الكرة الجزائرية.. أين الملاعب يا ناس!؟
ماذا ينقص الجزائر كرويا؟سؤال طرحته على نفسي مرارا؟ وخشيت الخوض في موضوعه وإجاباته كثيرا.. ولكنني توكلت على الله في الأسبوع الماضي، وقررت بحث الأمر وطرح وجهات نظر أتمنى أن تحقق أهدافها وتلقى الاهتمام والتقدير.. ومنحنى القراء الأعزاء شجاعة هائلة إثر متابعتهم وتعليقاتهم على الجزء الأول الخاص بعدد ممارسي اللعبة.واليوم نتجه إلى الجزء الثاني والخاص بمكان الممارسة.
يمكن للمصلين أن يؤدوا صلواتهم في أي مكان على ظهر الأرض.. ولكن المساجد هي المكان النموذجي للصلاة عند كل المسلمين.. وتتبارى الدول والمؤسسات والأفراد في بناء المساجد والابداع في تشييدها وتزيينها لتكون قبلة للمسلمين من الحريصين على صلواتهم.
وكذلك يمكن لأي عاشق لكرة القدم أن يمارس اللعبة في أي مكان على ظهر الأرض.. ولكن الملاعب العشبية أو ذات العشب الصناعي هي المكان النموذجي لممارسة كرة القدم.. وعلى نفس النسق تتبارى الدول والمؤسسات والأفراد في بناء الملاعب والاستادات والابداع في تشييدها وتزيينها لتكون قبلة للاعبي وجماهير كرة القدم من الحريصين على ممارسة ومشاهدة لعبتهم الجميلة.
والملاعب هنا تشمل الملاعب المفتوحة والاستادات الكبيرة.. وكرة القدم لا تنتشر وتتطور في أي مكان في العالم إلا من خلال الملاعب المفتوحة (وليست الملاعب) التي يتاح فيها للمواطن الفقير والمتوسط ممارسة هوايته دون تكبّد مصروفات ضخمة، خاصة وأن أغلب عباقرة كرة القدم كانوا من الفقراء أو من الطبقة المتوسطة.
ونظرا لأن بلادنا العربية تفتقر إلى الحدائق الواسعة والمنتشرة في المدن والقرى (كما يوجد في أغلب مدن أوروبا.. والطريف أن مساحة الحدائق الخضراء في مدينة لندن فقط تزيد عن مساحة عدد من العواصم العربية).. فلا مجال لممارسة المواطن العربي لكرة القدم في الحدائق بالوفرة أو الأريحية التي تساعده على تنمية مهاراته والارتفاع بمستواه بعيدا عن الأندية.. كما أن الحدائق لا تشمل التخطيط القانوني أو المناسب لملاعب الكرة مما يطيح بجانب رئيسي من الممارسة، وهو القفز فوق القوانين.
الملاعب المفتوحة أولا والملاعب القانونية ثانيا هي الأسلوب الصحيح لزيادة عدد الممارسين ورفع مستواهم وتعليمهم أساسيات وقوانين اللعبة.
تعالوا نحصي عدد الملاعب الجيدة في الجزائر.
بكل تأكيد.. هي محدودة جدا قياسا بتاريخ البلد وتعداده ومساحته وإمكاناته وعشق جمهوره لكرة القدم.
ومن غير المعقول على بلد بحجم ومساحة الجزائر أن يلعب منتخبه الأول (المصنف ضمن أحسن عشرين منتخبا في العالم والمتأهل إلى المونديال في الدورتين الأخيرتين) كل مبارياته الدولية الرسمية في ملعب مصطفى تشاكر في البليدة بعيدا عن العاصمة الجزائر.
ياللهول.. الجزائر العاصمة بلا ملعب مناسب للمنتخب الوطني.
شيء فظيع يعكس حجم النقص الشديد في الملاعب المناسبة (ولا أقول الكبرى) في الجزائر.. وأعود إلى مدينة لندن العاصمة الانجليزية لأجد فيها وحدها ثمانية استادات كبرى، كلها على مستوى ممتاز من كل الجوانب، وكلها تسع مدرجاتها أكثر من ثلاثين ألف متفرج (ملاعب ويمبلي وملعب الإمارات لنادي أرسنال وستامفورد بريدج لنادي تشيلسي ووايت هارت لان لنادي توتنهام وكرافين كوتيج لنادي فولهام ولوفتوس رود لنادي كوينز بارك رينجرز وسيلهيرست بارك لنادي كريستال بالاس وبولين جراوند لنادي وستهام) غير ملاعب أخرى جيدة.
الجزائر بحاجة ماسة وعاجلة لخطة رياضية طموحة لإنشاء بنية تحتية ضخمة وواسعة النطاق.. ولا مجال للحديث عن عدم توافر الأموال فما ضاع من أموال في الفساد الذي شهدته السنوات العشرون الأخيرة (وكشفته مثلا قضية سوناطراك ووزير الطاقة السابق شكيب خليل أو قضية رجل الأعمال عبد المؤمن خليفة المعروضتان حاليا على القضاء) كان يكفي لتفوق الجزائر العاصمة على لندن في عدد وإمكانات الملاعب.
المال موجود في الجزائر.. وموجود بوفرة من خلال خيرات وموارد طبيعية تحسدها عليها أغلب دول العالم.
ويبقى الايمان بأهمية الرياضة وكرة القدم أولا واتخاذ القرار ثانيا لبدء المشروع الوطني الذي يضع الجزائر في مكانتها في صدارة إفريقيا على صعيد الاستادات والبنية التحتية الرياضية.. حتى لا يتكرر الموقف الكئيب الذي منح لدولة الجابون حق تنظيم كأس الأمم الإفريقية لكرة القدم 2017 على حساب الجزائر.. حتى وإن اكتنف القرار شوائب وفساد كبيران.
أما الملاعب المفتوحة فهي الشرايين التي تغذي كرة القدم في أي بلد في العالم.. والجزائر بمساحتها الشاسعة وتعدادها الضخم تحتاج عشرين ألف ملعب مفتوح موزعة على المدن والقرى في خلال عامين على الأكثر.
وميزانية عمل تلك الملاعب محدودة بل وتقل عن ميزانية الحفلات الاستعراضية الترفيهية التي تقام في البلاد في أي عام.. والمساحات المطلوبة لتلك الملاعب موجودة وبوفرة في كل بقعة على أرض الجزائر.
بقي أن يعرف المسؤولون في الحكومة الجزائرية أن الرياضة (الممارسة أولا والبطولة ثانيا) لها نفس قيمة التعليم في الدول المتقدمة.
هل من مستجيب؟