-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
في تقرير أرسله إلى سلطات بلاده بعد مجازر الثامن ماي

السفاح “دوفال” تكهن بالثورة قبل اندلاعها بعشر سنوات

الشروق أونلاين
  • 3058
  • 3
السفاح “دوفال” تكهن بالثورة قبل اندلاعها بعشر سنوات
ع. تڤمونت
أرشيف

يأبى تاريخ 8 ماي 1945 أن يزول من ذاكرة الجزائر والجزائريين، بالنظر إلى بشاعة المجازر التي اقترفت في حق شعب ذنبه الوحيد أنه خرج إلى الشارع مطالبا بالحرية والاستقلال، قبل أن يرد عليه الجيش الفرنسي بالقتل الوحشي مخلفا مجازر مرعبة بكل من سطيف وڤالمة وخراطة، بأمر من الجنرال “ريموند دوفال”، مهندس أبشع المجازر التي عرفتها البشرية، التي أودت بحياة أكثر من 45 ألف مواطن جزائري مسالم من مختلف الأعمار.
لا يزال الثامن ماي 45 يمثل يوما أسود بالنسبة للجزائريين الذين يرفضون نسيان الماضي الوحشي لفرنسا المستعمرة، بالنظر إلى بشاعة المجازر المرتكبة التي انتهت بالتنكيل بجثث الأبرياء ورميها في المنحدرات والوديان.. وهو ما عاشه سكان خراطة شرق بجاية قبل 76 عاما.
وفي الموضوع، أشارت صفحة “خراطة الذاكرة” المتخصصة في تاريخ المنطقة أنه في يوم 22 ماي 1945 نظمت سلطات الاستعمار مراسيم الإخضاع الثانية، في شاطئ ملبو شرق بجاية، وذلك بعد مراسم خراطة التي جرت يوم 15 ماي، لكنها كانت أكبر حجما وشملت عدد اكبر من الدواوير من مناطق سطيف وبجاية وجيجل، وجرت بحضور العديد من الشخصيات الاستعمارية المدنية والعسكرية، منهم الجنرال “هنري مارتان”، قائد الجيش التاسع عشر إلى جانب الجنرال “ريموند دوفال”، مهندس عمليات قمع وقتل الجزائريين في سطيف وڤالمة وخراطة، حيث تداول المسؤولين على المنصة مخاطبين أكثر من 40 ألف جزائري بكلام يحتوي الكثير من الوعيد والتهديد مستعينين بمترجمين بالعربية والأمازيغية.
وبعد نهاية التجمع، بدأ جيش الاستعمار بمناورة عسكرية بحرية وجوية لترهيب المواطنين نساء وأطفال وشيوخ وبعد نهاية الانتفاضة وإخماد شرارتها، أرسل الجنرال “دوفال” تقريرا إلى الحكومة الفرنسية يقول فيه: “أعطيت لكم السلام لمدة عشر سنوات، وان لم تفعل فرنسا شيئا فسوف تتكرر الأحداث بشكل أسوأ”. وبالفعل، فقد تكهن هذا الجنرال “السفاح” لما هو قادم فبعد مرور 9 سنوات و6 أشهر اندلعت ثورة التحرير المجيدة التي لم يستطع الاستعمار إخماد لهيبها وحررت البلاد من جبروت فرنسا الاستعمارية.

شعبة الآخرة شاهد على جرائم ضد الإنسانية

يعد جسر شعبة الأخرة أو جسر حنوز، أحد المعالم التاريخية الشاهدة على مجازر المستدمر الفرنسي، حيث كان هذا الأخير مسرحا لأبشع الجرائم التي وثقها التاريخ، التي ارتكبت ضد الإنسانية، إذ وبعد رمي الشهيد حنوز وأبنائه الثلاثة من الجسر المذكور يوم 10 ماي 1945، قامت شاحنات المستعمر ولعدة أيام- تقول صفحة خراطة الذاكرة- بنقل الجزائريين الأحياء منهم وجثث القتلى من عدة مناطق كخراطة وسطيف وعموشة وعين الكبيرة ووادي المرسى وسوق الاثنين وملبو وغيرها، من أجل تفريغهم من أعلى الجسر إلى وادي أڤريون وكان أيضا المواطنين الذين يركبونهم في “شاحنات الموت”، كما سماها أحد المؤرخين الجزائريين، ونقلهم إلى شعبة الآخرة، يصطفون بالمئات على حافة الجسر قبل رميهم بالرصاص، والذي لم يقتل بالرشاش يقوم جند اللفيف الأجنبي برميه حيا من أعلى الجسر قبل ارتطامه بالصخور، وبعدها حلق الطيران الحربي فوق موقع المذبحة للقضاء على الجرحى الذين لم يلقوا حتفهم بعد في أسفل الوادي الذي تحول إلى مسلخ بشري حقيقي ما جذب إليه الحيوانات المفترسة بعد انتشار الروائح.
ويفيد ذات المصدر بأنه لا توجد أي صورة لجثث المجزرة في شعبة الآخرة كون الاستعمار كان حريصا جدا على منع ذلك، كما وضع حراسة مشددة بالقرب من الجسر لعدة أشهر كما لا توجد إحصائيات رسمية لعدد الجثث المرمية في شعبة الآخرة، لكون النقل كان عشوائيا ومكثفا وتواصل لعدة أيام ليل ونهار.

