-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفرنسية.. ميراثُ الاستعمار!

الفرنسية.. ميراثُ الاستعمار!

شروع القطاعات الوزارية في تعريب مراسلاتها ومختلف الوثائق التي تصدرها ومنع التّعامل باللّغة الفرنسية هو إجراءٌ طبيعي وإن جاء متأخِّرا، بسبب مقاومة فئة من الجزائريين لمسار التّعريب الذي انطلق غداة الاستقلال، حين استعان أول رئيس للجزائر وهو أحمد بن بلة بأساتذة مصريين لتعليم اللّغة العربية، واستكمله الرّئيس الراحل هواري بومدين بتعريب المدرسة بشكل تدريجي، إلى أن أصبح منتوج المدرسة الجزائرية كله معرّبا، حتى وإن استخدم الفرنسية لغةً ثانية.

وفي الواقع؛ فإنّ ما يحدث هذه الأيام هو نتيجة منطقية لجملةٍ من القرارات والسياسات التي اعتمِدت منذ سبعينيات القرن الماضي وصبّت كلّها في سياق التعريب؛ فالرّاحل بومدين الذي كلّف وزير التّعليم العالي آنذاك محمد الصديق بن يحيى بإصلاحات جوهرية في الجامعة، كان يطمح إلى أن تستعيد اللّغة العربية مكانتها، وكان يقول “العربية يجب أن تكون لغة الحديد والصّلب” لكن هذا المسار شهد عدة نكسات، وقوبل بمقاومة شديدة من قبل فئة تمسّكت باللّغة الفرنسية لا بصفتها لغة أجنبية يجب تعلّمها، ولكن باعتبارها لغة تُستخدم في كل تفاصيل الحياة اليومية وحتى في العائلة، إذ يصرّون على الحديث بهذه اللغة مع الأبناء والأحفاد قصد توريثهم إياها.

وهنا نسجّل أنّ الكثير من الجزائريين “المفرنسين” الذي تلقّوا تعليما باللّغة الفرنسية في كل المراحل، كانوا على درجة من الوطنية جعلتهم يشجّعون أبناءهم ويجتهدون في تعلّم اللغة العربية واستخدامها في الحياة اليومية، لا لشيء إلا لعلمهم أنّ اللّغة الفرنسية ميراثٌ مسموم تركته فرنسا للحفاظ على نفوذها في الجزائر، لكن فئة أخرى من الجزائريين “اجتهدت” في الحفاظ عما سموه “غنيمة حرب” والدفاع عنها وإسقاط كل من تسول له نفسه الاقتراب منها، وما حدث للوزير الأسبق علي بن محمد في جوان 1992، حين تمّ إسقاطه بتسريب مواضيع البكالوريا لتلك السنة، إلا دليلٌ على أن عملاء فرنسا في الجزائر مستعدون لحرق البلاد دفاعا عن فرنسا ومصالحها ولغتها في الجزائر.

يجب أن يُدرِك هؤلاء أن سيطرة اللّغة الفرنسية على الإدارة والاقتصاد في الجزائر، أصبحت من الماضي أو تقترب من ذلك، وأنّ التّحول حدث بالفعل رغم أنّه كان بطيئا، لأن الأمر يتعلق بإعداد جيل كامل لا يرى في اللّغة الفرنسية سوى أنها لغة أجنبية مثلها مثل الإسبانية والإيطالية والألمانية، وأنّها في مكانة أقلّ بكثير من اللغة الإنجليزية التي تمثل بحق تهديدا حقيقيا للفرنسية، لذلك ترى الفرنكفونيين يحاربونها في الجزائر ويرفضون كل المحاولات الرامية إلى الانفتاح عليها في المدارس والجامعات.

ومن هذا المنطلق، فإنَّ القرارات والتعليمات التي تُصدرها القطاعات الوزارية تعدُّ تكملة لمسار طويل من معركة التعريب التي يجب أن يساهم فيها الجميع بمن فيه المواطن المتضرِّر من استخدام اللغة الفرنسية في الإدارة، وما عليه سوى استخدام حقه القانوني في مقاضاة الإدارة التي تعطيه وثيقة مكتوبة باللّغة الفرنسية، ولو رُفعت عَشرُ قضايا فقط أمام المحاكم، لن يجرؤ أي مسؤول ولو كان وزيرا، على توقيع وثيقة مكتوبة باللغة الفرنسية مستقبلا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • حقيقة تاريخية

    الفرق بين الفرنسية والعربية أن الأولى جاءت من الشمال والثانية من الشرق . لا اكثر ولا أقل

  • فاكهة الجبل

    والوقت الذي درست نفس التكوين باللغة الفرنسية لجأ المفتش المتخصص في اللغة الفرنسية بالتوضيح الجيد لتدريس اللغة قائلا langue maternelle arab langue étrangère arab et ترك القوس وترك السهم وخرج من المعركة

  • من المستعرب المستغرب المساس بالثقافة

    هناك اساتذة يكتبون بالفرنسية اشد وطنية ونزاهة

  • لست انت من يقرر

    ن ميثاق الأخلاق و اﻵداب الجامعية يؤكد من جديد على المباديء العامة المستمدة من المعايير العالمية، باﻹضافة إلى القيم الخاصة بمجتمعنا، والتي يجب أن تكون المحكرك لعملية التعليم، ولتحقيق الخلاقيات و اﻵداب الجامعية. لذا يجب أن يكون بمثابة أداة للتعبئة، ومرجعا إذ يشير إلى المبادئ الأساسية للحياة الجامعية، ويلهم القوانين و اللوائح التي سوف تنتج عنه.

  • برهوم

    و أين المشكل في استعمال اللغة الفرنسية ؟ هي ليست لغة فرنسا لوحدها فهي اللغة الرسمية لسويسرا و بلجيكا و لكسمبورغ و كندا و غينيا و بوركينا فاسو و كوت ديفوار و الغابون و مالي و نيجر و تشاد و الكونغو و غيرها من الدول.

  • مالك

    كل اللغات التي قدمت من بعيد وفرضت على أبناء البلد بالقوة لغات استعمارية . ولا وجود للغة حلال ولغة حرام .