-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشيخ المأمون القاسمي عميدا لجامع الجزائر.. إشادة وإفادة  3/3

محمد نواسة
  • 869
  • 0
الشيخ المأمون القاسمي عميدا لجامع الجزائر.. إشادة وإفادة  3/3

في هذا الجزء الثالث والأخير من هذا المقال الذي خصصناه للتعريف الموجز بشخصية شيخنا محمد المأمون القاسمي عميد جامع الجزائر وشيخ زاوية الهامل، نتحدث بإيجاز عن تصوفه السني التربوي وفكره الروحي المتقيد بهدي الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة.

 أضواء على شخصيته:

هو شخصية وازنة متزنة، جامعة موحِّدة وصاحب عقلية علمية مستوعبة ومتفتحة، ومع أن الصفة البارزة في شخصيته وفي تكوينه العلمي هي شخصية العالم الديني والفقيه الإسلامي، إلا أنه – وبالإضافة إلى البعد الديني والعلمي والروحي والدعوي في شخصيته وتكوينه- فللرجل جوانب أخرى، فهو وإن كان بعيدا كل البعد عن التكتلات السياسية في قوالبها الحزبية الضيقة، إلا أن له إلماما جيدا بالسياسة وخبرة معتبرة في الإدارة وتدبير الشأن العام وممارسته السياسية هي ذات طابع وطني ومجتمعي ومدني.

وبتعبير آخر هو شخصية شاملة متكاملة تجمع بين الصفتين الدينية والمدنية وهو بالفعل يجسد ثنائية فاعلة في كونه رجل دعوة ورجل دولة في آن واحد وهذا من النادر جدا، إلى جانب تحليه بآداب البحث والمناظرة والنقاش الموضوعي والحيدة العلمية والبحث المجرَّد عن الحقيقة وتقبُّله لكل إرشاد مصحوب بالدليل متى صحّ عنده صدقُ من أرشده وكفايته، غير ناظر إلى مستواه العلمي والدراسي وغير آبهٍ بطبقته الاجتماعية وإنما رائده في ذلك إرضاء الله والوصول إلى الحقيقة والرأي الصائب، وهو يسعى دائما إلى توحيد الجهود وتقريب الآراء ووجهات النظر وبناء أرضية مشتركة بين المختلفين والمتخالفين، وينفر بطبعه من الشذوذ وعوامل التفرقة ودواعي تمزيق الشمل، وهاجسه الذي يقض مضجعه دوما ويدفعه إلى الحركة هو مصلحة الوطن ومصالح الجماعة الوطنية بكل مكوناتها وأطيافها؛ فإذا كان هناك نشاط أو مشروع أو مبادرة أو تظاهرة تخص ناحية من نواحي المصلحة العامة للدين والوطن والإنسانية فتراه يسارع إلى المشاركة فيها بالنصح والتوجيه والتنظير والتأصيل والنقد البناء وإبداء الرأي والحضور الذهني والجسدي، وإذا كانت لحسابات شخصية أو فئوية أو جهوية أو تمس بحرمة الدين وسلامة المعتقد أو أمن الوطن ومصالحه الآنية والمستقبلية فتجده ينأى بنفسه ومحيطه عنها بأدب لائق واعتذار دبلوماسي وحسن تخلّص، وما شبّ حريقٌ في جهة من جهات الوطن إلا هب مسرعا رفقة الخيرين لإطفائه، وما مجالس الصلح التي كان وما زال يعقدها لإصلاح ذات البين بين المتخاصمين من الأفراد والجماعات والأعراش والقبائل، وما جهوده لدرء فتنة إراقة الدماء رفقة صديقه الراحل المناضل والسفير محمد العربي دماغ العتروس رحمه الله وغيره من الشخصيات في حقبة التسعينيات المظلمة من القرن الماضي، وما مواقفه في الصلح بين أهالي غرداية في مطلع ثمانينيات القرن الماضي وأواسطها وأواخرها ثم وعلى الخصوص في الفتنة الأخيرة التي كادت تتحوّل إلى حريق لا يُبقي ولا يذر، وما مساعيه في وأد الفتنة التي عصفت ببلاد القبائل في صائفة العام المنصرم إلا أمثلة قليلة على جهوده المضنية والمتعددة لرأب الصدع بين أبناء الوطن الواحد وحقن دمائهم المحرمة، وغير ذلك من جهود لا يتسع هذا المقال لسردها والتفصيل في مجرياتها.

