الرأي

 العيب والمزيّة!

جمال لعلامي
  • 1316
  • 3
ح.م

والله يا الأخ جمال قد ذكرتني بسنوات السبعينيات والثمانينيات. فهل تعلم بأن معظم الكتب التي كانت تدرس آنذاك من تأليف الأساتذة والمعلمين؟ وهل تعلم بأن معظم الأساتذة لا يملكون لا البكالويا ولا حتى شهادة التعليم المتوسط؟

..هل تعلم بأن الوسائل التعليمية كانت من تحضير المعلمين وبأموالهم الخاصة؟ وهل تعلم بأن المعلمين يبقون في المدرسة حتى الخامسة مساء عوض الساعة الرابعة ليكملوا دروسهم؟

..كل هذا وذاك كان بالإرادة الفولاذية وحب المهنة، والرغبة في التفوق تحقق النجاح رغم الإمكانيات المادية والظروف الطبيعية الصعبة وبُعد المسافات، لكن تحققت المعجزات وصار الإطار الجزائري مثالا يحتذى به في العالم الغربي .

..ليت مدرسة واحدة من مدارس السبعينيات تعود يومًا لنخبرها بما فعلته فينا مدارس الإصلاح .

..تعليقان جميلان هادفان ضاربان للعقول والقلوب، الأوّل وقعه “ابن الجبل”، والثاني “الطيب”، تعليقا على عمود “الهبل لصناعة الفشل”، والحال، أن ما ورد ضمن هذه الكلمات الثاقبة، هو تشخيص واقعي، وتوصيف مستمدّ من زمن جميل، لا يختلف اثنان حوله ولن تتناطح عنزتان، حتى وإن كانت المعيشة آنذاك صعبة والظروف الاجتماعية قاهرة!

نعم، مدرسة الأوّلين كانت مغايرة في الشكل والمضمون، ورغم الأخطاء التي سجلها مختصون وأساتذة في وقتها، فإن النتيجة كانت تغطي على الفراغات والثغرات، وأنست المعلمين وأهل الاختصاص والأولياء والمتمدرسين، العتاب الذي كان يلفت الانتباه، لكن العموم كان مقبولا ومدروسا، فكانت الحصيلة بأقلّ الخسائر المسجّلة اليوم!

المعلـّم الذي كان يقتطع من “شهريته” الزهيدة، لشراء كتاب أو علبة طباشير أو قارورة حبر، لم يكن ينتظر جزاء ولا شكورا، لأنه كان مقتنعا بأنه يؤدي وظيفته التي اختارها، ودوره الذي فضله في المجتمع، بعيدا عن “المزيّة”، وبعيدا عن عقلية التجريب من باب “تعلّم الحفافة في روس اليتامى”!

ليس عيبا ولا نقيصة، أن يكون الأستاذ غير حامل لشهادة عالية، لكن شهادات حية ووقائع ميدانية، تكشف أن أساتذة من الزمن الجميل، أقوى علما ومعرفة ووقارا، من معلمين (وليس كلهم طبعا) هجموا على القطاع فحوّلوه للأسف من التربية إلى التغبية، ولنا أن نحلّل ظواهر عجيبة وغريبة على شاكلة أستاذ يدخن أمام تلامذته، سواء في القسم أم خارج المدرسة!

لا يُمكن لأستاذ “يبيع” النقاط، بعد الامتحانات، وآخر يبتز متمدرسين، وآخر يسرق الوقت من أجل الدروس الخصوصية، أن يُنافس أستاذا كان يدخل القسم بسروال مزوّق بـ “طبّات” دون أن يلتفت إليه التلاميذ، أو يفقد احترامهم، والحديث قياس!

مقالات ذات صلة