-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشارع‭ ‬يغطي‭ ‬الفشل‭ ‬السياسي

عابد شارف
  • 4940
  • 2
الشارع‭ ‬يغطي‭ ‬الفشل‭ ‬السياسي

وأخيرا،‭ ‬سقط‭ ‬طاغية‭ ‬بفضل‭ ‬انتفاضة‭ ‬الشارع،‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭ ‬بداية‭ ‬المشوار‭…‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تسقط‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬كلها‭ ‬لتفرض‭ ‬الشعوب‭ ‬نفسها‭…‬

  • ويجب‭ ‬أن‭ ‬يتحد‭ ‬الشعب،‭ ‬وأن‭ ‬يضع‭ ‬الخلافات‭ ‬الهامشية‭ ‬جانبا‭ ‬للإطاحة‭ ‬بالأنظمة‭ ‬الفاسدة‭…‬
  • إن‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬أصبحت‭ ‬كلها‭ ‬مهددة‭ ‬بعدما‭ ‬اكتشف‭ ‬الشعب‭ ‬أنه‭ ‬يملك‭ ‬القوة‭ ‬لطرد‭ ‬حكامه‭…‬
  • إن‭ ‬الثورة‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬الشعب‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تنهزم‭….‬
  • هذا الخطاب سيطر على الساحة السياسية والإعلامية في العالم العربي والإسلامي بعد الإطاحة بنظام السيد زين العابدين بن علي في تونس، على إثر انتفاضة شعبية دامت شهرا كاملا. وأصبح الشارع العربي محل إعجاب عظيم، بعد أن أحدث المعجزة الكبرى المتمثلة في الإطاحة برجل كان‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬يغادر‭ ‬الحكم‭ ‬منذ‭ ‬عشرين‭ ‬عاما‭. ‬وأصبح‭ ‬الحكام‭ ‬والمحللون‭ ‬وأهل‭ ‬السياسة‭ ‬يمجدون‭ ‬الشارع‭ ‬وثوراته،‭ ‬ويجعلون‭ ‬منه‭ ‬المحرك‭ ‬الأساسي‭ ‬للحركية‭ ‬الاجتماعية‭.‬
  • وفتحت القنوات الفضائية مجالا واسعا لنشر هذا الكلام، وتوالى الخطباء من كل التيارات، حتى من الإسلاميين ومن اليمين الأوربي الذي أعلن إعجابه بالثورة التونسية على لسان كل من باراك أوباما ونيكولا ساركوزي. ولم يتردد أحد في مساندة “ثورة الياسمين”، باستثناء القائد الليبي‭ ‬معمر‭ ‬القذافي‭ ‬الذي‭ ‬تحسر‭ ‬على‭ ‬سقوط‭ ‬جاره‭ ‬وصديقه‭ ‬‮”‬الزين‮”‬‭ ‬كما‭ ‬يسميه‭.‬
  • وتغنى المعارضون بدور الشارع، سواء كانوا من اليسار الذي يؤمن بالشعب، أو من الشعبويين الذين يستعملون الشعب للوصول إلى مناصبهم. وكثرت المزايدات في هذا الاتجاه، إلى أن اضطر وزير الخارجية المغربي بنشر رسالة تأييد ومساندة للشعب التونسي، وهو الوزير الذي لم يمشِ في‭ ‬الشارع‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭…‬
  • وانتصرت التيارات الشعبوية والقومية والوطنية، تلك التيارات التي اجتهدت في بناء الأحلام بعدما فشلت في صنع المشاريع السياسية، وأجادت الخطاب بعد أن عجزت عن تحقيق أي مشروع. وفي نفس الاتجاه، باركت التنظيمات البيروقراطية بثورة الياسمين التي فرضها الشارع، وهي التيارات‭ ‬التي‭ ‬قتلت‭ ‬الاشتراكية‭ ‬وحولت‭ ‬فكرة‭ ‬كبرى‭ ‬إلى‭ ‬نظام‭ ‬جامد‭ ‬لا‭ ‬يضمن‭ ‬إلا‭ ‬الركود‭ ‬والفساد‭.‬
  • ويحتل الشارع في الجزائر مكانة خاصة، بسبب وزنه في الأحداث التاريخية الكبرى. وقد اندلعت الثورة التحريرية بمبادرة من الشارع على حساب قيادات الأحزاب، واحتضنها الشعب وجعل منها رمزا تجاوز كل ما كان منتظرا. وقال العربي بن مهيدي إنه يجب رمي الثورة في الشارع ليحتضنها الشعب، وكان ذلك فعلا، فتحول الشارع إلى محرك أساسي للحياة السياسية وأصبح مقدسا. وبعد ربع قرن من الاستقلال، جاءت أحداث أكتوبر 1988، لتعيد من جديد الشارع كمحرك أساسي للحياة السياسية، ليكرس من جديد أسطورة الشارع الذي لا يهزم.
  • وغابت عن الأذهان ثلاث ظواهر أساسية: أولها، أن الشارع تحرك وانتصر، لكن الأجهزة السياسية والعسكرية والأمنية سرعان ما استعادت تحكمها في زمام الأمور. وحدث ذلك بعد الاستقلال كما حدث في أكتوبر 1988. وفي تلك المرحلة، استعمل مسؤول كبير عبارة واضحة في الموضوع، حيث قال‭ ‬إن‭ ‬‮”‬فترة‭ ‬الاستراحة‭ ‬قد‭ ‬انتهت‮”‬‭. ‬ويتكرر‭ ‬نفس‭ ‬السيناريو‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬مع‭ ‬عودة‭ ‬تدريجية‭ ‬للأجهزة‭ ‬التقليدية‭ ‬التي‭ ‬تحاول‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الوضع‭.‬
  • أما الظاهرة الثانية، فإنها تتعلق بأسباب عودة الشارع إلى قلب الحياة السياسية. والسبب الرئيسي هو فشل أهل السياسة، تنظيمات وأشخاص، وخاصة منهم أهل السلطة. فمن الناحية النظرية، يجب على أصحاب القرار أن يتخذوا المبادرات والإجراءات الضرورية التي تحضر البلد لمواجهة كل التطورات، حتى تكون البلاد جاهزة لمواكبة العصر. ولكن لما تعجز السلطة في المبادرة بالإصلاحات، ولما تعجز المعارضة على فرض اقتراحاتها، تشتد الأزمة، وتضيق الحياة على الناس، مما يدفع الشارع إلى الغضب. وهذا ما حدث في الجزائر بداية هذا الشهر وهذا ما وقع في تونس‭.‬
  • ولما يستولي الشارع على القرار، فإنه غالبا ما يفرض ظاهرة ثالثة، تتمثل في القضاء على نظام متسلط لتبديله بنظام متسلط آخر. وحدث هذا في إيران وحدث في الجزائر بعد أحداث أكتوبر، وهذا ما يهدد الكثير من البلدان العربية التي من الممكن أن تؤدي فيها أية ثورة شعبية إلى فرض نظام دكتاتوري باسم الوطنية أو الدين أو العروبة أو غيرها. أما التيارات الديمقراطية، أو التي تسمي نفسها بهذه التسمية، فإنها تكتشف بعد فوات الأوان أنها كانت مخطئة في تحليلها للوضع، وتدفع الثمن غاليا.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • ابو سفيـــان الجزائــري

