-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الغرب والصهيونية.. هزيمة على كافة الجبهات

الغرب والصهيونية.. هزيمة على كافة الجبهات

على خلاف ما يُروِّج له المُرجِفون، لم يَمرّ الغرب بمرحلة أسوأ في تاريخه مما يعرفه الآن، سَقَطَ ليس فقط على جبهة الصراع الاقتصادي والعسكري، إنما أيضا على جبهة الصراع القيمي والفكري والنفسي. لم تبق إلا بضع خطوات ليكتشف مَنْ لا يزالون يراهنون على قوته أو يخافونه، أنهم أخطأوا الاختيار، وعليهم من الآن فصاعدا التفكير في تصحيح المسار.

كم من الدول ربطت مصيرها بالدَّعم الغربي، وبالمساعدات الغربية، وبالرِّهان على أنها يمكن أن تتطور وتتقدم من خلال التعاون مع الدول الغربية، وبأنَّ مكانتها في المستقبل إنما هي مُرتبِطة بالاصطفاف إلى جانب الغرب، فإذا بها تكتشف اليوم أنه مهزوزٌ من الداخل، مريضٌ بأتم معنى الكلمة، مُستعدٌّ فقط للقتل والتخريب والاستعلاء على الضعفاء.. كل ما يُقدِّمه لك إنما هو مجرّد قشور تطورٍ زائف مقابل استنزاف كل ثرواتك وإهانتك وتحطيم معنوياتك والتلاعب بعقول أبنائك والعمل على تغيير منظومة قيمك وأخلاقك ومحو شخصيتك…

ماذا حَصَدَتْ شعوب الجنوب الكبير من عقود من علاقات التعاون المزعوم معه؟ ماذا حَقَّقَتْ من تنمية اقتصادية أو سياسية أو غيرها؟ ألم تحصد إلا المزيد من الاستغلال لثرواتها وأبنائها والمزيد من الهيمنة ومحاولة تغريب البُنى الاجتماعية والسياسية بداخلها، باسم الانفتاح تارة والتحول الديمقراطي تارة أخرى والمراحل الانتقالية التي لا نهاية لها؟

لقد بات الغرب ذاته اليوم يعترف بذلك، وكَشَف انحيازُه المفضوح اليوم إلى الصهيونية هذا الأمر بكل وضوح، وعَرَفَ العالم أجمع كيف أنه لا يؤمن لا بحقوق الإنسان ولا بالديمقراطية ولا بالعدالة ولا بحق الشعوب في تقرير مصيرها، بل بشيء واحد عنوانه: إما الرضوخ للإملاءات وقبول الانبطاح والاستغلال والهيمنة، أو هي الحرب التي ستُعلَن عليك بكل الوسائل.

لذلك، لم يعد اليوم من مخرج لنا سوى التفكير بصوت عال في كيفية فك الارتباط مع هذه القوى الغربية الآيلة إلى الزوال لا محالة، إن اقتصاديا أو أمنيا أو ثقافيا أو سياسيا.

قبل 30 سنة من اليوم لم يكن أمامنا بديل، لم نكن نستطيع نقل التكنولوجيا من غيره، لم نكن نستطيع التعلم عند غيره، كل الأوراق كانت بيده، تَمَكَّن من إسقاط الاتحاد السوفياتي الذي كان يُقيم معه توازن الرعب، حاصر الصين واستصغر تجربتها، قلَّلَ من شأن الدول النامية الصاعدة، أعلن نهاية التاريخ وانتصار النموذج الليبرالي عالميًّا، بل أعلن عصر الإنسان الغربي بِمواصفاته الأمريكيةـ الأوروبيةـ الصهيونية المتفوِّقة على كافة البشرية… وظن أن التاريخ توقف، فإذا بالعجلة تتحرك من جديد عكس اتجاهه.. يُصبح هو المهزوم عسكريا في أوكرانيا، وهو المهزوم في فلسطين، وهو المهزوم أمام أبطال يمنيين ظن أنه قَهَرَهم بعشر سنوات من الحرب.. وهو المهزوم أخلاقيا وقيميا في كل سلوكه الإعلامي والسياسي عندما يقف مع الظالم ضد المظلوم في فلسطين وغيرها من بقاع العالم.

وهكذا، تَتَفتَّح أمامنا أبوابُ الأمل في أننا نستطيع أن نكون كما نريد، وأنْ نَبني دُولنا وحضارتنا من جديد.. لقد ولَّى زمن المهزومين الذين ما فتئوا يزرعون اليأس في نفوسنا، أنه لا قِبَلَ لنا بالجيش الصهيوني ولا قِبَل لنا بالأمريكان ولا قبل لنا بالفرنسيين والإنجليز والألمان وغيرهم. اليوم روسيا وحدها تهزم كل الغرب عسكريًّا في أوكرانيا، وكتائب القسام وحدها تهزم كل الجيش الصهيوني في غزة، واليمن وحده يتحدى بوارج عسكرية أمريكية أرعبت العالم من دون خوف ولا وجل، ودول إفريقية وحدها تهزم الفرنسيين في الساحل.. حتى إنه لم يبق لهم سوى الاعتراف بالهزيمة أو الرحيل.. وهكذا هم يفعلون.

كل هذا يوقد بداخلنا، قوة الأمل في أننا نستطيع، إذا أردنا، اكتساب العلم والمعرفة وبناء الاقتصاد والصناعة وبناء الأركان المتينة لدولة المستقبل بل إعادة صناعة القوة بكل مكوّناتها.. لقد ولّى عصر الهزائم والخوف والخنوع إلى غير رجعة بإذن الله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!