-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العربية فوق السِّباق

صالح عوض
  • 927
  • 2
العربية فوق السِّباق
ح.م

الإنجليزية والفرنسية، ثنائية التنافس لدى البعض الذي يغيب عنه الحديث عن أهمية تعزيز العربية وتوسيع استخدامها.. ويثير الاستغراب أمر هؤلاء الذين لم يستقرّ بهم اليقين بعد أن العربية ليست فقط أحد عناصر الهوية والوعاء الحضاري، بل هي فوق ذلك ذات طبيعة خاصة عصيّة على التحجيم أو التهميش مهما كادت المحافل المعادية لها ونفذ أتباعُها وموظفوها..

دخلت الجزائر معركة ضروسا في مواجهة المخطط الاستعماري الذي استهدف العربية، وأبلى الجزائريون بلاء عظيما كما لم يفعل سواهم في معركة اللغة، ولم يفهم الجزائريون وهم يخوضون تلك المعركة أنها من باب الترف، بل عنصر حياة وقضية نضالية كبيرة ومركزية لارتباطها الوثيق بقيمهم ودينهم.. وانتصروا وحققوا ما لم يتم تحقيقه في سواهم بأنهم حافظوا على العربية بقيمها وروحها، ونشأ فيهم جيلٌ من علماء العربية لم يتجمَّع مثله في بلدٍ من بلاد العرب. هذا، وقد كانت نهضة المثقفين العرب في كثيرٍ من بلاد العرب تُفرغ اللغة من روحها وقيمها فعادت لغة ميتة لا تحرك ولا تنتصر..

عندما يتسابق الناس في اللغات المكتسَبة فهذا أمرٌ مستحسن، بل هو من باب فريضة الكفاية؛ إذ كيف يمكن لنا أن نفهم الآخر دون الاطلاع على منتجاته الفكرية والأدبية؟ ولنا في تاريخنا المجيد شاهدٌ بارز؛ إذ لم نقف مشلولي الإرادة أمام لغات البشر بل ذهب أجدادُنا إلى كتبٍ قديمة- بلغات ظن البشر أنها ماتت- فترجموها وجعلوا مكافآتٍ عظيمة لكل من استطاع ترجمة كتاب عن اليونانية والإغريقية، ولم يكن أجدادُنا يغفلون عما تحمل تلك الكتب من ثقافات وفلسفات مخالِفة للفكر الإسلامي، ولكن يقينهم بما لديهم من عقيدة وتصوُّر كان كافيا لأن يفتحوا الأبواب جميعا أمام مناقشة كل الثقافات، وهذه مسألة في غاية الأهمية.. إننا لا نحمل عقدة نفسية تجاه الآخر، بل نرى تجربته المعرفية مكسبا للبشرية..

مع هذا، فنحن في حاجة إلى ترتيب أولوياتنا فينبغي ألا نخلط بين التأكيد على عناصر وجودنا الحضاري والمكتسبات.. فاللغة هنا ليست كلماتٍ أو نحوا وصرفا فهذه ضوابط اللغة.. إن العربية حاملة قيم وثقافة ومنظومات مفاهيمية صاغت من يتعلمها صياغة خاصة، وقد رفعها عرب الجاهلية إلى درجة المقدس وعلقوا المختار من قصائدها على أستار الكعبة، وجاء القرآن الكريم وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلّم الذي أوتي مجمع الكلم ليهذِّبا العربية من المتوحش فيها والغريب، فأصبحت لسانا لكل من ارتقى إلى معاني الإنسان والحضارة.. وهي في هذا ليست لغة عرق من الناس، إنما لغة حضارة وإنسانية وهي حاملة القرآن الكريم.

إن الخطوة الأولى التي ينبغي أن ينصبَّ عليها الجهد لتحقيقها هي الارتقاء بمناهج التعليم للغة العربية وتطوير الاستخدام بها في مجالات الحياة شتى التعليم والسياسة والاقتصاد وجعلها مادة تنافس وارتقاء..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • امين

    وماذا عن الامازيغية

  • HOCINE HECHAICHI

    عين الصواب