ومن خصاله أيضا الانفتاح المتوازن على الغير والتواصل الدائم مع العلماء ومختلف الفعاليات. والرجل متواضع خاشع لله تغلبه العبرة في مواقف العبرة فتنهمر دموعه خوفا من الله أو ألما وحزنا على مآسي المسلمين وخاصة على إخواننا في فلسطين، وعلى ذكر فلسطين -والحديث عنها ذو شجون -فقد سارع الشيخ إلى تبني الدفاع عنها والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في سعيه لتحرير أرضه واسترجاع حريته وهويته التي يسعى الكيان الصهيوني إلى طمسها واسترداد مقدّساته التي يسعى الصهاينة إلى تهويدها، فانضم إلى العاملين على تحريرها فأسس ـ رفقة بعض مريديه ومحبيه ـ هيئة نضالية حقوقية إغاثية أطلق عليها اسم (منتدى سيدي أبي مدين للأخوة الجزائرية الفلسطينية) وانتُخب بالإجماع رئيسا تنفيذيا لها، وساهم في تأسيس المؤتمر الآفروـ آسيوي، وانخرط في الائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين وشارك في اجتماعاتهما في اسطنبول بتركيا، وشارك في مؤتمر رواد بيت المقدس والتقى مع العاملين لفلسطين من جميع أنحاء العالم، والتقى بقادة المقاومة الفلسطينية، ودعا إلى الوحدة بين الفصائل الفلسطينية.

كما بارك وأيد مسعى السيد رئيس الجمهوية لاحتضان الجزائر لاجتماع الوحدة بين الفلسطينيين وشدد على ضرورة انضاج هذا المسعى وتهيئة الظروف الملائمة لإنجاحه بما يتوافق مع أهمية القضية الفلسطينية وعدم التفريط في ثوابتها وفي حقوق الشعب الفلسطيني كاملة غير منقوصة وبما يتلاءم مع سمعة الجزائر، وقبل ذلك أقام ندوة حافلة تحت عنوان (الجزائر مع فلسطين في السراء والضراء) ببلدة الهامل في بوسعادة ودعا إليها نخبة من أهل العلم والفكر والنضال وحقوق الإنسان.. إلى غير ذلك من الفعاليات والمبادرات المتعلقة بهذا الشأن كإصداره لبيانات تأييد المقاومة الفلسطينية والتحذير من مخاطر تطبيع بعض الدول العربية والإسلامية لعلاقاتها مع الكيان الصهيوني، فربط بذلك بين الجهود الحاضرة والجهود السابقة، ومنها جهود والده الشيخ مصطفى القاسمي وجهود أخيه الشيخ خليل القاسمي رحمها الله من خلال جمعية “المحافظة” ومجلتها “جريدة الروح” أثناء النكبة الفلسطينية الأولى بين عامي 1948 و1949م وانخراطهما في نشاطات الدعم وجهود مناصرة فلسطين بإصدار البيانات وجمع التبرُّعات والمساهمة في تجهيز المتطوعين للقتال ضد العصابات الصهيونية وذلك بالتنسيق مع حركة انتصار الحريات الديمقراطية (مصالي الحاج) وبعض ممثلي الطريقة العلوية في مصر وفلسطين.

