-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الجزء الأوّل

الشيخ المأمون القاسمي عميدا لجامع الجزائر.. إشادة وشهادة

محمد نواسة
  • 1976
  • 0
الشيخ المأمون القاسمي عميدا لجامع الجزائر.. إشادة وشهادة

أسند السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عمادة جامع الجزائر لفضيلة الشيخ محمد المأمون القاسمي الحسني حفظه الله وسدد خطاه، عن حسن تقدير وتدبير، ففرحت الأوساط الدينية والوطنية واستبشرت بهذا التعيين وتمنت النجاح للشيخ وشكرت للسيد الرئيس حسن اختياره لما يعرف عن الشيخ من عمق التدين وصدق التوجه إلى الله والتفاني في خدمة الوطن ولما يتمتع به من علم ومعرفة وانفتاح على الأوساط المختلفة مع الاعتزاز بمعالم وركائز مرجعيتنا الدينية والوطنية التي تشرّبها منذ نعومة أظفاره وهو تلميذٌ صغير يغدو ويروح بين أعمدة مسجد زاوية الهامل وبين جدران المسجد العتيق الكائن على مرمى حجر منها، حيث ارتوى من علوم اللغة والشرع على جهابذة التعليم في هذين المعقلين العريقين من معاقل المرجعية الدينية الجزائرية التي تستند إلى النتاج العلمي الأصيل  لمنطقتنا المغاربية وتعلن عن هويتها بوضوح.

هذه شهادة أقدمها لله وللشعب وللوطن، أن الشيخ كما أنه واسعُ العلم والمعرفة فهو كذلك واسع الصدر منفتح العقل يتحلى بالحلم والأناة وطيب المعشر وخفض الجناح ويتصف بأدب الخلاف ولا يضجر ممن يخالفه الرأي ويلتزم بأدبيات التسامح وبأخلاق العلماء الربانيين.

وقد أخذ العلم وتلقى التربية الأولى على يد والده الشيخ مصطفى القاسمي ـ رحمه الله ـ (أحد المؤسسين التاريخيين لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ـتحت رئاسة الإمام ابن باديس رحمه الله ـ رفقة ابن عمه الشيخ عبد القادر القاسمي وإن غادرا الجمعية بعد تأسيسها لأسباب ليس هذا محل الإفاضة فيها وساهما بعد ذلك في تأسيس جمعية أخرى سميت “جمعية السنة النبوية” وذلك رفقة الشيخ القبائلي الأزهري المولود الحافظي رحمه الله وهو شيخ شيخنا بركة الوقت سيدي محمد الطاهر آيت علجت شفاه الله ووقاه ـ وهو الذي أجازه بمروياته وأسانيده التي يجيز بها طلبته إلى يومنا هذا) وتتلمذ كذلك على بقية شيوخ الزاوية القاسمية وعلى غيرهم من علماء الجزائر والعالم الإسلامي ثم التحق بالجامعة الجزائرية وبعد تخرجه شق مساره الدعوي والمهني بعزيمة قوية وهمة عالية.

وفي الوقت ذاته، امتعضت لهذا التعيين الموفق والمبارك بعضُ الأوساط المتعصبة فأطلقت ألسنتها كعادتها في ثلب أخيار الأمة وأشرافها والتنقيص منهم، وليس هذا بجديد على هؤلاء المفلسين علميا وخُلقيا، وأحسن رد على إساءتهم هو تجاهلهم وترديد مقولة الإمام الحافظ ابن عساكر رحمه الله: (إن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار من نهشها معلومة، ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب، أصابه الله بمرض موت القلب). وحديثي عن هذا الحدث الهام في حاضر الجزائر وتاريخها المعاصر وأثره المرجو في مستقبلها الزاهر بإذن الله ليس موجها إلى هؤلاء، ولكنه موجه إلى العقلاء من كافة شرائح المجتمع الجزائري المتعطش لمعرفة علماء دينه ومشايخ بلده ورموز مرجعيته. وفي الحقيقة أن تهجم هؤلاء المتعصبين على الشيخ لا يستدعي ردا بمعنى الرد ولكني ارتأيت تقديم هذه الشهادة بحق شيخنا المأمون حفظه الله والذي هو في غنى عن دفاعي وتعريفي فنسبُه وأدبه وعلمه وعمله كل أولئك كفيلٌ ببيان فضله ومكانته، ولكن لا ضير من تسجيل بعض الانطباعات وتقديم هذه الشهادة في حقه، فالذي أعرفه من خلال اتصالي بالشيخ وتواصلي معه مدة معتبرة من الزمن وخاصة في السنوات العشر الأخيرة وهذه شهادة أقدمها لله وللشعب وللوطن، أن الشيخ كما أنه واسعُ العلم والمعرفة فهو كذلك واسع الصدر منفتح العقل يتحلى بالحلم والأناة وطيب المعشر وخفض الجناح ويتصف بأدب الخلاف ولا يضجر ممن يخالفه الرأي ويلتزم بأدبيات التسامح وبأخلاق العلماء الربانيين.

وفيما يلي فقرات مختصرة للتعريف بشخصية هذا الشيخ الصالح والداعية المصلح والعالم العامل والمرجع الديني والزعيم الروحي والرمز الوطني.

