-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اللامي وشريبط والنخبة المغشوشة

سهيل الخالدي
  • 1735
  • 2
اللامي وشريبط والنخبة المغشوشة

حتى لا يضيع القارئ في هذا العنوان أحيله سريعا إلى “الشروق اليومي” يوم 6/6/2016 إذ كتبت في صفحة “مراصد” أن الدكتور والأستاذ الجامعي شريبط أحمد شريبط ينطفئ في صمت حيث مازال يعاني في صمت منذ 17 سنة من عجز في الكلى ولا يجد أي اهتمام أو التفاتة من وزارة الثقافة ولا وزارة التعليم العالي ولا أي جهة رسمية أو علمية أو خيرية، ولو فعلت لتم علاجه في إحدى الدول المتقدمة طبيا مثل ألمانيا أو بريطانيا أو حتى فرنسا التي تبتز المرضى الجزائريين ولشفي منذ سنين…

لكن الرجل لايزال يعاني رغم علمي انه عرض قضيته عام 1999 على الرئيس بوتفليقة في محفل عام، ولكن يبدو أن أحدا لم ينفذ رغبة الرئيس في التكفل بحالة شريبط أحمد شريبط الذي يبدو انه ارتكب جريمة لاتغتفر في جزائر اليوم وهي جريمة الكتابة بالعربية التي يستحقّ مقترفُها في هذا الوطن حكم الإعدام مائة مرة على طريقة المحاكم الصهيونية الاستيطانية البشعة في الحكم على الشباب الفلسطيني.

 شريبط أحمد شريبط الذي قلّما تتحدث عنه وسائل الإعلام الجزائرية والذي لانراه في انشطة وزارة الثقافة وقائمة محتكريها، قدّم للثقافة الجزائرية مالم يقدِّمه أي وزير سابق، فهو الذي جمع تراث الكاتبة الجزائرية زليخة سعودي وقدّمه وحاول البعض السطو على هذا الكشف وادعاء السبق، وهو اول من جمع ما كتب عن المناضلة جميلة بوحيرد الذي سعى الكثيرون إلى طمسه عقودا طويلة.

 وشريبط أحمد شريبط هو من حاول تصحيح الفكر النقدي الجزائري في أطر اكاديمية علمية. وكل هذه الأعمال المرهِقة يقوم بها إلى جانب عمله الأكاديمي في جامعة عنابه وهو مواظب على عمليات غسل الكلى المرهقة صحيا وماليا ودون أن تلفت الجهات القادرة والمسؤولة؛ فقضية شريبط أحمد شريبط قضية لاتصلح للدعاية الشخصية فهي صحة إنسان مثقف وفي بلادنا لايساوي الإنسان أكثر من صفر؛ أما إذا كان مثقفا فهو صفر على الشمال أو أدنى من ذلك.

 ولم تحدثنا الصحف أن وزير الثقافة أو وزير التعليم العالي أو أحدا من المسئولين قد زار شريبط أو هاتفه مواسيا أو مستفسرا عن صحته… فيبدو أن شريبط الذي يعيش على البحر المتوسط عليه لكي يتداوى أن يحرق مع “الحراقة” وإذا كتب الله له الوصول إلى الضفة الأوربية فسيبدأون علاجه على الفور، فليس هناك عقدة من الكتاب باللغة العربية كما هو الحال عند المسئولين عندنا فهناك لاينافقون ولايغشون شعبهم ولا يحاربون اصحاب المواهب ليُبرزوا رداءتهم.

 إني اتضامن معك اخي المبدع شريبط لكنه تضامن العاجز كما تعلم ويعلم القراء.

 اما اللامي فهو الكاتب العراقي الصديق جمعة عجيل اللامي نسبة إلى قبيلة بني لام إحدى أعرق القبائل في التاريخ العربي، صاحب النصوص المفتوحة فقد أنجز اللامي حتى الآن اكثر من اربعين كتابا من رواية وقصة قصيرة ومسرحية ومقالة وبحث بالإضافة إلى أنه شاعرٌ مطبوع.