 وقفة مع تصوف الشيخ:

من الشُّبه التي أثارها بعضُهم حول الشيخ بل هي أكبر شُبهة في نظرهم القاصر مشربه الصوفي، ولا يعنيني هنا فتحُ نقاش معهم حول أمر يرفضونه مبدئيا ولا يفهمونه وليس لديهم استعدادٌ لفهمه وهيهات أن يفهموه حتى لو تأدّبوا بأدب الحوار والاستماع وكان محدِّثهم من ذوي الباع في العلم والمناظرة، ولكن يهمني مخاطبة النزهاء لا مجادلة المتعصبين والسفهاء، فالتصوف هو لب الإسلام وجوهره، ولا مشاحة في الاصطلاح ومداره كله حول مقام الإحسان الوارد في حديث جبريل عليه السلام الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وإذا كان علم الكلام أو العقائد والفقه وأصوله والحديث ومصطلحه والتفسير وبقية ما اصطلح عليه بالعلوم الشرعية وعلوم الآلة يمثل الجانب النظري من الإسلام، فالتصوف يمثل الجانب الروحي والعملي والتربوي، وعلماء الإسلام يقسمون التصوف إلى قسمين: قسم فلسفي وقسم عملي وليس هذا مجال التوسع أو النقد والرد، والشيخ القاسمي رجل عاقل وفقيه عامل وداعية مناضل يضن بوقته الثمين أن يضيعه في فك طلاسم التصوف الفلسفي ومحاولة مزج الماء مع الزيت كما يقولون أي (خلط أحكام الدين بشوائب الفلسفات الوثنية الشرقية والغربية وبقايا الديانات السماوية المحرفة)، وإن كان هذا حقلا معرفيا له رجاله وفرسانه المتخصصون فيه، وإنما هو أي الشيخ القاسمي من شيوخ التصوف السني المحرر كما يسميه الشيخ سعيد حوى رحمه الله أي التصوف التربوي العملي الذي لم يجد شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله وهما الأبوان الروحيان للتيار السلفي إن صح التعبير وهما من هما مكانة في التاريخ العلمي الإسلامي كله، قلت: لم يجدا حرجا في تبنّيه والكتابة فيه، فألّف الأول فيه كتابين ضخمين عنون الأول بكتاب علم السلوك والثاني صراحة بكتاب التصوف وهما ضمن (مجموع الفتاوى).

وأما الثاني فشرح كتاب الإمام الصوفي الجليل شيخ الإسلام إسماعيل الهروي رحمه الله “منازل السائرين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين” وذلك في كتابه القيّم “مدارج السالكين” والذي بسببه اعتبره علماء الملة الإسلامية صوفيا سلفيا أو سلفيا متصوفا واعتبره بعضهم صوفيا محضا وأنه في كتابه ذلك وكتب أخرى ككتاب “طريق الهجرتين وباب السعادتين” كان صوفيا خالصا وأقرب إلى الصوفية منه إلى السلفية وهو ما تشي به كتبُه الأخرى والتي أبان فيها عن عاطفة صوفية جياشة وإحاطة موسوعية بعلوم القوم الذين يستدل هو وشيخه بهم وبأقوالهم واجتهاداتهم في معظم كتبهما دون مواربة ولا حرج على عكس ما يشيعه القاصرون في عصرنا.

