الرأي

العهد ووعد التغيير..

جمال لعلامي
  • 616
  • 1
ح.م

توزيع مسوّدة المشروع التمهيدي لتعديل الدستور، على مختلف الأطراف السياسية والإعلامية والتنظيمية والجمعيات والمجتمع المدني والأكاديميين والطلبة والنقابات، هو “وعد” من الوعود والتعهدات التي قطعها رئيس الجمهورية على نفسه، عند فوزه في الرئاسيات الأخيرة، في سياق خطوات بناء الجزائر الجديدة، التي طالب بها حراك 22 فيفري، وحلم بها كلّ الجزائريين.

المسوّدة هي طبعا مجرّد مقترحات، قابلة للإثراء والإضافة والحذف أيضا.. عملية لم تألفها الطبقة السياسية، من قبل، ولذلك فإنها في عمومها رحّبت بهذه الخطوة “الجريئة”، في انتظار استكمال مسعى المقترحات والصياغة، بالزيادة والنقصان، قبل أن تحال كلمة الفصل، بعد الهيئة التشريعية، إلى المواطنين لقول “الكلمة الأخيرة” في استفتاء شعبي حول دستور جديد.

لقد قال الرئيس عبد المجيد تبون، أثناء أدائه القسم، بعد رئاسيات 12 ديسمبر الماضي، إن تعديل الدستور سيكون خلال الأشهر القليلة القادمة، وهاهي هذه الفترة لم تستهلك بعد، ليتمّ الشروع فعليا في مناقشة المسوّدة الجديدة، كعربون لجدية المسعى، ولبداية التغيير العملي الذي لا طالما دعا إليه السياسيون والأحزاب والشخصيات الوطنية والخبراء وكذا عامة المواطنين.

هناك مقترحات عديدة ومتعدّدة، وتعديلات جوهرية على مواد كانت “مشمّعة” خلال المراحل السابقة، وهي مبادرة ترمي إلى تجسيد التغيير بشكل سليم وسلمي، وإعادة الكلمة إلى الشعب الذي سئم من يافطة “من الشعب وإلى الشعب”، أو “بالشعب وللشعب”، التي صادفته خلال السنوات الماضية، بمداخل البلديات والإدارات، دون أن يلمس لها تطبيقا في الواقع!

الآن، وقد اتضح مضمون مسودة تعديل دستور ما بعد الحراك الشعبي السلمي، وما بعد استرجاع “فخامة الشعب” لسلطته وسيادته وتقرير مصيره السياسي، على السياسيين والمختصين والخبراء وكل الفاعلين، ومعهم ممثلي الشعب بالبرلمان والمجالس المنتخبة ومختلف الهيئات الوطنية، أن يضعوا النقاط على الحروف، فيثبتون ما يرونه خادما وداعما للبلاد والعباد والديمقراطية والحريات وسيادة الدولة وأمنها واستقرارها، ويحذفون ما يعتقدون أنه “مضرّ” أو غير نافع، لتكون الكلمة الأخيرة للشعب لاحقا.

لا يمكن لمشروع “الجزائر الجديدة” أن يتحقق، من دون تعديل دستوري “عميق” وهادف ومتوازن ومتكئ على بيان أوّل نوفمبر، كمبدأ غير قابل للتنازل أو التفاوض بأيّ شكل من الأشكال، والظاهر أن جوهر المقترحات والتعديلات، ستلقى تفاعلا لدى أغلب المعنيين، حسب الأصداء الأولية، وحتى إن وُجدت تعديلات للتعديلات، فإنها لن تفسد للودّ قضية، طالما أنها ستكون داعمة لأساس الدمقرطة والتغيير ومصلحة البلد، داخليا وخارجيا!

في انتظار “تقييم” المقترحات من قبل الأطراف الموجّهة لها نسخا من “مشروع دستور الجزائر الجديدة”، لا مجال لتضييع الوقت في ما لا يسمن ولا يغني من جوع، وإنما المطلوب والمرغوب فيه، هو المشاركة جماعية في “التغيير”.. تغيير القوانين وتغيير الدستور وتغيير العقليات والذهنيات أيضا، كطريق وحيد وأوحد للوصول إلى جزائر واحدة موحّدة، جديدة متجدّدة، بطاقات وكفاءات وخبرات، لا تمييز فيها ولا مفاضلة ولا هم يحزنون.

مقالات ذات صلة