-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشرق الأوسط.. ساحة حروب مرتقبة لدونالد ترامب

الشرق الأوسط.. ساحة حروب مرتقبة لدونالد ترامب

انتهى نظام القطب الواحد، وسقطت اتفاقيات الحد من استخدام الأسلحة الاستراتيجية “سالت” التي تركها الثنائي “غورباتشوف – بوش الأب” إرثا لم يدم طويلا، عادت روسيا، قطبا يوازي القطب الأمريكي “الأوحد” وقوة كبرى تستعيد مناطق نفوذها المفقودة، وغزت الصين، العالم بقاطرتها التجارية، وبنت قواعدها، في قارات العالم، وأطلقت كوريا الشمالية، في الواجهة عدوا نوويا لحلف شمال الأطلسي، يشاغل الولايات المتحدة الأمريكية، المنشغلة أصلا بالتوغل الإيراني في الشرق الأوسط، في ظل رعاية إدارات البيت الأبيض السابقة.

إعلان “استراتيجية الأمن القومي” الجديدة، جاء لمواجهة إحياء نظام القطبية المتعددة تحت شعار  “السلام من خلال خيار القوة”، محددة أهدافها في احتواء ما اعتبرته “المخاطر التي تهدد الولايات المتحدة”: تنامي القوة الروسية، نمو الصين على حساب مصالح العالم وواجهتها النووية كوريا الشمالة والمخطط الإيراني لإعادة بناء الإمبراطورية الفارسية.

واستراتيجية الأمن القومي التي أعلنها دونالد ترامب، لا تعني الدخول في حروب مباشرة، مع القوى التي تهدد أمنها، وفق رؤيتها السياسية، فهي ستجعل من الشرق الأوسط ساحة لحروبها المقبلة، وستبدأ بمواجهة قواعد النفوذ الإيراني الذي نما برعاية أمريكية منذ غزو أفغانستان والعراق.

من دعم التوسع الإيراني؟

كيف تمكن النظام الإيراني في ظل حكم “الولي الفقيه” من النفاذ إلى عواصم عربية تمتلك خصائص “جيوسياسية” لا يمكن التفريط فيها؟ وما دور الولايات المتحدة الأمريكية في دعم قواعد هذا التوسع غير المشروع ونسف قواعد الأمن القومي العربي؟

تساؤلات تطرح الآن.. الإجابة عنها قد لا تثير من تابع السياسات الخارجية الأمريكية منذ ولاية جورج بوش “الأب” مرورا بالرئيس بل كلنتون وختاما بجورج بوش “الابن” والرئيس باراك أوباما، حيث ظهر النظام الإيراني أداة توغل اعتمدتها إدارات البيت الأبيض المتعاقبة، منذ حرب الخليج الأولى  “عاصفة الصحراء 1991″ وصولا إلى احتلال أفغانستان والعراق، ونشوب ما يعرف بثورات الربيع العربي.

لقد أسهمت الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، إسهاما مباشرا في توسيع إيران نفوذها بالمنطقة، فإسرائيل فتحت أبواب لبنان أمام التغلغل الإيراني، عبر حزب الله، الذي تحول إلى دولة داخل دولة إن لم يكن الآن الدولة كلها، بينما فتح الاحتلال الأمريكي أبواب العراق واسعة أمام الهيمنة الإيرانية، بعد أن كان جدارا مانعا لسياساتها التوسعية، في حين بسطت ما يعرف بـ”ثورات الربيع العربي” التي دعمتها إدارة البيت الأبيض، مناطق نفوذ جديدة لطهران في دمشق وصنعاء، وظلت عينها مفتوحة على المنامة وعواصم في شمال إفريقيا، حتى تكاد خارطة الشرق الأوسط تشهد متغيرات ترسي دعائم كارثة لن ينجو منها أحد.

لكن المثير الآن هو عزم الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب، على مواجهة النفوذ الإيراني، وتحطيم قواعد تواجده، الذي توج بدعوة وزير الدفاع الأمريكي ماتيس القيادات العسكرية، لوضع الخطط اللازمة لمواجهة إيران .

