-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الطاهر‭ ‬وطار‭… ‬والأمازيغية‭ 1‭/‬2‬

محند أرزقي فراد
  • 5486
  • 13
الطاهر‭ ‬وطار‭… ‬والأمازيغية‭ 1‭/‬2‬

استسمج الأدباء في دخولي إلى عالم الأديب الروائي الطاهر وطار، من أجل تسليط بعض الأضواء على جانب مهم في حياته وأعماله، لم يأخذ حقه من الدراسة والتحليل، وهو الجانب المتعلق بموقفه من الثقافة الأمازيغة. فكيف عالج هذه القضية، وهو الأمازيغي الذي لم يتنكر لأمازيغيته،‭ ‬إذ‭ ‬قال‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬باعتزاز‮: »‬‭…‬هذا‭ ‬الشاب‭ ‬الباديسي،‭ ‬الزيتوني،‭ ‬الريفي‭ ‬،‭ ‬البربري‮«‬،‭ ‬ولم‭ ‬يتعلم‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬سنّ‭ ‬المراهقة؟‭ ‬

  • اعتمدت في تناولي لهذا الموضوع، على علاقتي الحميمة بالأديب الطاهر وطار التي دامت حوالي عقدين من الزمن، وكان منطلقها موضوع الأمازيغية، الذي يندرج ضمن اهتماماتي العلمية، وكذا على بعض أعماله وأخص بالذكر، مذكراته الموسومة »أراه«(1)، وقصة رمانة في طبعتها الأمازيغية‭ ‬التي‭ ‬أنجزها‭ ‬السيد‭ ‬مُحند‭ ‬بلمادي‮(‬2‮)‬،‭ ‬ورواية‭ ‬الشمعة‭ ‬والدهاليز‮(‬3‮)‬‭. ‬
       كان الطاهر وطار يحيّيني عند اللقاء بالسلام الأمازيغي، بقوله: أزُولْ أمُحَندْ أرزقي متى ثليذ؟ وكان محور الحديث، يدور عادة حول الأدب الأمازيغي والقواسم المشتركة بين اللسانين الشاوي والقبائلي (الزواوي)، وحول بعض أسماء الأماكن المشتقة من الأمازيغية، أو التي يحتمل أن تكون مشتقة منها كالمحيط الأطلسي ـ مثلا ـ الذي سمّاه العرب بحر الظلمات، فتساءل كثيرا عن احتمال أن تكون هاتان التسميتان مأخوذتين من التسمية الأمازيغية، لأن الظلام عند الأمازيغ يسمى »ثالاست تابركانت« (الظلام الدامس). وكان أيضا يذكر باعتزاز أنه قام ـ حين كان مديرا للإذاعة الوطنية ـ بدعم القناة الثانية الناطقة بالأمازيغية دعما تقنيا، على حساب القناة الثالثة الناطقة باللغة الفرنسية، لتوسيع مجال التقاطها والاستماع إلى برامجها على المستوى الوطني.
        واستخلصت من خلال علاقتي به، أن مقاربته مبنية على الطرح التكاملي بين اللغتين؛ العربية والأمازيعية، بطريقة هادئة، تنزع نحو الطرح العلمي، قوامه أنه لا يمكن القفز على البعد الأمازيغي كمُكوّن أساسي في الهوية الجزائرية بصفة خاصة، والهوية المغاربية بصفة عامة،‮ ‬أسوة‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬أبدع‭ ‬بها‭ ‬وعشقها‭ ‬حتى‭ ‬النخاع،‭ ‬وأن‭ ‬الأمازيغية‭ ‬ليست‭ ‬أقلية‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬القضية‭ ‬الكردية‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬لأن‭ ‬الشعوب‭ ‬المغاربية‭ ‬أمازيغية‭ ‬الأصل‭ ‬عرّبتها‭ ‬الحضارة‭ ‬الإسلامية‭ ‬بنسب‭ ‬متفاوتة‭.  ‬
    ‭      ‬
    ‮ ‬مساندة‭ ‬الطاهر‭ ‬وطار‭ ‬للثقافة‭ ‬الأمازيغية
     تجدر الإشارة في بادئ ذي بدء، أن الأمازيغية عندنا في الجزائر، قد وقعت لبعض الوقت في القرن الماضي، فريسة في براثن المتطرّفين، المساندين والمعارضين لها على حد سواء، وجعل هؤلاء المتطرفون العلاقة بين الأمازيغية والعربية علاقة تنافرية، تقصي إحداهما الأخرى، وتزرع الأحقاد، وهذا خلافا للقرآن الذي أكد أن العلاقة بين اللغات تكاملية، على أساس أن تعدد الألسن آية من آيات الله. وأكدت القيم الديمقراطية أيضا، أن التعدد اللغوي مدعاة لإثراء الثقافة الإنسانية. لذا كانت القضية اللغوية في الجزائر في حاجة ماسة إلى خطاب عقلاني‭ ‬ينضح‭ ‬بالحكمة‭ ‬والرزانة،‭ ‬يرأب‭ ‬الصدع‭ ‬بين‭ ‬اللغتين‭. ‬
