الرأي

الفتح

ح,م

في عام 857 هـ (1453م) فرح المؤمنون بنصر الله، حيث أمكنهم من فتح عاصمة الإمبراطورية البيزنطية، وهي مدينة القسطنطينية التي صارت تسمى “إسلامبول”، وقد حاول المسلمون فتحها إحدى عشرة مرة، فاستعصت عليهم، ولأن فتح القسطنطينية ليس كأحد من الفتوح، فقد اعتبره بعض المؤرخين الأوربيين هو نهاية عصورهم الوسطى، وبداية عصورهم الحديثة.

لقد ادّخر الله – عز وجل- ذلك النصر المؤزر والفتح المبين لشاب لم يتجاوز عمره الثالثة والعشرين، هو “الشاب” الذي دخل تاريخ العالم تحت صفة “الفاتح”.

في السنة الخامسة للهجرة، والمؤمنون يواجهون حصار الأحزاب، وقلوبهم بلغت الحناجر، في ذلك الظرف العسير، بشّرهم رسول الله – عليه الصلاة والسلام- بأنه “لتفتحنّ القسطنطينية، فلنعم الأمير أميرها، ولنعم الجيش ذلك الجيش”، مسند الإمام أحمد). وليقل “مرضى” الجرح والتعديل ما شاءوا في متن هذا الحديث أو سنده، فهو كما قال الأستاذ مولود قاسم عن “حديث” ضعّفه من ضعّفه: “حديث ولو لم يقله رسول الله”.

كان من نتائج ذلك الفتح تحويل “أعظم كنيسة في الشرق”، وهي “آيا صوفيا” إلى مسجد يعبد فيه الله، ويعمره الرّكع السجود، وبقي الأمر كذلك إلى أن ابتلي الأتراك بـ”أشقاهم”، وهو “ناقص أتاتورك”، فأمر في سنة 1934 بتحويل مسجد “آيا صوفيا” إلى متحف، فأفرح الشيطان وجنوده، فاغتم المسلمون، وضاقت صدورهم، وتألمت نفوسهم، ودمعت عيونهم، واسترجعوا، وحوقلوا، ودعوا الله على “الأشقى” وزبانيته..

وفي يوم الجمعة 18 من ذي القعدة 1441 هـ (10/7/2020م) وقع “عبد الله” رجب طيب أردوغان، مرسوما رئاسيا لتنفيذ حكم قضى به قضاة المحكمة الإدارية العليا، وهو إعادة آيا صوفيا إلى مسجد، فأفرحوا المؤمنين، وأرضوا الله، وأزهقوا الباطل.. وأغضبوا المبطلين من “عبّاد الصليب”، الذين اجتمعت عليهم “نار القيظ ونهار الغيظ” في انتظار النار الأشد حرا التي تشوي وجوههم.

لقد تابعت ردودا هنا وهناك، فما اهتممت لما قيل في أثينا، وموسكو، وباريس، وواشنطن، وما لفت انتباهي إلا تصريحات وتعليقات بعض “الأعراب”، الذين أحرجهم أردوعان بممارسة سيادة دولته، “وإن تعجب فاعجب لـ”شيخ أزهري” قال: إن تركيا تعترف بإسرائيل، وقد عمي “فضيلته” عن رؤية العلم الصهيوني يرفرف في القاهرة، التي صارت “مقهورة” بسبب سياسات خاطئة.

إنني أهنئ قضاة المحكمة الإدارية العليا على حكمهم العادل، وأهنئ الرئيس التركي على قراره الشجاع، وأهنئ الشعب التركي المسلم، الذي vظل قلبه معلقا بـ “آيا صوفيا” حتى استعادها مسجدا للركع السجود..

وإلى روحي العالمين الجليلين مصطفى صبري وبديع الزمان نورسي، رحمات الله ورضوانه على وقوفهما في وجه من حاد الله ورسوله أتاتورك.

مقالات ذات صلة