أدركت الولايات المتحدة الآن، حجم الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبها بوش وكلنتون وأوباما، فالأداة التي وظفوها في تنفيذ سياساتهم الخارجية، لم تجن منها “أمريكا” سوى الكوارث والخسائر، التي أدت إلى انحسار نفوذها، وزعزعت أمن منطقة الشرق الأوسط، وفتحت الباب واسعا أمام مارد روسي أنهى دورة سباته، وعدو اقتصادي صيني، يغزو العالم بقفازات ناعمة.

وإزاء هذه الكوارث التي أفاق الرئيس دونالد ترامب على ضجيجها “المزعج”، قرر الإعلان عن: “استراتيجية جديدة ستركز على حماية الأراضي الأمريكية وتعزيز الرخاء والحفاظ على “السلام من خلال القوة” وتعزيز النفوذ الأمريكي”.

وتماشيا مع ما سمي بـ”استراتيجية السلام من خلال القوة” سارع وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إلى إبلاغ القادة العسكريين المسؤولين عن وضع الخطط العسكرية في دائرة البنتاغون، بـ”التفكير في خطوات يمكن اتخاذها ضد إيران” مع مراعاة الانشغال الأمريكي بالملف الكوري الشمالي، وما يفرضه من تهديدات نووية.

دعوات الوزير ماتيس لا تتضمن إعلان حرب ضد إيران، طبول الحرب مازالت مركونة في مخازنها، فمثل هذه الحرب مجرد احتمال مستبعد، لما لها من مخاطر متزايدة على أمن الشرق الأوسط، قد تفتح حربا إقليمية، تصطف أدواتها وراء القوى الكبرى المتنازعة، حول مناطق النفوذ، وممرات التفوق الاقتصادي، فأي خيارات متاحة أمام إدارة دونالد ترامب؟

لم تدع الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعلان الحرب على إيران، رغم رفض سياساتها التوسعية، وأطماعها التي لا تقف عند حدود جغرافية مرسومة، إدارة ترامب لم تتهيأ لخوض حرب شاملة، في أخطر المناطق توترا في العالم، وهو ما دعاها  لاعتماد خيارات آليات أخرى كالحراك الدبلوماسي مع الحلفاء والضغط الاقتصادي والحرب الإعلامية. هذه هي قواعد الانطلاق الأولى التي اعتمدتها إدارة البيت الأبيض، لبلوغ الهدف الأبعد، من دون المرور بمواجهة عسكرية مباشرة مع إيران.

وكانت البداية مع الإفصاح الأمريكي عن مساوئ الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، والتهديد بنقضه، لما ينطوي عليه من نقائص، سمحت لطهران بالتمدد شرق البحر المتوسط، والوصول إلى مضيق باب المندب، بمركبة الفتنة الطائفية.

فقد تغاضت الولايات المتحدة برئاسة باراك أوباما ومعها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وهي تصادق على الاتفاق النووي، تغاضت عن مخاطر سياسة التوسع الإيراني في الشرق الأوسط ، التي أدت إلى نشوب حرب طائفية في عدد من الدول العربية، وتنامي الإرهاب بكل أشكاله، وفقدان سيادة عواصم عربية لصالح طهران وشق مجلس التعاون لدول الخليج العربي.

القراءة الأمريكية الراهنة لواقع منطقة الشرق الأوسط، دعت كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية الجديدة، إلى المطالبة بوضع خطط لمواجهة ما يصفونه بـ”النفوذ الضار” لإيران في الشرق الأوسط.

دعوات الوزير ماتيس لا تتضمن إعلان حرب ضد إيران، طبول الحرب مازالت مركونة في مخازنها، فمثل هذه الحرب مجرد احتمال مستبعد، لما لها من مخاطر متزايدة على أمن الشرق الأوسط، قد تفتح حربا إقليمية، تصطف أدواتها وراء القوى الكبرى المتنازعة حول مناطق النفوذ.