     وفي هذا السياق، ألقى الطاهر وطار محاضرة في أواخر شهر ماي 1989م، بقاعة الموڤار، أفصح فيها عن مساندته للثقافة الأمازيغية، باعتبارها ثقافة أصيلة، ليس في الجزائر فقط، بل في المغرب الكبير قاطبة. وعليه فهي ليست قضية جهوية، ومن ثم فهي لا تندرج في سياق الأقلية،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬بالنسبة‭ ‬للقضية‭ ‬الكردية‭ ‬في‭ ‬المشرق‭ ‬العربي‭.‬
        واعتبارا للنظام التسلطي ذي الثقافة الأحادية السائد آنذاك، فقد غاب الحوار الديمقراطي بين التيارات الثقافية المختلفة، وحل محله التراشق بتهم التخوين والتسفيه والتبخيس. فرغم اعتدال موقف الطاهر وطار، فقد جنى عليه تأييده للأمازيغية، نقدا لاذعا من طرف بعض الأقلام المندفعة بالشحنة العاطفية. ولعل أبرز مقال تخطى صاحبه فيه حدود اللياقة تجاه الطاهر وطار، ما كتبه السيد ص.د.أ بجريدة الشعب، كتغطية للمحاضرة. وهذه خاتمة المقال اللاذع، مخاطبا فيها الطاهر وطار بقوله: »…اذهب من الآن ولا تعد، اذهب بعيدا في الذاكرة، أولى لك أن تودعنا من أن نودّعك، فليس وراء ذاكرتنا سوى نسيان أسود، ولا تحاول رجاء سيدي، لا تحاول أن تطيل عمرك ثانية، فارقد في غبار الذاكرة يرحمك الله، عسانا نقدر أن نغفر لك ذات زمن آت!«(4).
        ومن جهة أخرى انبرى أنصار الثقافة الأمازيغية للدفاع عن موقف الطاهر وطار، وكتب في هذا السياق السيد عبد الرحمن عزوڤ بتوقيع مستعار، مقالا نشره في جريدة المساء، بعنوان: »ويبقى وطار في صف الكبار«، وهو لا يقل لاذعية عن المقال الأول، لكنه في الاتجاه المعاكس، جاء فيه قوله: »…إن كاتبنا الكبير لم يفعل شيئا يستوجب هذا الشتم وهذا التهجم العاطفي البدائي، البعيد كل البعد عن المنطق، كل ما هناك هو أنه أشار إلى وجود مغرب بربري، وفعلا موجود، قبل وجود مغرب عربي، وهي حقيقة تاريخية لا ينكرها حتى الأحمق! وقال هناك الأمازيغية المنسية رسميا، المذكورة والمحبوبة شعبيا، وهي حقيقة نعيشها يوميا، ولا ينكر ذلك حتى الأحمق، وهذه اللغة بلهجاتها المختلفة، موجودة في هذا المغرب الكبير، وحتى خارجه، وقبل وجود غيرها من اللغات، في هذه المنطقة«(5).
    ‮(‬يتبع‮)‬
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
    ‮ ‬الهوامش
    ‮ ‬1‮ ‬‭- ‬الطاهر‭ ‬وطار،‭ ‬أراه‭… ‬الحزب‭ ‬وحيد‭ ‬الخلية‭… ‬دار‭ ‬الحاج‭ ‬مُحند‭ ‬أونيس،‭ ‬دار‭ ‬الحكمة،‭ ‬الجزائر،‭ ‬2006م‭. ‬
    ‮ ‬2‮ ‬‭- ‬الجاحظية‮ ‬Taher‭ ‬Wettar‭,‬REMMANA‭, ‬Itergem‭-‬it‭-‬d‭ ‬si‭ ‬taarabt‭, ‬Muhend‭ ‬Belmadi‭, ‬،
    ‮ ‬1998م‭.‬
    ‮ ‬3‮ ‬‭- ‬الطاهر‭ ‬وطار،‭ ‬الشمعة‭ ‬والدهاليز،‭ ‬الجاحظية،‭ ‬الجزائر،‭ ‬1995م‭.‬
    ‮ ‬4‮ ‬‭- ‬ص‭.‬د‭.‬أ،‭ ‬جريدة‭ ‬الشعب،‭ ‬العدد‭ ‬7971،‭ ‬بتاريخ‭ ‬الخميس‭ ‬25‭ ‬ماي‭ ‬1989م‮.‬‭ ‬ص‭ ‬13‮.‬
    ‮ ‬5‮ ‬‭- ‬عبد‭ ‬الرحمن‭ ‬بن‭ ‬الحسين،‭ ‬جريدة‭ ‬المساء،‭ ‬بتاريخ‭ ‬الأربعاء‮ ‬27‭ ‬سبتمبر‮ ‬1989م‮.‬‭ ‬ص‭ ‬10‮.‬
  • ‬ferradrezki@yahoo‭.‬fr
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
13
  • إلى الرقم 10

