الرأي

القرد البشري

ح.م

هذا التعبير “الجميل” رغم قرديّته القبيحة نشر في الجريدة المجاهدة “البصائر” في عددها (239، الصادر في 4 سبتمبر من سنة 1953. ص5).

والتعبير للأستاذ أحمد توفيق المدني، الأمين العام لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين في خمسينيات القرن الماضي. وقد أطلق الأستاذ المدني هذا التعبير على شخص أكرمه الله، فلما أبى أن يكون من المكرمين ردّه الله – عز وجل – “أسفل سافلين”، إنه المسمّى “التهامي الجلاوي”، أحد كبار عملاء فرنسا في المغرب الأقصى، وهو “الأقنوم” الثالث في تنفيذ فرنسا جريمتها الدنيئة الخسيسة – والشيء من مصدره لا يستغرب – ضد الحاكم الشرعي للمغرب وهو محمّد الخامس. وأما “الأقنومان” الآخران فهما عبد الحي الكتاني، الذي لم يصدق فيه إلا جزءه الأول “عبد”، حيث كان عبدا لفرنسا، مؤتمرا بأمرها قبل أن تأمر، وابن عرفه الذي وضعه الله – عز وجل – و”رفعته” فرنسا على عرش المغرب…

عندما أزهق المجاهدون في المغرب والجزائر باطل فرنسا، وأجبروها بالقوة على إعادة السلطان محمد الخامس إلى وطنه جاء هذا “القرد المشري” يمشي على “أربع”، ناكسا رأسه أمام محمد الخامس طالبا العفو، نادما على فعلته، مستغفرا لخيانته.. فعفا عنه محمد الخامس لاعتبارات داخلية.. ثم طواه التاريخ وأهمله، “ومن يهن الله فما له من مكرم” وإن ذكر ذكر كإبليس مقرونا باللعنة، وذلك جزاء الخائنين.

يبدو أن صفة “القردية” قد أحييت في هذه الأيام، مجسمة في بعض هؤلاء الذين استيقنوا نقصهم فغطوه بألقاب “الجلالة” و”الفخامة” و”السمو”، وقد انتحرت هذه الألقاب احتجاجا على أن يتصف بها أمثال هؤلاء، الذين ينطبق عليهم قول الشاعر:

فيا لملوك تلبس التاج لطخت
جواهره بالعار فأرتد أسودا
ويا لعروش جلد شاة مكانها
لأكرم منها – لو تحسّون – مقعدا

لقد سارع بعض هؤلاء “القرود البشرية” إلى الانحياز إلى أعداء أمتهم ودينهم من الصهاينة الذين اغتصبوا الأرض المقدسة والمسجد الأقصى، وخانوا بذلك أسلافهم وطعنوا “إخوانهم” الفلسطينيين بدل أن يكونوا عونا لهم في جهادهم لاسترداد أرضهم وديارهم التي أخرجوا منها ظلما وعدوانا.

إن بعض “القرود البشرية” قد يبررون خيانتهم بأزمتهم الاقتصادية، فبماذا يبرر من آتاهم الله “القناطير المقنطرة” من الذهب والفضة هذه الخيانة؟ فلهم الويل مما يفعلون.

إن التاريخ لا يكتبه “القرود البشرية”، بل يكتبه الأحرار والحراير، وإن التاريخ يرفض أن يكتب في سجلاته “القرود البشرية”، بل يكتبهم في “سلة مهملاته”.

وأما ذلك المغرور بـ”القوة” فنقول له إن “صفقتك” في فلسطين “يخسرها” المرابطون في فلسطين، وإن العاقبة – وإن طالت – للحق لا للقوة. و”ما أنت أول غرّه القمر”.

مقالات ذات صلة