ولا بأس هنا من إيراد بعض نصوص الإمام ابن تيمية رحمه الله إحقاقا للحق وإزهاقا للزيف والأراجيف فقد كثُر الكلام حول الصوفية والتصوف كما قال أهل العلم والتحقيق ما بين مبالغة في الثناء والمدح ومبالغة في الذم والقدح حتى ضلت أفهام وزلت أقدام وذاعت أوهام وضاعت الحقيقة لدى العوام ولدى كثير من المنتسبين للإسلام، وأكتفي في هذا المقام بتلخيص موقف ورأي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (إذ المفروض أنه المعول عليه وعلى علمه لدى هؤلاء المرجفين وبعض شيوخهم المتعصبين الذين هم أسرى وعبيد لفتاواهم وآرائهم واجتهاداتهم ولا يخرجون عنها قيد أنملة) فقد قال ابن تيمية في الفتاوى: (أول ما ظهرت الصوفية من البصرة وأول من بنى دويرة (أي ما نعبر عنه نحن في عصرنا بالزاوية) للصوفية بعض أصحاب عبد الواحد بن زيد وعبد الواحد بن زيد من أصحاب الحسن البصري، وكان في البصرة من المبالغة في الزهد والعبادة والخوف ونحو ذلك ما لم يكن في سائر الأمصار) الجزء 11 ص 6 و7، وسُئل عن الصوفية والفقراء فأجاب: (الحمد لله، أما لفظ الصوفية فإنه لم يكن مشهورا في القرون الثلاثة، وإنما اشتهر التكلم به بعد ذلك، وقد نُقل التكلم به عن غير واحد من الأئمة والشيوخ كالإمام أحمد بن حنبل وأبي سليمان الداراني وغيرهما وقد رُوي عن سفيان الثوري أنه تكلّم به وبعضهم يذكر ذلك عن الحسن البصري) المجلّد الثاني صفحة 251 طبعة مكتبة الرشد بيروت بتحقيق القحطاني، ووصف أعمال القلوب التي حولها يدندن مشايخ التصوف بقوله في مطلع كتابه علم السلوك: (فهذه كلمات مختصرات في أعمال القلوب التي قد تسمى “الأحوال والمقامات” وهي من أصول الإيمان وقواعد الدين) ويفصِّل القول في حديثه عن التصوُّف والصوفية في موضع آخر فيقول: (ولأجل ما وقع في كثير منهم من الاجتهاد والتنازع فيه تنازع الناس في طريقهم، فطائفة ذمت الصوفية والتصوف وقالوا: إنهم مبتدعون خارجون عن السنة، ونُقل عن طائفة من الأئمة في ذلك من الكلام ما هو معروف، وتبعهم على ذلك طوائف من أهل الفقه والكلام، وطائفة غلت فيهم وادّعوا أنهم أفضل الخلق وأكملهم بعد الأنبياء، والصواب: أنهم مجتهدون في طاعة الله، كما اجتهد غيرهم من أهل الطاعات، ففيهم السابق المقرب بحسب اجتهاده، وفيهم المقتصد الذي هو من أهل اليمين… ومن المنتسبين إليهم من هو ظالمٌ لنفسه عاص لربّه) الجزء: 11 ص: 18، وبعد تفصيله للقول في أحوالهم وبيانه أن أصل التصوُّف وحقيقته لا غبار عليهما من الناحية الدينية والعلمية وتقريره أن مداره على الزهد والاجتهاد في العبادة وتزكية النفس والصدق والإخلاص، قرر ما يلي: (التصوف عندهم له حقائق وأحوال معروفة قد تكلموا في حدوده وسيرته وأخلاقه) وهو يسمي المتصوفة الصادقين بأهل العلم والاستقامة وأثنى على بعضهم ثناء عطرا (كالفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم وأبي سليمان الداراني ومعروف الكرخي والجنيد بن محمد وسهل بن عبد الله التستري وأمثالهم رضوان الله عليهم) الفتاوى ج11 ص 233 (لاحظ ترضِّيه عليهم وهل يترضى ابن تيمية على ضال أو مبتدع؟).

تصوفُ القاسميين هو تصوف سني علمي عملي تربوي غير فلسفي ولا بدعي ولا خرافي استنبطه العارف بالله سيدي محمد بن عبد الرحمان الجرجري رحمه الله الشهير بسيدي امحمد دفين مقبرة الحامة التي تنسب في تسميتها إليه، قلت: استنبطه من الطريقة الخلوتية خلال إقامته بمصر وانتسابه للأزهر الشريف أثناء رحلته المشرقية طلبا للعلم، وبعد عودته نشر طريقته في ربوع الجزائر وتسمى أتباعه بالرحمانيين.

