-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الفاجعة لم تكتشف إلا بعد ثلاثة أيام

الغاز يبيد أسرة من 6 أشخاص بالعاصمة

راضية مرباح
  • 2503
  • 0
الغاز يبيد أسرة من 6 أشخاص بالعاصمة

عاش سكان حي 917 مسكن بالشراربة في بلدية الكاليتوس جنوب العاصمة، طيلة فترة سماعهم نبأ اختفاء عائلة “سواكرية” عن الأنظار منذ الجمعة الماضية لاسيما بعد تدخل إحدى قريبات العائلة للاستفسار عنهم بعد استحالة التواصل معهم هاتفيا، صدمة حقيقية وحالات من الفزع والحزن بعد اكتشافها أن العائلة المتكونة من 6 أشخاص قد أبيدت بأكملها بسبب اختناقها بالغاز.

لم تترك وفاة أفراد عائلة سواكرية بالكاليتوس، صدمة في نفوس الجيران والمحيطين بهم من عائلاتهم فقط، بل كانت بمثابة حبس للأنفاس عاشها هؤلاء وهم يودعون من كانوا بقربهم لسنوات، لآخر مرة محملين داخل صناديق والدموع تنهمر من أعين الصغير قبل الكبير، تاركين وراءهم حزنا لا يبدّده إلا الرضا بقضاء الله وقدره..

كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة قبل منتصف نهار الاثنين، عندما زارت “الشروق” حي 917 مسكن بالشراربة في الكاليتوس، موقع وفاة عائلة “سواكرية” التي قطنت الحي منذ سنوات، فبعد استفسارات عديدة عن الموقع لتشابه الأحياء والعمارات بالمنطقة، استطاع أحد الأطفال إيصالنا إلى الحي غير البعيد عن مركز للدرك الوطني.. ولجنا إلى الحي الذي كان يبدو عليه السكون وما إن شاهدنا بعضا من النساء، تقربنا منهن لمعرفة التفاصيل أو حتى إرشادنا إلى عمارة الأسرة التي أصبحت يومها حديث العام والخاص، فلبت إحداهن نداء إيصالنا إلى العمارة المعنية بالحادثة، وكل كلماتها خلال الطريق كانت تدور حول صدمتهم فور وصول خبر وفاة العائلة وعن المدة التي لم ينتبه لها أحد، وأكثر من ذلك عن العلاقات الاجتماعية بين الجيران التي تزداد سوءا بسبب ما وصفته بالجفاء الذي زحف إلى العائلات والجيران ومعها غلق الأبواب في وجوه بعضهم من دون معرفة أخبار حتى جار ذي القربة أو جار الجنب.

موجة حزن بالحي

وصلنا إلى مدخل العمارة رقم 53، وجدنا امرأة تتحدث لجارتها، إحداهن بشرفة منزلها والأخرى بطريق الحي يتبادلن أطراف الحديث حول الحادثة التي اهتز لها الجيران وجعلتهم يعيشون ليلة سوداء طيلة فترة إخراج الجثث إلى غاية الصبيحة.. انتقلنا بعد ذلك إلى جموع من الأطفال كانوا عند مدخل العمارة، يبدو وكأنهم خرجوا من المدرسة للتو، اقتربنا منهم لمعرفة طابق شقة العمارة، فأرشدنا احدهم والحزن باد على وجهه: “هنا مسكن أنيس المسكين الذي كان يدرس معي”، علمنا من كلماته أن رفيقه أنيس الذي يدرس في السنة الثانية متوسط لم يلتحق يوم الأحد بالقسم كما كان تلميذا خلوقا.. وهي الكلمات نفسها التي رددتها إحدى زميلاتها التي تدرس في السنة الرابعة ابتدائي حين قالت: “كنت أحبها ولا اصدق أنها ماتت” والدموع متجمعة في عينيها..