لجنة تحقيق دولية رأت خسائر المستعمر وتجاهلت مسلخ شعبة الآخرة
وبعد نهاية المجازر، قدمت لجنة تفتيش دولية للتحقيق في الجرائم المرتكبة بمنطقة خراطة لكن اقتصر التحقيق بالوقوف على حجم الخسائر المادية الاستعمارية، وخسائر المستوطنين، إذ لم تتنقل اللجنة إلى شعبة الآخرة، كما اختلفت الروايات عن مصير الجثث المرمية في وادي شعبة الأخرة، حيث تقول مصادر إن الطيران قصف الجبل المحاذي للجسر ما أدى إلى سقوط الصخور التي ردمت الجثث ومن يقول إن الاستعمار أفرغ مادة حارقة على الجثث ثم أشعل النيران إلى أن تفحمت، فيما أكدت شهادات بعض السكان من شهود المجزرة أن الجثث كانت طعام للصقور والضباع والذئاب لعدة أشهر وما تبقى منها جرفتها مياه وادي أڤريون إلى البحر بعد سقوط أمطار الخريف والشتاء.

حيلة خبيثة!
وبعدما تجاوزت قوات القمع الاستعمارية كل الأعراف والقوانين الدولية في إخماد شرارة انتفاضة الثامن ماي 1945، وبالنظر إلى هول وفظاعة المجزرة، فقد قام حينها المواطنون الناجون بالفرار خوفا على حياتهم واعتصموا بالجبال لأيام، قبل أن ترسل لهم إدارة الاستعمار يوم 13 ماي- يقول المصدر- أعوانها الذين طلبوا منهم الحضور يوم 15 ماي إلى خراطة بعدما آمنتهم بعدم التعرض لهم، حيث صدق السكان تلك الحيلة الخبيثة، ونزل من الجبال صباح ذلك اليوم 10000 مواطن جزائري رجال ونساء وأطفال وشيوخ كبار من كل الدواوير المحيطة بخراطة، أين وجدوا عساكر اللفيف الأجنبي والدرك الفرنسي في انتظارهم، وقاموا بجمعهم في محتشدين، الأول للرجال يتقدمه القياد والثاني للنساء والأطفال، وبعد مدة وصل “بورديلا” القائد العسكري لمحافظة سطيف الذي ألقى خطاب على الحشود أشبع من خلاله الحضور شتما وسبا ونعتا بكل الصفات التي تقلل من قيمة الإنسان وشرفه، وبعد مغادرة العقيد مكان التجمع متوجها إلى تيزي نبشار أين كان ينتظره تجمع ثان حشد فيه أكثر من 6000 مواطن، بدأت حينها الاعتداءات والاعتقالات والقتل والتنكيل.

حنوز.. فضل الموت على الهتاف بحياة فرنسا
تشير صفحة “ذاكرة خراطة” أنه في يوم 10 ماي 1945، ألقى القبض على مساعد الطبيب “محند أعراب حنوز” في مقر عمله بالملحق الإستشفائي بخراطة، من طرف عساكر اللفيف الأجنبي، فيما تم القبض على ابنيه “حنفي” و”الطيب” بمنزلهما العائلي من طرف الدرك الفرنسي، أما “مجيد” ابنه الثالث فقد ذهب إلى ثكنة الدرك للاستفسار عن سبب هذه الاعتقالات، أين تم أسره هو الآخر وتم اقتياد الشهيد “حنوز” وأبنائه الثلاثة إلى الساحة المقابلة لقصر “دوسي”، أين تم تعذيبهم لعدة ساعات من قبل جند اللفيف الأجنبي الذين تجردوا حينها من إنسانيتهم، ومارسوا عليهم ما لا يتقبله عقل من بشاعة التنكيل، وكان ذلك أمام مرأى وتشجيع المستوطنين بما في ذلك النساء والأطفال وبعدها قام الجنود بنقلهم كجثث مازالت فيها بعض الأنفاس إلى جسر شعبة الآخرة.
وقد تعمد الجنود رمي أبنائه واحد تلو الأخر من أعلى الجسر إلى أسفل الجرف، وهو يشاهد ذلك، ثم طلبوا منه الهتاف بحياة فرنسا، ولما رفض قطعوا يديه ورجليه ثم قاموا برميه هو الآخر للارتطام بصخور واد أڤريون ومنذ ذلك اليوم أصبح جسر شعبة الآخرة يسمى بجسر حنوز.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • الذاكرة المرة

    ثم ياتي ما يسمونهم بالوطنيين بان بومدين دكتاتوري لانه افتك منهم الحكم بحنكته فقط و دهائه و عاهد بومدين شهداء خراطة و ما جاورها و شهداء الثورة بانهم لا يزور فرنسا و لا يعترف باتفاقيات افيان ..في وقت تجد قادة يقال انهم ثوريين عارضوا بومدين من فرنسا؟؟؟ والالاف يحجون لفرنسا من تلك المناطق ونسوا كل شيء ..الله يرحم الشهداء

  • Mohdz

    عل الٱقل ذلك الشخص لم يرتكب جرائم في بني جلدته

  • اسماعيل

    ما اكثر احفاده وابنائه بالجزائر -مخلفات دوفال وديغول وشال وموريس وبيجو وبيجار بالجزائر - يعملون ليل نهار علي تهديبم الجزائر وتشريد شعبها وسرقة ونهب خزينتها وثرواتها . انهم بكل مكان يا سادة