    و الله, ان رأيي الشخضي قد يبدو لكم معارصا و لكني ارى فيها الحقائق التي لا يمكن تجاهلها و لا حتى استضغارها .... لربما كانت تنحية زين العابدين من كرسي الراسة هي انتفاصة الشعب التونسي و اسباب اخرى تعددت فيها معطيات التامر السياسي ..... و الله يوفق اخواننا التونسيين في استدراك ما ضاع لبناء بلدهم... اما فيما يخصنا نحن, فهت ترون ان الاحداث الاخيرة كانت تعبر عن مستوى من وعي الشارع الجزائري؟ وهل ترون ان الاطاحة بالانضمة الفاسدة تكون بنفس الطريقة (العنف, الدمار,الحرق,الانتحار)؟.....

  • غريبة الديار

    لاتدفع بشعبك بان يخرج الى الشارع فاسمع صراخ صمته فصبره ليس ضعفا و لا ذلا كما تعتقد لان صوته اذا انفجر سيكون اقوى من كل المدافع فشعبك ايها الحاكم هو سندك الوحيد في يوم الذيق فاشتريه قبل ان يبيعك هو في سوق الرقيق وحينها لن تجد لا رفيقا ولاحتى الصديق فالدنيا طماعة حصن نفسك يا صاحبي قبل ان تدق الساعة