-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
متى يموت الأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية؟

“الكتاب الأبيض للثقافة في الجزائر”

أمين الزاوي
  • 12733
  • 0
“الكتاب الأبيض للثقافة في الجزائر”

هذا الذي أطرحه ليس بالموضوع المستهلك، هي ظاهرة تتبدى، ومنذ نصف قرن، في مجتمعنا الثقافي والأدبي والسياسي والتربوي وبتجليات وصيغ جديدة ومستمرة ومتواترة.

  • هذا الموضوع أريد أن أطرحه وأنا أدرك أنه سيثير، دون شك، جملة من النقاشات بين نخبنا الثقافية والتي أتمنى أن نفيد منها جميعا في صالح تطوير الحوارات الثقافية حتى لا تكون المقالات طرشاء والكتابة “حبر على ورق”.
  • هناك واقع بين وواضح يجب الإقرار به، هو واقع اللغات في الجزائر، لغات الاستعمال والإبداع، واقع استثنائي يختلف عما هو عليه الحال في الدول العربية الأخرى. جيل جامعي جديد يتخرج بالعربية ويتكلم بالفرنسية، يتخرج من الجامعات بالعربية ويشتغل بالفرنسية. جيل ربما لم تسمح له الظروف بالسفر خارج قريته أو مدينته ولو لمرة واحدة في العمر ولكنه يتعامل بالفرنسية.
  •   
  • المستوى الأدبي:
  •  
  • حين أطلق الروائي والشاعر مالك حداد (1927 ـ 1978) عبارته الشهيرة والتي قال فيها إن اللغة الفرنسية هي منفاي ثم قال فيما بعد، غداة الاستقلال، مع استرجاع الجزائر لاستقلالها واسترجاعها لهويتها الثقافية: لم يعد هناك داع للكتابة باللغة الفرنسية، ثم صمت عن الكتابة وقاطعها. ثم توالت تصريحات وأحكام كثير من النقاد الجزائريين من الجيل الجامعي الأول (الدكتور عبد الملك مرتاض والدكتور عبد الله الركيبي وغيرهما) والذين أعلنوا فيها وبصيغ مختلفة وإيمانية متفاوتة بأن الموت هو مآل الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية. ولكن ما الحال وقد مضى على هذا القول والتخمينات الثقافية قرابة النصف قرن؟ هل تحققت بالفعل نبوءة هؤلاء النقاد من أساتذتنا الذين نكن لهم احتراما كبيرا؟
  • إن واقع الآداب الجزائرية باللغة الفرنسية لا يزال مستمرا بل وبوتيرة أقوى مما كان عليه في الستينات. لا يزال مستمرا وبنصوص أكثر قوة من نصوص الجيل التأسيسي أو الجيل الذي تلاه. دخلت الجزائر استقلالها بمجموعة من الكتاب بالفرنسية من العيار الثقيل في المواقف السياسية الوطنية وفي التجريب الجمالي والذين يمكن تسميتهم بالجيل الأول كان هذا الجيل منخرطا في الثورة التحريرية وكان يمثل بالفعل صوتها الأدبي الحقيقي والصادق الذي أوصل صورتها إلى العالم حتى أن أحد الكولونياليين الباريسيين علق على نجاح أدب محمد ديب بأن قال متذمرا من شهرته إنهم يلاحقوننا برواياتهم وكتبهم حتى في غرف نومنا في باريس. وقد قيل غداة الاستقلال قيل إن هذا جيل تربى داخل ظروف ثقافية ولغوية استعمارية، وبالتالي فإن كتاباته بهذه اللغة مبررة، وفي الوقت نفسه قيل أيضا بأن هذا آخر جيل يكتب بهذه اللغة.
