-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
شروط صارمة تصاحب العملية في أيام رمضان

“الشروق” تحضر عمليات ختان في الوسط الاستشفائي

الشروق أونلاين
  • 131
  • 0
“الشروق” تحضر عمليات ختان في الوسط الاستشفائي
أرشيف

فتحت مختلف مديريات الصحة، في كل الولايات، كل أيام الشهر الفضيل لإجراء عمليات الختان خاصة الجماعية، وحرصت على عدم حصرها في ليلة السابع والعشرين من شهررمضان، أي ليلة القدر كما جرت عادة الجزائريين، حتى لا يحدث الزحام، وتصبح فرص الخطر والخطأ موجودة.
وقد رافقت “الشروق” بعض عمليات الختان، التي جرت في مراكز استشفائية بولاية قسنطينة، من الخروب إلى عاصمة الولاية والمدينة الجديدة علي منجلي، كما أعلنت عيادات خاصة في المدينة من سيدي مبروك إلى المنطقة الصناعية، عن تخفيضات في أسعار العمليات، ومنها حتى عن مجانية الختان لأبناء العائلات الضعيفة، كما قامت جمعيات مختلفة بتنظيم الختان لفائدة العائلات البسيطة ولكنها جميعا سارت على الشروط الصارمة التي أقرتها وزارة الصحة وطبقتها مختلف المديريات.
وهوما اختصره الدكتور الجراح كمال جريدة، في حديثه الأحد، للشروق ، حيث شدد على أن تجري العملية في ظروف صحية من تعقيم للمكان، والشخص الذي يقوم بها، يجب أن يكون جراحا، ويستحسن أن يكون جراح أطفال، لأن العملية سهلة لكن الصعوبة تكمن في التمكن من الطريقة السليمة للختان، ومتابعة حالة الأطفال والقراءة الجيدة للتحاليل الطبية.
وقد لاحظنا فعلا من خلال استطلاعنا، بأن كل عمليات الختان جرت في الوسط الاستشفائي الصحي، سواء في العيادات الخاصة أو المراكز الاستشفائية المعروفة، حيث وجب أن يكون المكان مهيأ بشروط صحية تتم الموافقة عليها من لجنة من مديرية الصحة، كما أن عمليات الختان لا يقوم بها إلا طبيب مختص في الجراحة، حتى يتمكن من تفادي الالتهابات وحتى النزيف وأيضا يمكنه التعامل معه في حالة حدوثه.
أما النقطة الثالثة التي تم التشديد عليها، فهي ضرورة إجراء التحاليل الطبية للطفل المعني، قبل عملية الختان، فهي وحدها ما يضع الطبيب الجراح أمام جاهزية الطفل للعملية.
ويعلم كل الأطباء الجراحين وغيرهم، بأن إجراء عملية الختان خارج إطار مصالح الجراحة للمؤسسات الاستشفائية العمومية والعيادات الخاصة، أو حتى في بيوت العائلات المعني أبناؤهم بالختان، هو جريمة يعاقب عليها القانون، أما أن يقوم بها من لا يمتهن الطب، كما كان في السابق فتلك جريمة مضاعفة.
وبدت برمجة عملية الختان خلال كل أيام شهر رمضان وعدم حصرها في ليلة النصف أوليلة السابع والعشرين من الشهر الكريم، هي ما جعلها تمر بسلام إلى حد الآن من دون أي مشاكل صحية.