فكانت البداية مع سعي إدارة دونالد ترامب إلى حشد تحالف دبلوماسي وسياسي في إعادة ترتيب أوضاع منطقة الشرق الأوسط، تعزز مع جولة وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، في أوروبا خلال الأيام الماضية، حيث حمل دعوة صريحة لبريطانيا وفرنسا وألمانيا بالانضمام إلى جهود واشنطن في مواجهة المخاطر الثلاثة “روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران” سياسيا واقتصاديا. وإذا كان هذا هو الخيار السياسي والدبلوماسي الأمريكي في إعادة ترتيب خارطة الشرق الأوسط… فما هو الخيار العسكري إذن؟

حددت دائرة البنتاغون خططها في كيفية استخدام القوات الأمريكية وعملها المحدد في “إضعاف أو احتواء” النفوذ الإيراني المتنامي في دول عربية، فضلا عن أنشطتها السرية في دول أخرى، المتمثلة في خلق خلابا تغلغل وتجسس تحت غطاء التمدد المذهبي الشيعي، دون حصول مواجهة عسكرية مباشرة مع طهران.

ويعني تجنب المواجهة العسكرية الأمريكية المباشرة مع طهران، أن حرب “احتواء أو إضعاف” النفوذ الإيراني، سيكون العراق ولبنان واليمن ومناطق سوريا الحدودية ساحاتها، حيث بدأت مظاهر هذه الحرب بإعادة انتشار القوات الأمريكية في العراق، لا سيما في المناطق المتنازع عليها، والمناطق الحدودية السورية العراقية، لتعطيل المخطط الإيراني الرامي إلى فتح طريق من طهران إلى دمشق مرورا بالعراق يفرض هيمنة مطلقة على لبنان.

أما على صعيد حرب اليمن، فسيتم تغيير استراتيجية التحالف الإسلامي بقيادة المملكة العربية السعودية، بدءا بمحاصرة مسارات تهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين المحددة في الطرق البرية التي تمر بسلطنة عمان، فضلا عن الطرق البحرية، قبل التدخل العسكري الأمريكي المباشر.

لكن إذا كان خيار المواجهة العسكرية الأمريكية غير المباشرة مع طهران، هو الخيار المعلن مبدئيا، فهذا لا يعني إلغاء الخيارات الأخرى، التي وضعتها دائرة البنتاغون في حساباتها المستقبلية المحتملة، حسب ما تفرضه تطورات المواجهة إن اندلعت.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • أيمن

    افترض لا قدر الله أمريكا تحتل ليبيا ومالي ..وتضع عينها على الجزائر في خطاباتها وتهديداتها ...هل ستبقى الجزائر تتفرج أم أنها ستحمي مصالحها ونفسها بالتغلغل بالوسائل الخفية وغيرها إقليميا في المنطقة .
    دعك من البروباجندا الآل سعودية ..فهي في الأخير تخدم الكيان الصهيوني وأمريكا بالدرجة الأولى وعلى ذلك تم الإتفاق منذ نشأتها المملكة الأولى (هاشميا) في عهد فيصل بن حسين مع حاييم وايتسمان زعيم الصهيونية العالمية ووكيل عائلة آل روتشيلد في بريطانيا وفرنسا. وجدد الإتفاق مع آل سعود بعدما دعمهم ضد حسين بن علي

  • بدون اسم

    واش راك تخرط
    الحقائق بواد وانت بواد ثان
    العرب ؟ لكم قواعد عسكرية صهيونية هل بايران قواعد صهيونية؟
    من الخائن والمتواطأ ؟انتم ياعرب ام ايران؟
    هل اراض ايران يحتلها الصهاينة مثل اراض العرب؟
    سؤالان للكاتب

  • احمد

    المعادلة التي نتناساها و نغفل عليها هو الارض و الواقع ما الذي لقن ابراهيم المقعد الذي بترت ساقه و انهيت حياته وعهد التي قيدت الى السجن اثر صفعة لما ارادوا تسلق بيتها للمراقبة فهما لا يعرفان نكسة ولا نكبة و لا اسلو ومهما نقول الطفل خلق ليعيش و يتعلم لا ان يتخندق الكبار ويصافحون من قتلهم باسم التعايش و يسمحون بتسلل الصهاينة الى مخادعنا ونعادي ايران باسم عدو عدوي صديقي فايران هي من تحي يوم القدس وهي من لاترضخ لترامب فهو لم ياخذ مالها و يذهب للقدس ليصفعنا وهو لم يراقص بوش و ترامب و يوقع لابنته صكا

