-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الصهيونية ونظام المخزن.. ملامح تفكير استراتيجي موحد

بقلم: علي لكحل
  • 702
  • 0
الصهيونية ونظام المخزن.. ملامح تفكير استراتيجي موحد

يتبنى الطرفان (الكيان الصهيوني ونظام المخزن) نفس المقولات التاريخية القائمة على تزييف التاريخ، فالطرح الصهيوني يتحدث عن أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، مناقضا حقيقة الوجود التاريخي للشعب الفلسطيني، ونظام المخزن يتحدث أيضا عن الأرض (الوحدة الترابية) من دون الحديث عن الشعب الصحراوي، وكأنها أرض بلا شعب، ولذلك يتجاوز نظام المخزن فكرة الاستفتاء ويرفضها من حيث المبدأ، لأن الفكر الاستراتيجي لنظام المخزن مثقل بمحاكاته الفكر الصهيوني في رؤيته للنزاع. فلا يهم المغربَ في موضوع الصحراء سوى الحديث عن الأرض كإقليم، ولكنه يتجاهل الساكنة الذين يحاولون تقرير مصيرهم. هذا أوَّلا.

يلتقي الفكر الاستراتيجي الصهيوني مع توجهات نظام المخزن في عدائهما للجزائر، فلا الكيان الصهيوني قادر على القبول بالجزائر الدولة المحورية في المنطقة، ولا نظام المخزن يمكنه القبول بالجزائر كقوة في إقليمها.

ثانيا: يحاول الاحتلال الإسرائيلي منذ وجوده استبدال الشعب العربي الفلسطيني بالمهاجرين اليهود القادمين من كل بقاع الأرض، ويحاول نظام المخزن استبدال الشعب الصحراوي ببعض المغاربة الذين يشجِّعهم على الهجرة نحو الأراضي الصحراوية المحتلة مقابل بعض الامتيازات التي تكلّف المخزن أموالا طائلة.

ثالثا: الطرح الصهيوني حول فكرة الحكم الذاتي للفلسطينيين يقوم على السيادة الكاملة للاحتلال على التراب الفلسطيني، هو نفس الطرح الذي تقدَّم به نظام المخزن للصحراويين مقابل سيادته الكاملة على الاراضي الصحراوية.

رابعا: تجاوزُ القانون الدولي إذ وضع الكيان الإسرائيلي نفسه كيانا فوق القانون الدولي، وهو نفس المنحى الذي يتخذه نظام المخزن؛ فهو يتجاهل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بتصفية الاستعمار وكلَّ الجهود الدولية والإفريقية التي تصب في اتجاه تقرير مصير الشعب الصحراوي.

خامسا: جدار الفصل العنصري في فلسطين يقابله الجدار الرملي الذي يسمّى جدار العار في الصحراء الغربية. والواقع أنهما ليسا جدرانا للفصل العنصري فقط وإنما أيضا للفصل بين الشعب وأرضه، وإقناع صاحب الأرض بالهجرة الطوعية، بفقدان الأمل في العودة إلى ما وراء الجدران.

سادسا: قبول الدور الوظيفي للطرفين، فالاحتلال الاسرائيلي يقوم بدور وظيفي لصالح القوى الاستعمارية التي تحركها صراعات تاريخية مع الأمة العربية والإسلامية، ونظام المخزن يقبل أيضا بدور وظيفي للقوى الاستعمارية التي لديها حسابات تاريخية مع الجزائر والمنطقة وعلى رأسها الاحتلال الصهيوني.

سابعا: سيطرة فكرة التوسع في الفكر الاستراتيجي للاحتلال الصهيوني ونظام المخزن، فمنذ إعلان الأمم المتحدة قرار إنشاء الكيان الاسرائيلي وخريطة الكيان وحدوده تتغير من مرحلة إلى أخرى فتوسع الاحتلال على حساب الفلسطينيين ثم بقية دول الطوق العربي، ولذلك فإن خريطة الكيان الصهيوني لعام 1948 ليست هي خريطته لعام 1967 وليست هي نفسها بعد 1973، وليست نفسها بعد تحرير الجنوب اللبناني، وليست حدود اليوم بعد كل التوسع الاستيطاني، وفي محاكاة لهذا التوجه حاول نظام المخزن التوسع في الأراضي الجزائرية بعد استقلالها مباشرة، ويستمر في التوسع على حساب الأراضي الصحراوية، ولدى بعض نخبه السياسية مشاريع توسعية لبناء ما يسمى “المغرب الكبير”، إذ أن الحلم يمتد من النهر إلى البحر، أي من نهر السنيغال جنوبا إلى البحر المتوسط شمالا، ومن نهر الشلف شرقا إلى المحيط الأطلنطي غربا، وهو نفس الحلم الذي يراود الصهاينة في توسُّع كيانهم من نهر الفرات إلى نهر النيل.

ثامنا: عمل الاحتلال الصهيوني على تعطيل ترسيم حدوده إلى اليوم مع لبنان وفلسطين، ونفس السياسة ينتهجها المغرب في عدم ترسيم حدوده مع الجزائر.

تاسعا: عبّرت إدارة الاحتلال الصهيوني عن رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو نفس الطلب الذي تقدَّم به المغرب، فكلا النظامين يشعر بالعزلة وعدم الانتماء إلى المحيط الطبيعي، فتوجُّه الاحتلال الصهيوني وليد الشعور بالامتداد للحضارة المسيحية اليهودية، ويستمر هذا الامتداد رغم حركة التطبيع. والتوجه المغربي الانعزالي عن محيطه ليس له من تفسير سوى نفوذ العقل الصهيوني للنخبة المغربية الحاكمة.

ويتجه الاحتلال الصهيوني للاستقواء على الإقليم بالقوى الغربية. ويتجه المغرب للاستقواء على محيطه بقوى خارجية آخرها الاتفاقات الأمنية والعسكرية مع الكيان الصهيوني نفسه.

عاشرا: يلتقي الطرفان أيضا في عدم الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بتصفية الاستعمار.

حادي عشر: يلتقي الطرفان أيضا في تهميش البعد الانساني وانتهاك حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.

ثاني عشر: يلتقي الفكر الاستراتيجي الصهيوني مع توجهات نظام المخزن في عدائهما للجزائر، فلا الكيان الصهيوني قادر على القبول بالجزائر الدولة المحورية في المنطقة، ولا نظام المخزن يمكنه القبول بالجزائر كقوة في إقليمها.

ثالث عشر: يقوم الفكر الاستراتيجي الصهيوني على تفتيت وتجزئة الدول، وإذكاء الفتن الداخلية لتحقيق ذلك، وهو ما لاحظناه في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق وغيرها، ونفس التوجه تبناه قادة المغرب بدعمهم للكيانات الارهابية والانفصالية في الجزائر.

كل هذه العناصر وغيرها، أكدت تصهْيُن العقل المغربي، وهو عقل قائم على التوسع، وفوق القانون الدولي، وقاد في النهاية إلى التحالف والاندماج الكلي للقيادات المتصهينة، وهو ما يجعل الجزائر في مواجهة مع العقل الاستراتيجي الصهيوني الذي لا تعجبه تصريحات قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة (أننا أكبر دولة في المنطقة)، أو تأكيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون (بأن الجزائر قوية وأقوى مما يظنون).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!