ماذا حدث في رمضان 2005
عرفت الجزائر منذ ثلاثة عقود ظاهرة الختان الجماعي، وأخذت أبعادا اجتماعية وتضامنية، وبقيت من دون تأطير صحي حازم، لأنها في الغالب مرتبطة بالعائلات المحافظة، التي تسبق الفرح على كل شيء، وصارت البلديات نفسها والشركات العمومية تنتدب أطباء وتقوم لفائدة العائلات البسيطة أو للعمال بعمليات ختان لأبنائهم، في أجواء حميمية وفي أفراح عائلية.
وهو ما حدث في الخروب بولاية قسنطينة منذ 19 سنة، حيث تزامن رمضان في تلك الفترة مع فصل الخريف، إذ برمجت بلدية الخروب حفل ختان قرابة الثلاثين طفلا وتم اقتراح إجرائه في قاعة رياضة، بحضور ثلاثة أطباء من بينهم طبيب عام، وهم جميعا تطوعوا من أجل إكمال فرح العائلات، وصادف يوم الختان الجماعي، السابع والعشرين من رمضان المتزامن مع الثلاثين من شهر أكتوبر 2005، ومرت الليلة مثل الأحلام على حد تعبير أولياء الأطفال، ولكن في أول أيام عيد الفطر المبارك ظهرت بعض المفاجآت، بين أطفال يتألمون وآخرين ينزفون، ومن طفل واحد إلى اثنين وصل الرقم إلى 17 طفلا في عمر الزهور يعانون، وبدلا من المسارعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، عوّل الأولياء على خبرة هؤلاء الأطباء، وهم فعلا من المتعودين على إجراء العمليات الجراحية الخاصة بالختان، ولكن إجراء العملية خارج المستشفيات هو الذي أحدث الكارثة، حيث أصيب الأطفال بحروق والتهابات تطوّرت بعد ذلك بالنسبة لـتسعة أطفال، وكانت حالة ثلاثة منهم في منتهى الخطورة.
وبلغت المأساة بعد أن نشرت تفاصيلها الشروق اليومي، إلى الرئاسة، فتم إيفاد وزير الصحة في ذلك الوقت إلى مستشفى قسنطينة، حيث وعد بالتكفل الكامل بالضحايا ولكن من دون تنفيذ سريع، ليقوم بعض الأولياء بالتنقل على حسابهم الخاص إلى البروفيسور جعفر حنطالة رئيس مصلحة جراحة الأطفال بمستشفى بني مسوس بالعاصمة، فتكفل بالحالات، وتابع الأطفال وساهم في إرسال الحالتين المستعصيتين إلى المستشفى الملكي ببروكسل العاصمة البلجيكية، وتكفل بحالة طفل آخر، ولكن للأسف كان الوقت قد فات، وهو ما جعل العائلات المعنية ترفع دعوى قضائية ضد كل من تسبب في الأذى لأبنائهم.
وتأجل النطق بالحكم إلى غاية نوفمبر من سنة 2007، حيث قضت محكمة الجنح بالخروب بولاية قسنطينة، بإدانة طبيبين مختصين من الذين أجروا عملية الختان للأطفال، بـأربعة أشهر سجنا غير نافذ، أحدهما مختص في جراحة الأطفال في الخامسة والأربعين من العمر، والثاني مختص في جراحة الفك والوجه في الثانية والأربعين من العمر، إضافة إلى تغريمهما بمبلغ 50000 دج واستفاد تقنيان ساميان في الصحة وطبيب عام من البراءة، بينما وجهت بقية طلبات الطرف المدني بعدم الاختصاص ومنها طلبات التكفل الطبي والنفسي بالأطفال الضحايا، وتقديم تعويضات عن الأضرار التي لحقت بهم، ووجهت المحكمة في ذلك الوقت دعوات حضور لممثل البلدية بصفتها المشرفة على العملية، وممثل مستشفى الخروب الذي وصله الضحايا بعد الأذى الذي تعرضوا له، وممثل هيئة التأمينات، ولكنهم غابوا جميعا بالرغم من الاستدعاءات التي وجهت لهم، وقد اعتبر ما حدث ضمن خانة الأخطاء الطبية وقامت ‬حينها مديرية ‬الصحة ‬بقسنطينة بمعاقبة الطبيبين بعام من دون عمل.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وأدت هذه الحادثة إلى سنّ قانون صحة جديد يمنع إجراء عمليات الختان في مكان بعيد عن عيادة طبية ومن غير حاصل على دكتوراه في الطب ومختص في الجراحة، ومازال الختان حلقة مفقودة في المنظومة الطبية الجزائرية المشتقة من المقرر الطبي الفرنسي والأوروبي عموما، الذي لا يعترف بالختان، بدليل أن غالبية الذين يعتنقون الإسلام من الفرنسيين والأوروبيين يأتون إلى الجزائر لإجراء الختان في العيادات الطبية، ولكن مجزرة الخروب أنقذت المئات من الجزائريين، وتوقف الاستهزاء بهذه العملية الجراحية الدقيقة التي تعني مصير رجال المستقبل، حيث كان يمارسها الحلاّقون وكبار الدشرة والممرضون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!