  • إلا أن ظهور رواية “التطليق” سنة 69  لرشيد بوجدرة والتي أثارت نقاشا ونجاحا كبيرين في أوروبا وفي الجزائر جعل الرأي الأدبي يستشعر ولادة جيل آخر، سمي بجيل ما بعد العمداء (كاتب ياسين ومحمد ديب ومعمري وفرعون ومراد بوربون) وبمجرد تربع رشيد بوجدرة على قمة الجيل الثاني من الكتاب الجزائريين باللغة الفرنسية لم يطل الزمن حتى قيل هذا آخر جيل سيكتب بالفرنسية خاصة وأن المدرسة الجزائرية تخوض معركة التعريب والتدريس بالعربية يزحف على كل التخصصات في العلوم الإنسانية والاجتماعية وهي مفرخة الأدباء، ومرة أخرى وبعد خفوت موجة جيل التطليقالذي مثله بجدارة رشيد بوجدرة، فاجأنا روائي آخر بنص مدهش وبتجربة متميزة وهو رشيد ميموني (1945 ـ 1995) حيث أنه وبصدورالنهر المحولسنة 1982 أعلن عن ميلاد جيل أدبي جديد بالفرنسية.
  • وقد بدت فكرة موت الأدب الجزائري بالفرنسية تهتز وتتحول إلى مجرد وهم لغوي من قبل المتحمسين إلى العربية وإلى التعريب، مثل رشيد ميموني والذي بدأ الكتابة الإبداعية متأخرا حيرة المتتبعين للشأن الأدبي الجزائري خاصة وأن الكاتب يعيش في الجزائر ومن نتاج المدرسة الجزائرية إن كليا أو جزئيا. أحدثت روايات رشيد ميموني “النهر المحول” و”طمبيزا” و”حزام الغولة” و”شرف القبيلة” ثم “اللعنة” أحدثت زلزالا كبيرا في النقاش الأدبي والأيديولوجي والسياسي وما أن علت هذه النقاشات في الجامعات الجزائرية وفي الإعلام الثقافي والأدبي حتى ظهر كاتب روائي آخر وهو من الجيل الجديد وأعني به الطاهر جاووت (1954 ـ 1993) الذي فاجأ الجميع بروايته “الباحثون عن العظام” ثم “اختراع الصحراء” وكان الطاهر جاووت بهذا النصوص الناجحة يعلن عن موت فكرة “موت الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية”، وهي الفكرة التي كان الحقل الثقافي والأدبي والأيديولوجي يسحبها معه منذ سنة 62 وحتى منتصف الثمانينات.
  • لقد بدأ الحقل اللغوي الإبداعي يدفن شيئا فشيئا فكرة نهاية الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية مع صعود ظاهرة الروائي ياسمينة خضرا (محمد مول سهول) وهو الذي تربى في المؤسسة العسكرية الجزائرية، إذ لا غبار عليه من حيث الموقف السياسي أو التربية الوطنية، وذلك بنشره مجموعة من الروايات التي أدهشت القارئ في المعمورة قاطبة وترجمت إلى لغات كثيرة، وهو ما سجل عودة قوية للأدب الجزائري على الساحة الوطنية والعالمية.
  • وتتعدد الأسماء الجديدة وتتلاحق في تجريب أدبي متنوع من رواية وشعر وقصة وتظهر أسماء كثيرة من أمثال سفيان حجاج وسليم باشي ووجودت قسومة وجمال معطي ونصيرة بلولة وغيرهم وتحتفل دور نشر جزائرية بهذه الأسماء وغيرها بعيدا عن دور النشر الباريسية، ونتساءل عن فكرة “موت الأدب المكتوب بالفرنسية؟
  •  
  • تعيش الجزائر واقعا ثقافيا وأدبيا ولغويا استثنائيا وخاصا، ففي الوقت الذي تتقدم فيه الجزائر في التعليم بمليون طالب وتتخرج الآلاف المؤلفة من الجامعات بشهادات بالعربية في شتى التخصصات، وفي الوقت الذي يشتكي فيه الجميع من ضعف المستوى الجامعي في أقسام اللغة العربية واللغة الفرنسية (يعرف الأدب الجزائري باللغة العربية هو الآخر وجوها وأجيالا متعاقبة ومتميزة من عبد الحميد بن هدوقة مرورا بأحلام مستغانمي ومرزاق بقطاش إلى بشير مفتي وعبد الوهاب بن منصور، ليس المجال هنا للحديث عنها) وتدخل الجزائر في دوامة من العنف ونعتقد أن التيار الغالب فيها هو الصوت المعرب مهما كانت صبغته السياسية ولكن المفاجأة الأكثر عمقا هو ظهور جيل آخر يكتب بالفرنسية بعد الطاهر جاووت وهو جيل أدبي تكون أصلا في الجامعة الجزائرية وبالعربية ولكنه اختار الكتابة باللغة الفرنسية.