    و الدليل على صدق كلامك أنك تكتب باللغة الفرنسية الفصحى... حسب فهمك الكبير يجب على اللغات الصغرى ترك المجال للغات الكبرى .... أصل معك إلى نتيجة أن اللغة العربية لغة الفرآن الكريم و لغة أهل الجنة كما يقال يجب أن تلغى لأنها ليست كبرى و لا يواكب أصحابها تطورات البشرية وحسب هذا التحليل فسيدنا إبراهيم أبو الأنبياء و موسى و عيسى عليهما السلام لن يكونوا من أهل الجنة لأنهم لا يتكلمون لغتها فهم محتاحون لك لتترجم لهم ......... و أخيرا أقول للأميين أمثالك اللع يعطيكم شوية عقل حتى لا تضروا أنفسكم و الآخرين

  • karima

    pour le commentaire nr 10 je te conseille de te cultiver un peut car tu es trops ignorant.le berbere est une langue melinaire pas un dialecte.

  • anis abou elleil

    la langue Arabe c 'est la mère de toutes les langues, alors arretez svp votre tentatives de mettre sur le meme pied d'égalité une langue géante telle que l 'Arabe ,et un dialecte comme l'amazighité

  • هشام

    لاخوتنا اقول كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ..اتركوها فانها نتنة.....نريد امازيغا و عربا امثال خير الدعاة ان شاء الله ابوبكر البربري الدين يدعون له لليوم اخواننا المسلمون في جزر المالديف .....نريد امثال طارق ابن زياد و موسى ابن نصير الذين جعلوا همهم ان تصبح كلمة الله هي العليا حفظ الله الامة انشاء .......و صدقوني ان اللغة ماهي الا وسيلة و السلام

  • اعمر حمداش

    قال أبو قصّي : ليس شيء ٌأضرّ على الأممِ و أسرعَ لسقوطها من خذلان أبنائها للسانها ، و إقبالها على ألسنة أعدائها.
    فالعربية و الأمازيغية تحتاجان إلى عناية خاصّة من طرف أبنائهما و إلاّ ضاعتا منّا،
    فأبناؤنا اليوم لا يُتقنون لا العربية و لا الأمازيغيّة. تحيّة خاصّة للأستاذ محند أرزقي فراد، و رحم الله الأديب الطاهر وطاّر الذي يعود "هذا الأسبوع " في مدينة الأخضرية.