  • الله ينصر الحق والشعب

    تريدون حروب بين المسلمين (سنة وشيعة وخزعبلات) من اجل بنى صهيون!!يكونو هم قوة عضمة!!
    خلقتم داعش من اجل تهجير المسلمين والقصة معروفة حتى عند الاطفال.

    قل لنا من استعمل سلاح النووي!! من قتل هنود الحمر!! والقائة طويلة

  • حاج

    لا دقة ولا شيئ آخر إنما هي أوهام فقط أوهام رسخت له في أشرطة غسل لدماغه قام بها مخططون من أعدائنا بكل براعة واستحقاق. خلاصتها شيطنة إيران !!! (براءة إسرائيل)

  • الموسطاش

    ماهي مشكلتك الرئيسية مع إيران ؟ وجعلت إيران وترمب في كفة واحدة وكلنا نعلم أن ترمب هو رئيس الولايات المتحدة وليس إيران !!! كل ما قلته يخص إيران هذا البعبع المخيف وهذا الشيطان الرجيم! ولم تتطرق جملة واحدة إلى قرار ترمب بنقل السفارة!
    حسب علمي الرئيس الايراني روحاني حضر قمة اسطمبول الاسلامية المضادة لترمب ودعا إلى فرض عقوبات على أمريكا لكن ملوك الخليج الآخرين هم الذين اكتفوا بالتنديد! إذن المصيبة الجوهرية الآن هي إيران وليس إسرائيل ؟ فإن يمكننا القضاء على إيران ستتحرر القدس وفلسطين و يعم السلام؟

  • حسن سلمان العلي

    اعتمد الكاتب في تحليله على معطيات حقيقية، تدعونا إلى طرح التساؤل، حول استعدادنا لمواجهةمثل هذه التوقعات، التي تبدو حتمية دون شك.

  • د أبو أكرم

    يتبع ///
    لابد أن نكون براغماتيين وهو أن نفتش عما يجمعنا ولو تكن نسبة قليلة و عن المصالح المشتركة ولو تكن نسبة ضئيلة أما الخلافات السياسية و العقدية و الثقافية فمادمنا في بوتقة واحدة وليس منا من جاء محتلا أو مستوطنا من بعيد فحتما مصيرنا مشترك و مشاكلنا مشتركة
    الأعداء يخططون لتخريب بيوتنا ونحن نستجيب للأسف أحيانا إرضاءا لهم
    نغتاظ لدعم دولة قطر لحماس ولا نعتاظ لتهويد القدس! نتدخل في شؤون بعضنا الداخلية إلخ ! كلها تجعنا على صفيح ساخن
    لا حل لنا إلا بحوار طويل وشاق شبيه بندوة ماستريش الأوروبية

  • د أبو أكرم

    مثلما ذكرت أستاذ في بداية المقال حدثت وتحدث الكثير من التطورات وظهور أقطاب في حين فبالرغم من القوة المالية و البشرية التي يمتلكها العرب وكأنهم مجرد أدوات يعبث بها من يشاء !!
    أستاذ عبد الرحمن أنت خبير سياسي الأجدر بك أن تنظر (بكسر الظاء) لسياسة شرق أوسطية خليجية يكون العرب و الإيرانيون وما داموا جيران هم فاعليها الأساسيين وليس كأدوات في يد ترمب والصهيونية والخطوة المؤلمة التي ينبغي الإقدام عليها عدم شيطنة العرب لإيران وعدم شيطنة إيران للعرب ! فلا يمكن للعرب الرحيل من المنطقة و أيضا إيران

  • benchikh

    كان الاجدر للسيد ترامب (السمسار) اطفاء النيران التي تاكل كاليفورنيا.