 ومع انه عاش سنوات في ثمانينات القرن الماضي في الجزائر باستضافة من المرحوم الشريف مساعدية لأن اللامي هو أول مثقف عراقي  انتقد النظام العراقي علنا فتمت محاكمته من بعض مرتزقة النظام فغادر وكانت الجزائر وجهته ثم التحق بالمقاومة الفلسطينية وتشرد اللامي حاملا أوراقه وأطفاله من هذا البلد العربي إلى ذاك.. وكان دائما معارضا للنظام وليس معارضا للوطن. وحين احتلت أمريكا العراق 2003 طلب احد ضباط الاحتلال أن يقابل اللامي لكن هذا الأديب اشترط أن يقدم الضابط أولا اعتذاره عن الاحتلال باسم الجيش الأمريكي والولايات المتحدة ولم تتم المقابلة.

 وحين زار اللامي الجزائر مدعوا من جمعية الجاحظية في عام2005 أراد أن يزور قبر الشريف مساعدية ليترحم عليه ولم يجد من يدله على قبر ذاك الرجل الذي يشكل رقما مهما في الحياة السياسية الجزائرية بل رفض مثقفٌ جزائري كبير لحم أكتافه من خير مساعدية مرافقته؛ فقمت انا والزميلتان غنية قبي وسهيلة ماغا بمرافقته إلى مقبرة العالية وقراءة الفاتحة على روح رجل قدَّم الكثير للجزائر وربطته صداقة مع هذا المثقف العربي العراقي على ما بينهما من اختلاف في الفكر السياسي.

 وفي وقت لاحق اشتدت الأمراض على جمعة اللامي المقيم على شاطئ الخليج العربي ومنها مرض الكلى الذي يعاني منه صديقنا الأستاذ شريبط المقيم على شاطئ المتوسط العربي فأصدر الرئيس العراقي آنذاك قرارا سياديا بالتكفل بمعالجة جمعة اللامي الذي رفض الاحتلال الأمريكي لكن وزير الثقافة حينذاك وخدمة لأسياده المحتلين حوّل القرار السيادي إلى إجراء إداري لايكفي مبلغه ثمن تذكرة الطائرة.. فرفض اللامي تلاعب وغش الوزير الذي يستف من أموال العراق ما لايعد ولايحصى، فما كان من حاكم الشارقة الشيخ القاسمي إلا وأن تكفل بعلاج الرجل الذي صار مستشاره، والشارقة كما تعلمون هي اليوم أهمّ منتج وأهم راع للثقافة العربية وكل ساحاتها وكل شوارعها باسم المثقفين العرب، ومما خفف عن الصديق اللامي وواساه ان كتابا له صدر وهو راقد في المستشفى فجاء القراء إلى عيادته وفي يد كل منهم نسخة من الكتاب ليوقعه له.

 ورغم كل هذه الأمراض وكل هذه المكابدات فإن “أبوعمار” الصديق اللامي لايزال يواصل العطاء ويكتب ويكتب في الشارقة تماما كما هو الحال مع الصديق شريبط في عنابة، فقد ارتفعا فوق الغش الثقافي والسياسي والاقتصادي الذي تمارسه نخبة في المشرق والمغرب فقدت شرفها وجرت معها الكثير من الحثالات

 وبقي الشرفاء وحدهم يعانون ولكنهم في الأعالي دائما فمن ساحل الخليج العربي إلى ساحل لبنان إلى ساحل بونة كانت حضارة فينيقيا التي علمت الدنيا الحرف وشرفه العالي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • الجزائرية

    كم أنت نبيل وكريم النفس يا محترم السيد الخالدي ..إن كلامك على الأستاذ أحمد شريبط صرخة مستغيث لصديق صدوق ورجل وفي. نتمنى أن يجد آذانا صاغية لدى وزير الثقافة أو رئيس الحكومة و السيد رئيس الجمهورية الذي كان دوما سباقا للخير.

  • علي

    كلنا في الهم شرق لكن مرض الجزائر اكثر ايلاما حيث سطا على اشرف ثورة عباد السلطة بكل انانية ووقاحة وبؤس