكوت، مقابل 12 سنة لمعزوز، و10 سنوات نافذة في حق الإخوة كونيناف “طارق نوا ورضا وعبد القادر كريم” و8 في حق بعيري.
كما سلطت المحكمة عقوبة سنتين حبسا نافذا ضد البرلماني السابق الطاهر ميسوم، فيما تراوحت بقية العقوبات التي نطق بها القاضي في حق بقية المتهمين بين 6 أشهر حبسا نافذا و10 سنوات، واستفادة البعض منهم من البراءة من جميع التهم الموجهة إليهم، مع مصادرة جميع الأملاك العقارية والأرصدة البنكية والأموال غير المشروعة ولو انتقلت إلى الأصول والفروع من أقاربهم وأزواجهم وأولادهم.