ولجنا إلى داخل العمارة التي كانت الكآبة تخرج من جدرانها بسبب قدمها واهترائها ولا تبعث في النفس الطمأنينة حتى أن السلالم مظلمة ومهترئة، وجدنا جمعا من النسوة يتبادلن أطراف الحديث بالطابق الثاني، والحزن قد أخذ من صفات وجوههن الكثير، وصلنا إلى طابق الشقة المعنية، فصادفنا رجال الأمن يهمون بغلق الباب وأخبرنا أحدهم أنها خاوية ولا وجود لأي احد وعلينا التواصل مع محكمة الحراش، لأن كل شيء متواجد لديها..

قريبة العائلة تكتشف المأساة

كشفت الشهادات التي استقتها “الشروق” على لسان جيران العائلة ضحية الغاز، أن أخبار العائلة انقطعت منذ يوم الجمعة الفارط، ولأنهم متعودون على الخروج إلى النزهة خلال استراحة نهاية الأسبوع، فلم ينتبه الجيران لغيابهم إلا بعد تدخل أخت ربة الأسرة التي لم تتمكن من التواصل مع أختها والعائلة ككل عبر الهاتف، لتقترب من منزلهم، لكن كل دقاتها على الباب لم تلق الرد، ما جعلها تنتقل من جار لآخر لتستفسر عن من رأى الأطفال أو مع من يدرسون وهل ذهبوا إلى المدرسة؟ لتكتشف في آخر المطاف أن زملاءهم أكدوا عدم ذهابهم إلى المدرسة بداية هذا الأسبوع أي يوم الأحد الماضي ولم يقابلوهم في الشارع أو العمارة، وهو ما جعل الخالة تراودها الشكوك وتتصل بمصالح الأمن مباشرة، ليتم اكتشاف أن العائلة قد أبيدت بأكملها اختناقا بغاز جهاز تسخين المياه، حيث أبلغت مصالح الحماية المدنية ليتم إخراج جثث العائلة داخل الصناديق في حدود الثانية والنصف من ليلة الأحد إلى الاثنين في جو مهيب، نقلوا إلى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى زميرلي.

الشرطي فتحي .. إنسان خلوق

تؤكد شهادات الجيران الذين التقيناهم بسلالم العمارة، أن جارهم فتحي الشرطي، رب العائلة المتوفاة والذي لقي حتفه هو الآخر في الحادث، إنسان خلوق وقريب من عائلته وأولاده، قام بالاحتفال رفقتهم بيناير -على حد قولهم- يوما قبل الفاجعة والدليل الصورة المتداولة رفقة أبنائه بلباس تقليدي، تتداول عبر مختلف صفحات “فايسبوك”، وأجمعت كل الشهادات أن الضحية وهو من مدينة بالشرق الجزائري، يقوم وفي كل مرة بالوقوف على نقائص العمارة من إنارة أو نظافة أو أي إشكال آخر. أما زوجته فهي الأخرى إنسانة مهذبة تدعى فتيحة، ابنة منطقة الحراش لطالما بكت –تقول إحدى جارتها على وفاة والدها وهي التي ظلت تقول “كي تموت يما نموت”، لكن شاءت الأقدار أن تموت هي قبل أمها.

أما الأبناء فهم كالتوالي: هبة البنت الكبرى تدرس السنة الرابعة متوسط، أنيس السنة الثانية متوسط، آلاء السنة الرابعة ابتدائي، أمينة تدرس في الصف الثالث ابتدائي.

من جهتها، تدخلت مصالح سونلغاز صبيحة الاثنين، لتفقد العمارة، حيث تشير شهادات السكان أن الأعوان، زاروا مختلف الشقق للوقوف على عملية الربط بالغاز وكيفية تنصيب أجهزة التدفئة وتسخين المياه، حيث استدعى الأمر غلق الغاز على إحدى الشقق بسبب افتقادها للتهوية وهو العمل الذي استحسن من طرف السكان الذين يأملون ان لا تتجدد مثل هذه الحوادث مستقبلا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!