  • دهشت حين قدمت لي روائية شابة روايتها باللغة الفرنسية وهي لا تتجاوز عمر السابعة عشر سنة، صادفتها في معرض الكتاب الدولي الأخير بالجزائر وهي تقدم روايتها في أحد الأجنحة. تساءلت كم كان يا ترى عمر هذه الكاتبة الشابة حين اغتيل الطاهر جاووت؟ ربما لم تكن قد ولدت بعد. كيف يمكن تفسير وقراءة ظاهرة هذه الروائية التي تكتب بلغة هي ليست لغة المدرسة التي تعلمت ولا تزال تتعلم فيها ولم تسافر إلى الخارج ولم تعرف من البلدان إلا الجزائر؟ إن الأمر لمحير حقا وأن هناك خللا ما داخل الحقل الثقافي والتعليمي الجزائري.
  • كان البعض، وإلى وقت قريب، يقول إن الاحتفال بهذا الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية لا يوجد إلا في باريس فهي تحتفل بطابورها الرابع ولكن اليوم هناك احتفال واضح بهذا الأدب من القارئ الجزائري الذي لا علاقة له بفرنسا، ولم تعد المشكلات ولا الموضوعات المطروحة في هذا الأدب سياسية بل أضحت اجتماعية ونفسية لا تختلف عما يطرح في بعض النصوص الجزائرية المكتوبة بالعربية.
  •  
  • هل اللغة الفرنسية في الجزائر حالة معزولة؟
  •  
  • ومع ذلك لا تزال هناك بسيكولوجيا العقدة التي تحدث عنها ألبير ميمي في كتابه “صورة المستعمر والمستعمر” والمتمثلة في شعور بالنقص أو الخلل أو اللاتوازن التي تنتاب المثقف المعرب في حضرة المثقف بالفرنسية.
  • صديق شاعر وأديب معرب  أراد أن يكتب رسالة “آس، آم، آس” إلى وزيره وحتى يفهم من قبل هذا الذي يخاطبه وحتى يرضيه ويكون أمامه على ولاء طلب من صديق له أن يحرر له نص الرسالة بالفرنسية، وأرسلها إلى من يهمه الأمر وكان سعيدا.
  • تلك هي العقد التي يعيشها الحقل الثقافي المؤسس على أمراض سيكو ـ لغوية.
  • أمام هذا إنني وأنا الكاتب باللغة العربية أولا ثم بالفرنسية والمتكون داخل ألفية بن مالك وأشعار المعلقات وعاشق الشنفرى وتأبط شرا، أقول وبشجاعة علينا إعادة دراسة علاقة الجزائري باللغة الأجنبية وخاصة الفرنسية. وحين أقول علاقة الجزائري فأعني بهذا الجزائري بدءا الطبقة السياسية والمثقفين وجموع من ينتج القيم الفكرية والجمالية والأخلاقية والأيديولوجية.
  • لا أحد منا يعارض التفتح على اللغات الأجنبية وعلى رأسها اللغة الفرنسية ولكن شريطة أن تأخذ هذه اللغة موقعها كلغة أجنبية داخل القناعات السيكولوجية والسياسية والثقافية.
  • لذا أتصور أننا ونحن ندخل هذا القرن الجديد، علينا أن نضع حصيلة لواقع اللغة الأجنبية في بلادنا دون شعارات سياسية ولا أحكام أخلاقية أو سياسية متشنجة. علينا أن نتدارس واقع اللغة الأجنبية، والفرنسية خاصة، ومدى وكيفية تجلياتها داخل المجتمع الثقافي الجزائري إلى جانب دراسة واقع اللغة الوطنية فيه أي العربية والأمازيغية الصاعدة في الحياة الاجتماعية والأدبية.
  • إن الحوار المتشنج الذي رافق ولمدة نصف قرن تقريبا كل نقاشات الأنتلجانسيا الجزائرية حول قضية اللغة الأجنبية وبالخصوص الفرنسية هو الذي جعلنا ننمي فكرة الخلط ما بين اللغة الأجنبية ومكونات الهوية الوطنية وهما قضيتان متقاطعتان.