  • massyl

    توجد اثار امازيية في الاوراس لكنها مردومة لم يتم ترميمها لاننا شعب ل يهم بذاكرته

  • بدون اسم

    يوجد مثل عندنا يقول ربما تعرفونه ويقار الفول ويقارايبفاون واصل المثل أن رجلين أرادا أن يشتركا في زراعة قطعة أرض ولما أتما الحرث أتى كلّ 1 منهما بكيس زرع وبدءا يتخاصمان ماذا يزرعان هاذا يقول الفول وهاذا يقول ايبفاون حتى مرْ رجل عليهما يعرف اللغتين واصلح بينهما سوء تفاهمهما وهنا أسأل ما معنى ازول كي تستبدلونها بالسلام والسلام عليكم

  • حموش صادق

    شكرا للأستاذ أرزقي فراد الفاضل على هذه المقالات القيمة وخاصة الحديث عن المرحوم طاهر وطار بموضوعية ونزاهة علمية تشع منها الوطنية الحقة التي تبنى بالإعتراف بالآخر وتقبل الإختلاف الذي ينآى عن الخلاف والإصطدام والتعصب الأعمى
    بعيدا عن النزعة العنصرية من هؤلاء وأولائك ما أحوجنا إلى هكذا مواقف وتحاليل
    لعقلنة المواقف وتذويب الجليد الفكري بين الطوائف وتحييد العواطف التي تتحول إلى عواصف حضارية لاتبقي ولاتذر

  • حسان

    اريد ان اوضح ابو عبد البر السلفي انت لست عربي انا اسف ولعكس صحيح الامازيغة هيا التي تحارب في لغة القران ولغة اهل الجنة يا اخي اخر الاحصائيات تقول 94 في المئة من سكان الجزائر عرب انا ماشي جميع الجزائر يا اخي امشي تعرف بلادك هههههه

  • reda

    بسم الله الرحمان الرحيم
    رغما كل الأدلة والتاريخ الثابت بأنا هذا الشعب الأمزيغي الأصيل هو أحسن
    من رحب بالأسلام وتكاملا معه وساهما في رقي هذه الحضارا الجميلة.
    إلا أنا السياسين ورجال الدولة عندنا عملو على ترسيخ الجهوية وتغذيتها.
    إذا كانت فرنسا أوجدت سياسة فرق تسد . فحكامنا أحترفوها.
    فلا فائدة من إلصاق عيوبنا بغيرنا وقد حانا الوقت للجزائريين ان يتصالحو مع
    أنفسهم و أصلهم و ثقافتهم وتاريخهم و دينهم . والله الموفق.

  • bkanaa

    هل مازالت توجد أجزاء من قصر الملكة دهية في جبال الأوراس وهل من الممكن زيارتها

  • أبو عبد البر السلفي

    السلام عليكم:
    بارك الله فيك و الله لقد كنت من أشد المتعصبين للعربية ضد الأمازيغ و لكن كلما كبرت اتسع أفقي و خالطت أناسا أمازيغ هم أغير على الدين و اللغة العربية مني مع اعتزازهم بالأمازيغية ما جعلني أحب الأمازيغية لحبهم في الله و أنا هنا أطلب من سيادتكم إن كان في مقدوركم الكلام على تعريب الأمازيغ فبعد بحثي ربما أكاد أجزم أن أكثر من 90 في المائة من الجزائريين اصلهم أمازيغ، و لكن للأسف ربما المدافعين عن الأمازيغية أغلبهم فرانكوفونين علمانيين هذا ما جعل الفجوة تتسع بينهم و بين العرب.

  • بدون اسم

    بسم الله والصلاة على رسول الله
    الامازيغية ليست مشكل فرنسا ارادت ان تجعل من الاخوة في منطقة زواوة وتجعل اللغة الامازيغية اعداء الاخوانهم وانسابهم واصهارهم العرب وارادت انت تجتث وتستعدىالامازيغ على لغة العربية الذين خدموا العربية على مر العصور
    من اجل شق الصفبين الاخوة في الجزائر وقد حدث ذلك فعلا مع وجود شرذمة قبائلية مفرنسة تحارب العربية و تستميت في دفاع عن الفرنسية اكثر من لغتهم فقط من اجل محاربة اللغة العربية والعرب المسلمون الفاتحون لهذه المنطقة
    انشر