اسمه ونسبه ومولده وطلبه للعلم:

هو السيد الشريف محمد المأمون القاسمي الحسني (وليس الحسيني كما تداولته بعض وسائل الإعلام) بن مصطفى بن محمد بن الحاج محمد بن أبي القاسم… يمتدّ نسبُه الشريف إلى الحسن السبط بن علي بن أبي طالب وفاطمة بنت سيد الخلق محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم أجمعين، فهو فرعٌ من الدوحة الحسنية الشريفة من آل البيت الطاهرين الذين دخلوا إلى الجزائر في القرن السادس الهجري وكان السيد أبو زيد بن علي أول من دخل بلادنا من هذه السلالة الشريفة وهو جدّ الأشراف الموجودين في الهضاب العليا وشمال الصحراء، كما نص على ذلك الشيخ عبد الرحمان الثعالبي والشيخ محمد بن عرفة والقاضي الجليل الشيخ عبد الله حشلاف رحمهم الله.

وُلد الشيخ محمد المأمون القاسمي بقرية الهامل إحدى ضواحي مدينة بوسعادة العريقة يوم 01 ربيع الأول 1363ه الموافق لـ25 فبراير 1944 م، حفظ في صغره القرآن الكريم كاملا ثم تلقى علوم الدين على شيوخ زاوية الهامل التي قال عنها الشيخ عاشور الخنقي رحمه الله: (إن زاوية الهامل لا تُطأطئ رأسها للزيتونة والقرويين) ووصفها الشيخ أحمد توفيق المدني رحمه الله وهو أحد أبرز رجال وقادة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وكاتبها العام في عهد الإبراهيمي بـ”قلعة العروبة والإسلام” وبأنها”روضة من رياض الجنة” انظر مذكراته “حياة كفاح” الجزء الثاني صفحة:93 و95.

نهل من علوم اللغة والشرع وفق البرنامج التعليمي الذي سطره مؤسس الزاوية ومساعدوه التربويون، ثم طوّره خلفاؤه من بعده حتى يواكب التطور البيداغوجي للتعليم، ثم كان لشيخنا دوره في ذلك التطوير عندما آلت إليه مشيخة الزاوية بعد وفاة أخيه الشيخ خليل القاسمي رحمه الله، وكان طلبة الزاوية بعد تأسيسها يدرسون في المرحلة الابتدائية: الآجرومية وملحة الإعراب والأزهرية وفي المرحلة الثانوية: قطر الندى وشذور الذهب وشرح ابن عقيل وشرح الأشموني لألفية ابن مالك وشرح ابن يعيش للمفصل (وهذا الكتاب القيّم في مادة النحو واللغة تم تقرير دراسته على الطلبة في الجامع الأزهر بمصر فيما بعد وقد سبقته زاوية الهامل في ذلك كما سبقته في غيره من المواد وهذا من مناقبها ومفاخرها العلمية والتاريخية وفضل السبق ليس له كفاء)، وتفسير الواحدي ومختصر ابن أبي جمرة الأندلسي لصحيح البخاري ومتن ابن عاشر ومتن خليل ورسالة ابن أبي زيد القيرواني والشفا للقاضي عياض بشرح الدلجي وموطأ الإمام مالك ثم صحيح البخاري وصحيح مسلم وبقية المتون والمنظومات المعتمدة آنذاك.

شيوخه وأساتذته:

وقد تتلمذ على والده الشيخ مصطفى القاسمي وعلى أخيه الشيخ خليل القاسمي وعلى الشيخ محمد عبد العزيز الفاطمي والشيخ محمد قريشي التاجروني والشيخ عبد الحفيظ القاسمي والشيخ أحمد بن عزوز القاسمي وأجازه والده الشيخ مصطفى القاسمي والشيخ الطاهرالعبيدي (الشهير بمراسلاته مع الإمام ابن باديس) والشيخ المحدث محمد بن علوي المالكي المغربي بمكة المكرمة، ثم التحق بجامعة الجزائر فأجيز في الدراسات العليا تخصص العلوم الإسلامية وتولى التدريس في المعهد القاسمي والإشراف على التنظيم التربوي فيه ثم التحق بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف وكانت تسمى يومها وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية وعمل إلى جانب الوزير والمفكر المرحوم مولود قاسم نايت بلقاسم وتولى فيها عدة مناصب وكُلّف بعدة مهام وبعدها تم تعيينه عضوا في المجلس الإسلامي الأعلى كما اشتغل مستشارا شرعيا للبنوك الإسلامية، وبالموازاة مع ذلك فقد نشط في ميدان الدعوة الإسلامية والمجتمع المدني وساهم في تأسيس العديد من الهيئات والجمعيات وأنجز الكثير من البحوث والدراسات والمشاريع العلمية والتربوية والتعليمية والخيرية والوقفية والعمرانية.

تلاميذه:

هم من الكثرة بحيث يتعذر إحصاؤهم ويتوزعون على عدة مدن جزائرية وعدة بلدان إفريقية وبعضهم أصبحوا إطارات مرموقة في هياكل الدولة الجزائرية وأكتفي بذكر اثنين من أبرزهم ألا وهما الشيخ الداعية النابغة سليم كلالشة الذي درس في زاوية الهامل قبل التحاقه بالجامعات المصرية وكان شيخنا المأمون القاسمي هو من أشرف على تكوينه وتأهيله في الزاوية ومعهدها العلمي وأجازه وزوّده بشهادة التخرج من المعهد القاسمي والتي مكنته من التسجيل في جامعة عين شمس بالقاهرة والمجاورة والتربص والتكوين بالأزهر الشريف، والشيخ الداعية الخطيب المفوه أحمد القاسمي وهو ابن أخته ومن بني عمومته ومكانته في ساحة الدعوة والتربية لا تخفى على أحد، تغمدهما الله برحمته الواسعة.

… يُتبع

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!