  •  
  • بعبع الفرانكفونية:
  •  
  • نحن في الجزائر أكثر من أعطى للفرنسية وأقل من استفاد منها.
  • الآن ومع ما يحصل، في العالم، من تكتلات سياسية واقتصادية وثقافية، علينا أن تكون لنا الشجاعة الثقافية لطرح إشكالية الفرانكفونية كحالة ثقافية تمس الجزائر، شئنا أم أبينا، ودراستها دراسة هادئة على ضوء ما يجري أمامنا ومن حولنا وبداخلنا أضحت مسألة ثقافية ولغوية ضرورية. وأعتقد أن تدارس ظاهرة الفرانكفونية من بابها الثقافي، دون مزايدات سياسوية، هي مهمة النخب في البلدان التي تستعمل فيها هذه اللغة بمستويات متعددة وعلى مستويات متعددة، والجزائر وهي البلد الأول المستعمل للغة الفرنسية بعد فرنسا، على نخبها ألا تغيب عن هذا النقاش إن بالرفض أو النقد أو التعديل. وأنا أسوق هذا الحديث يجب ألا أفهم أنني أدعو أو أبشر بالدخول إلى بيت الفرانكفونية كمنظمة، فهذا سؤال سياسي، ليس من أهداف هذا المقال، ولست مخولا للحديث فيه ولايعنيني أمر هذه المنظمات أساسا، أنا أتحدث هنا عن الشراكة الثقافية والمثاقفة التي باتت ظاهرة متجلية في كل شيء في اللغة وطرق الحياة. فنحن لنا نخب ثقافية كبيرة ومتميزة عالميا تستعمل هذه اللغة وبأجيال متلاحقة وتنتج بهذه اللغة قيما ثقافية وجمالية مؤثرة في مجتمعنا ومؤسسة لجزء من مخياله الاجتماعي والثقافي، لا أحد ينكر هذا، كما أشرت إلى ذلك في مطلع هذا المقال ولنا أيضا جالية جزائرية تفوق المليون نسمة داخل العالم الفرانكفوني وبفرنسا على الخصوص، إن دراسة المثاقفة الفرانكفونية لا الفرنكوفيلية دراسة بعيدة عن التأويل السياسي التقزيمي، هو أيضا مناقشة لحال وواقع هذه الجالية وبالتالي تحديد علاقتها بوطنها وبلغتها المرجعية أي اللغغ العربية وبثقافتها وبمثلها العليا وبمرجعياتها وهي، في الوقت نفسه مقاربة، للثقافة الوطنية في بلادنا تلك التي تنتج باللغة العربية.
  •  
  • بأية لغة يقرأ الجزائري؟
  •  
  • لا يمكن إعطاء توصيف أو تحليل دقيق للقراءة والقروئية في الجزائر في ظل غياب إحصائيات دقيقة عن حال النشر والتوزيع وجغرافية القراءة البشرية والطبيعية واللغوية في الجزائر، وقد سعدت إذ قرأت أنه وبعد نقاشات طويلة ودعواتنا إلى إنشاء مرصد وطني للكتاب ها هو الحلم يتحقق وها هو رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة يعلن عن إنشاء ذلك، وهذه خطوة إيجابية وجادة ستقدم مستقبلا للكتاب والكتاب والمكتبات الورقية والالكترونية كثيرا من المعطيات للتقدم في الضوء بدلا من الارتجال.
  • بالمرصد الوطني للكتاب ستخرج حضارة الكتاب في بلادنا من حال “الطبع” إلى حال “النشر”، لأن ما يلاحظ اليوم في بلادنا من حال الكتاب هو “طبع” وليس “نشر” كما نفهم من كلمة “نشر” وكما هو متعارف عليها دوليا. بهذا المرصد الوطني للكتاب يمكن الخروج بوضعية الكتاب من حالة المساعدات العشوائية والمناسباتية إلى وضع فلسفة متكاملة ومستقبلية.
  •  أريد أن أسجل هنا وأنا بصدد تناول موضوع الكتابة الجزائرية بالفرنسية، وهذا من خلال معاينات وملاحظات ميدانية جمعتها من خلال تجربتي المهنية في الجامعة كأستاذ لنظرية القراءة وأيضا كمدير عام سابق للمكتبة الوطنية، إن هناك واقعا تميزاوملحوظا في طرق التعامل مع القارئ باللغة الفرنسية والوصول إليه تختلف عن تلك الأساليب التي يتعامل بها مع القارئ باللغة العربية.
