-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
السرقات العلمية تشوه سمعة الجامعة الجزائرية

الطلبة يكتسحون المحلات لاستنساخ مذكرات التخرج

الشروق أونلاين
  • 8866
  • 0
الطلبة يكتسحون المحلات لاستنساخ مذكرات التخرج
ح.م

عاد موضوع السرقات العلمية والأدبية إلى الواجهة حيث لم تقتصر السرقات على الأبحاث المختصَرة أو المقالات، بل امتدَّت إلى مؤلفات منشورة، ناهيك عن مذكِّرات البحث العلمي والتخرُّج في الجامعات الجزائرية والتي تحتلّ ذيل الترتيب في تصنيفات أجرتها كبرى الجامعات والمعاهد العالمية.

قدمت السرقات العلمية والأدبية صورة سيئة وسلبية عن جامعاتنا الجزائرية، سواء رسائل الإجازة أو الماجيستر، بل إنها امتدت إلى الدكتوراه، أما بخصوص مذكرات الليسانس فحدث ولا حرج إذ باستطاعتك أن تجد مذكرة واحدة مستنسخة في أكثر من جامعة.

وقد أدّت السرقات العلمية إلى تدهور رهيب لمستوى الطلبة ومستوى البحث العلمي ككل، إذ انتشرت بأرقام مخيفة خصوصا في ظل الانفتاح الإلكتروني الذي يعرفه العالم والجزائر ككل، وبالرغم من الإجراءات التي اتخذتها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لمحاربة السرقة العلمية بتنصيب مجلس آداب وأخلاقيات المهنة على مستوى كل معهد وجامعة للحد من الآفة، وكذا للفصل في ملفات السرقات العملية عن طريق التحقيق وتسليط العقوبات على المخالفين من طلبة أو أساتذة، إلا أن كل هذه الإجراءات بقيت حبرا على ورق دون أن تتحرك الوزارة الوصية أو حتى المجالس العلمية عملياً لوضع حد لهذه الآفة.

وحسب دراسةٍ أعدّها أستاذٌ بجامعة سطيف 2 أجرى خلالها استطلاعا مسّ عيِّنة متكونة من طلبة الماجيستر والدكتوراه شملت 7 تخصصات بعدة جامعات جزائرية، فقد بلغت نسبة السرقات العلمية وكذا النَّسخ واللصق 78 بالمائة من المذكرات والأطروحات، ناهيك عن إحصاء 56 عملا منقولا حرفيا من أصل 70 رسالة بين 2009 و2013!

أما الأرقام التي قدمها ملتقى بوهران السنة الماضية، فتبيَّن أن أكثر من 60 بالمائة من رسائل التخرُّج بين فترة 2013 و2014 قد سُرقت حرفيا!

 وقد ارتأت “الشروق” فتح هذا الملف الحساس خصوصا بعد اقتراب نهاية السنة الدراسية وبداية التحضير لإيداع الطلبة والأساتذة مذكرات تخرُّجهم التي أصبحت عبئاً على الطلاب أكثر منها قيمة علمية في خدمة البحوث العلمية، إذ أصبح همُّ الطلاب “النسخ واللصق” والمناقشة والحصول على العلامة ثم الانتهاء من “صداع الرأس”.

 تنقلنا إلى بعض الجامعات على غرار جامعة الجزائر 1 يوسف بن خدة، وكذا كلية العلوم السياسة والإعلام ببن عكنون، وتوجهنا إلى أحد محلات “النسخ” المتواجدة داخل الحرم الجامعي للاستفسار بصفتي طالبة مقبلة على التخرُّج، ففوجئتُ بصاحب المحل يطلب مني عنوان بحثي  ليبحث في كومة كبيرة لمذكرات جامعات أخرى على غرار جامعات المدية وأدرار وسطيف وقسنطينة ليُخرج إحدى المذكرات ويقول لي ”مذكرتك تشبه هذه المذكرة سأنسخ لك الجزء الأول أي التطبيقي لأضيفه إلى المذكرة ككل”!

 

طلبة يحمّلون الأساتذة المسؤولية

في حديث جمع “الشروق” ببعض طلبة وطالبات العلوم السياسة والإعلام ببن عكنون، حمّل هؤلاء المسؤولية للأساتذة المشرفين عليهم الذين –حسبهم – تخلوا عن أخلاقيات المهنة، وقالت مريم. ب، وهي طالبة ماستر سنة أولى “من المفترض عند تصحيح المذكرة أن ينتبه الأستاذ للاستنساخ ويتخذ إجراءات ضد الطلبة، لكن الأساتذة المشرفين يتغافلون عن ذلك أو لا يحبِّذون إدخال أنفسهم في متاهات؟!”، أما زين العابدين، وهو طالب سنة أولى إعلام واتصال، فقال “على الوزارة اتخاذ إجراءات ردعية ضدّ أساتذة أشرفوا على طلبة قاموا باستنساخ المذكرات، فالمسؤولية يتحملها الطلبة والأساتذة على حد سواء”.

 

الأساتذة: “الطلاب غير مسؤولين”

إلى ذلك، تحدثت “الشروق” مع بعض أساتذة العلوم السياسة والإعلام ببن عكنون، فأجمعوا على أن السبب وراء استفحال هذه الآفة يعود إلى غياب الرادع القانوني، ناهيك عن غياب الإجراءات القانونية التي تتخذها  الوزارة أو مجالس الجامعات في حق الطلبة المتقاعسين والمتسببين في هذه الفضائح العلمية، وقد أكدت أستاذة العلوم السياسية منال. ب، أنها فوجئت بإحدى الطالبات تستنسخ مذكرة طالبٍ كان قد ناقشها بجامعة المدية: “كنت في لجنة مناقشة بجامعة الجزائر 1 فقامت إحدى الطالبات باستنساخ المذكرة من العنوان إلى الملاحق وصولا إلى الإهداء الذي غيَّرت فيه القليل فقط”، معتبرةً ذلك فضيحة تتحمل مسؤوليتها طالبة مستهترة وأستاذ مشرف متقاعس ومتسبب في الإساءة إلى البحث العلمي.

 

بيطام: السرقات العلمية موجودة في جامعاتنا كلها

وفي اتصال جمعه بـ”الشروق” أكد المحامي نجيب بيطام أن آفة السرقات العلمية موجودة في كل الجامعات الجزائرية، وفي مختلف المستويات وهذا لجهل الجامعات بالقوانين الجزائرية، وأضاف بيطام “لا يوجد فراغٌ قانوني في معالجة هذه الظاهرة، ولكن يوجد نقصٌ في فهم القانون من طرف القائمين على الجامعات الجزائرية حتى داخل كليات الحقوق نفسها”.

وأضاف محدثنا أنه من خلال المادة 350 من قانون العقوبات تخضع لقانون الملكية الفكرية ويتعلق الأمر بالبحوث العلمية؛ أي كل من اختلس شيئا غير مملوك له يعاقب عليه القانون.

 وبخصوص العلوم الإنسانية على غرار القانون والفلسفة فهي تخضع لإحكام القانون العامّ وللأنظمة القانونية للجماعة، أي يحال على المجلس التأديبي للكلية.

 وأردف بيطام أنه علميا لم نسمع بشخص أو باحث أحيل على القضاء أو المجلس التأديبي بسبب السرقة العلمية، وحتى أصحاب الرسائل محل السرقة لم يتم إخطارهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم، وقال ”لم يسبق لي أن سمعت أن أي طالب أو باحث توبع قضائيا بسبب السرقة العلمية وهذا جهلٌ بالقانون”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!