-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الطّلبة الجزائريون حولوا سوريا إلى قاعدة خلفية للثورة

د. عمر بلعربي / جامعة باتنة 1
  • 642
  • 0
الطّلبة الجزائريون حولوا سوريا إلى قاعدة خلفية للثورة
أرشيف

كان المشرق العربي أهم وجهة قصدها الجزائريين، نظرا لاحتضانه لأهم الأماكن المقدسة الإسلامية في مكة والمدينة المنورة والقدس بالإضافة إلى تواجد منارات العلم كالجامع الأزهر بالقاهرة وجوامع أخرى ببلاد الشام والحجاز، كذلك احتفاظه باستقلاله عن الاستعمار الأوربي تحت الخلافة العثمانية وتساهل غالبية المهاجرين الجزائريين مع السلطات العثمانية، ويعد ذلك أحد الطرق التي توجهت لها الهجرة الجزائرية، وكان ذلك قبل سقوط الجزائر تحت نير الاستدمار الفرنسي حينها رحلوا إلى المشرق العربي لأداء فريضة الحج أو لطلب العلم أو للاتجار وبعد الاحتلال اتخذت الهجرة صبغة مغايرة للفترة السابقة.

النضال والنشاط السياسي
لقد تجلى بوضوح الشعور الوطني العميق لدى الطلبة الجزائريين في المشرق العربي وهذا مع اندلاع الثورة التحريرية، وقد عبر عن ذلك أحد الطلبة بقوله: “كان الطالب في المشرق العربي منسجما مع شعبه متلائما مع ثورته متضامنا معها، إذ أعلن انضمامه منذ اللحظة الأولى قام بتنظيم حملات ومظاهرات ووزع نشرات وعرائض في جميع الوطن العربي: في القاهرة، دمشق، الكويت، السعودية”.(25)
وكذلك امتاز نشاط الطلبة بالنضج العسكري والسياسي كما تمتعوا بالشعور الوطني الفياض الذي أهلهم إلى خدمة القضية الوطنية وبدؤوا يساهمون في الحياة الفكرية، فقد تتبع الطلاب الجزائريون بكل اهتمام أحداث الثورة وتطورها في الداخل والخارج.
وكان هناك نشاط فعال لا حدود له في ثانوية البنين باللاذقية، وتأججت الساحة الطلابية في الثانوية بالأفكار والنزاعات الفكرية السياسية، كما كان الحوار بين مختلف التيارات حوار هادئ ونقاش حماسي بمنهجية حزبية وبروح عالية.
استطاع الطلبة الجزائريين المتواجدين بسوريا من تأسيس “لجنة الطلبة الجزائريين”، وذلك في شهر مارس 1955 ومن الطلاب الجزائريين الذين ترأسوا المكتب الإداري لهذه اللجنة أو كانوا أعضاء نشيطين فيه تذكر تقارير هذه اللجنة الطلاب الآتية أسماؤهم: الشريف سيسبان، عبد العزيز سعد العربي طرقان، علي رياحي، بلقاسم نعيمي، عبد الرحمن شطيطح، وعبد القادر بن صلاح، أو القاسم خمار، ومحمد مهري، وقد كان تأسيس هذه اللجنة تقريبا موازيا مع التأسيس الرسمي للاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين.

نضالهم ونشاطهم الثقافي والاجتماعي
لقد رحب الطلاب الجزائريون المتواجدون في سوريا باندلاع الثورة التحريرية وفرحوا بتجسيد الأماني وتكسير أغلال الاستعمار الفرنسي، وقد تنوع نشاطهم وقد شمل مجالات واسعة وارتبط ارتباطا وثيقا بالقضية الوطنية والتعريف بآفاقها وتطور إحداثها داخليا وخارجيا.
وهناك من أيّد تلك الأفكار وهذا بالدعوة إلى مؤازرتها والانخراط في صفوفها ومنهم الكاتب والأديب حنفي بن عيسى، والشعراء صالح خرفي ومحمد أبو القاسم خمار ومحمد الصالح باوية، هذا الأخير كانت له قصيدة كان يرددها كثيرا الطلاب السوريون بجامعة دمشق مطلعا: ساعة الصفر انطلاقات مشاعر- يقظة الإنسان ميلاد الجزائر، فالشاعر باوية ربط يقظة الإنسان ونهضة العرب بميلاد الجزائر الجديدة وثورتها الشعبية التحريرية، بالإضافة إلى كتابتهم للمقالات المؤيدة للثورة الجزائرية وعملوا على نشرها في الصحف.
بالنسبة إلى طلبة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في اللاذقية سرعان ما اندمجوا في محيطهم وكونوا صداقات حميمة مع زملائهم في الثانوية، فبدأت إسهاماتهم وذلك بالكتابة في الصحافة فقد كان محمد مهري يكتب في جريدة الساحل السوري تحت عنوان “رسائل من الجزائر”. وقد ساهم مع بعض زملائه في تقديم المسرحيات في قاعة دار الكتب الوطنية، كما كانوا على صلة دائمة بالأحزاب التي تهتم بالقضية الجزائرية وكانوا يشاركونهم في المظاهرات التي تنظم لنصرة الثورة الجزائرية، ومن أضخم المظاهرات التي شارك فيها معظم سكان مدينة اللاذقية، وكانت احتجاجا على اختطاف الطائرة التي كانت تقل قادة الثورة الخمسة، وبهذه المناسبة ألقى محمد مهري كلمة حي فيها الشعب السوري على نخوته وتأييده للشعب الجزائري في كفاحه ضد الاستعمار وطلب من الحكومة السورية أن تفتح مخازن السلاح للثورة الجزائرية وان تستمر في الوقوف إلى جانب القضية الوطنية إلى غاية تحقيق الاستقلال.
تعدد النشاط الثقافي للطلبة الجزائريين في سوريا وشمل مجالات واسعة ومما يلاحظ على هذا النشاط أنه ارتبط ارتباطا وثيقا بالقضية الوطنية والتعريف بآفاقها، وتطور أحداثها داخليا وخارجيا ومن أجل ذلك أوجد الطلاب الجزائريون بالتعاون مع إخوانهم الطلبة المغاربة وذلك في نقاط هيأتهم الطلابية “رابطة طلاب المغرب العربي” مجلة “كفاح المغرب العربي”، التي صدرت منها 4 أو 5 أعداد تضمن معظمها أحداث الثورة الجزائرية وكفاحها البطولي.
أما من الناحية الاجتماعية، فعلى الرغم من الإمكانيات المادية المتواضعة التي كانت لدى المكتب الإداري لرابطة الطلاب الجزائريين استطاع هذا المكتب حل كثير من المشاكل التي كان يعاني منها الطلاب في سوريا منها أن لجنة الطلبة الجزائريين، قصد القضاء على مشكلة السكن التي كانت من أعوص المشاكل التي واجهت الطلاب في هذا البلد، ورغبة منها في جمع شمل الطلبة الجزائريين، تحت سقف واحد أجّرت لهم بيتا عرف في سوريا تحت اسم “دار الجزائر”، التي ضمت تقريبا كل الطلبة الجزائريين في سوريا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!