  • إن المشرفين والقيمين على الكتاب من كتبيين ومكتبيين وموزعين يملكون إلى حد ما بعضا من ثقافة ترويج الكتاب بالفرنسية ربما هذا ناتج لخلفيات ثقافية ولغوية أيضا. والمؤكد أن مكتبات البيع هذه قد صنعت قارئا باللغة الفرنسية من خلال جملة من التراكمات الثقافية والأنشطة الثقافية التي تحيط بالكتاب. فمن خلال متابعتي وعلى مدى سنة كاملة ومن خلال اللقاءات المباشرة مع الكتاب الجزائريين وغير الجزائريين وحفلات البيع بالتوقيع التي تنظمها مكتبات البيع في الجزائر العاصمة وفي وهران وتيزي وزو وقسنطينة وغيرها فإن هذه المكتبات استقبلت الكتاب باللغة الفرنسية فقط على استثناءات قليلة جدا. مؤكد أن هذه المكتبات من خلال تأكيدها على تقديم هذا الكتاب من روايات وكتب سياسية وفكرية وتاريخية وكتب مذكرات شخصيات وبهذا التواتر ترسل رسالة مفادها أن القارئ الموجود هو القارئ بالفرنسية. لقد تمكنت مكتبات البيع هذه في العاصمة وبعض المدن الكبيرة الأخرى من خلق شبكة من القراء بالفرنسية وهذا عمل دون شك متميز يخدم قطاعا من الكتاب
  • وفي محاولة توصيل نفس الكتاب الذي يعرف نوعا من الإقبال لدى القارئ بالفرنسية، توصيله إلى القارئ بالعربية، أقدمت بعض دور النشر الجزائرية الخاصة والعمومية مشكورة على ترجمة بعض الروايات أو الكتب المطلوبة لدى القارئ الجزائري بالفرنسية، إلا أن هذه الكتب المترجمة ظلت مكدسة ولم تلق أي رواج أو قراءة. لقد نشرت المؤسسة الوطنية للإشهار، مثلا، روايات أمين معلوف مترجمة إلى العربية، فإذا الكارثة بينة إذ لم يكن عليها أي إقبال، في المقابل استمر بيع أمين معلوف باللغة الفرنسية، والشيء نفسه مع روايات ياسمينة خضرا الذي يعد من أكبر الكتاب مبيعا على المستوى العالمي، وعلى الرغم من الدعاية التي تصاحب صدور رواياته على المستوى العالمي والجوائز التي تحصدها في كل مرة، والتي من المفروض أن تساعد على فضول القراءة لدى القارئ بالعربية إلا أن الرواية المترجمة لم تلق أي استقبال لدى القراء (وشخصيا كنت أول من ترجم ياسمينة خضرا إلى العربية وقد ترجمت له أهم رواية كتبها في نظري وهي “بم تحلم الذئاب” ولكنها لم تأخذ الأبعاد التي حققها النص الأصلي بالفرنسية). والمصير نفسه عرفته روايات أنور بن مالك ومليكة مقدم ونور الدين سعدي وغيرهم مما ترجم إلى العربية.
  • إن القارئ باللغة العربية، في رأيي، لم يخرج بعد من دائرة قراءة الكتاب الديني البسيط، وهذا ناتج عن غياب كتبيين ومكتبيين مكونين قادرين على خلق شبكة من زبائن وأصدقاء الكتاب الإبداعي بالعربية. لذا يحتاج الكتبيون والمكتبيون من المشرفين على مكتبات البيع والمكتبات العمومية إلى دورات تدريبية مستمرة لمعرفة صناعة اقتصاد القارئ المعرب. وأعتقد أن هذا من دور الدولة ومؤسساتها المهتمة بالكتاب وترقيته إذا ما أردنا فعلا أن نخلق مجتمعا متوازنا لا يفاجئنا مستقبلا بشروخ في الشخصية وتناقضات في الهوية.
  • هل ومتى سيموت الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية؟

 

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!