وتصوفُ القاسميين هو تصوف سني علمي عملي تربوي غير فلسفي ولا بدعي ولا خرافي استنبطه العارف بالله سيدي محمد بن عبد الرحمان الجرجري رحمه الله الشهير بسيدي امحمد دفين مقبرة الحامة التي تنسب في تسميتها إليه، قلت: استنبطه من الطريقة الخلوتية خلال إقامته بمصر وانتسابه للأزهر الشريف أثناء رحلته المشرقية طلبا للعلم، وبعد عودته نشر طريقته في ربوع الجزائر وتسمى أتباعه بالرحمانيين تيمنا بلقب الشيخ محمد بن عبد الرحمان الذي هو اسم والده، والطريقة الخلوتية هي طريقة سنية غير بدعية اشتقت تسميتها من الخلوة ولمؤسسيها في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة في اختلائه وتحنّثه في غار حراء، وهي ملتزمة بمنهج الكتاب والسنة وبعيدة كل البعد عما شاب التصوف في مسيرته التاريخية من شوائب ناجمة عن المخالطة والدس والتحريف كعقيدة الحلول والاتحاد السخيفة الباطلة التي يتبرأ منها شيوخ الطريقة الخلوتية وينأون عنها بوضوح في كتبهم وأشعارهم .

يتحلى الشيخ المأمون القاسمي بآداب البحث والمناظرة والنقاش الموضوعي والحيدة العلمية والبحث المجرَّد عن الحقيقة وتقبُّله لكل إرشاد مصحوب بالدليل متى صحّ عنده صدقُ من أرشده وكفايته، غير ناظر إلى مستواه العلمي والدراسي وغير آبهٍ بطبقته الاجتماعية وإنما رائده في ذلك إرضاء الله والوصول إلى الحقيقة والرأي الصائب.

ومن أشهر الأسر العلمية العريقة والعوائل التاريخية في الجزائر التي تنتمي إلى هذه الطريقة عائلة المقراني، القائد التاريخي للثورة المشهورة والتي تسمى كذلك ثورة الرحمانيين وعائلة القائد الثاني لتلك الثورة الشيخ الحداد وعائلة الشيخ حمدان الونيسي والشيخ المولود بن الموهوب وعائلة ابن باديس، فكل شيوخها وقضاتها وأعيانها رحمانيون خلوتيون، بل إن الشيخ عبد الحميد بن باديس نفسه بدأ ونشأ في البداية صوفيا رحمانيا فتكوَّن على يدي الشيخين المذكورين والتزم الصلاة والذكر والتفقه في زاوية سيدي قموش الرحمانية ومسجد الأربعين شريفا بقسنطينة واتصل بالشيخ باش تارزي شيخ الطريقة الرحمانية في قسنطينة ووضع مقدمة لمنظومته المسماة “المنظومة الرحمانية” واعتنى بتصحيحها ومراجعتها بطلب من صاحبها ومقدّمته تلك التي تضمّنت ثناءه على الشيخ ومنظومته مثبّتة في طبعاتها المتداولة إلى يومنا هذا، وشيوخه الأوائل في بلده قسنطينة كلهم صوفيون رحمانيون وفي مقدمتهم الشيخان المذكوران المولود بن الموهوب وحمدان الونيسي، هذا الأخير الذي تتلمذ على الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي رضي الله عنه مؤسس زاوية الهامل وشيخها الأول وأجازه بمروياته ومؤلفاته، كما ذكر الشيخ الحفناوي في كتابه “تعريف الخلف برجال السلف”.

وعلى ذكر مؤسس الزاوية الشيخ العارف الولي سيدي محمد بن أبي القاسم طيب الله ثراه فهذا الشيخ الراسخ في العلوم كان علامة موسوعيا وفقيها مالكيا ومن أقطاب الفتوى في الجزائر ومن رموز الجهاد بايع الأمير عبد القادر على القتال ضد فرنسا وكانت زاويته معقلا من معاقل ثورة المقراني والحدّاد وكان ذا نزعة إصلاحية واضحة ويؤثر العقلية العلمية بل يحارب العقلية الخرافية ويفضّل الناحية العملية على الفلسفة الانزوائية وكان صاحب فكر مؤسسي وحركي إذا جاز التعبير، وقد ورث عنه خلفاؤه من شيوخ زاويته هذه النزعة بدءا بابنته السيدة الفاضلة العاملة الجليلة لالة زينب رحمها الله وبقية من ترأس المشيخة القاسمية وصولا إلى شيخنا المأمون القاسمي الذي لا يجادل في علو كعبه في العلم والعمل والنشاط الوطني العام بل وحتى في الجهود الإنسانية والدولية إلا مكابر.

انتهى

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!