-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اللغة العربية.. العائق الأكبر للعولمة الممنهجة!

حمزة يدوغي
  • 3208
  • 0
اللغة العربية.. العائق الأكبر للعولمة الممنهجة!

استوقفتني كلمة للعالم اليوغوسلافي الشهير الدكتور أحمد إسماعيلوفتش قال فيها: “عندما زار الرئيس تيتو القاهرة وكنت مديرا للمدرسة اليوغوسلافية في القاهرة، سألني عما إذا كان أبناؤنا يدرسون العربية فأجبته بالنفي، فقال الرئيس تيتو: لابد أن تكون العربية ضمن البرامج، ولابد لأبنائنا من تعلم اللغة العربية لأنها لغة المستقبل”.

إن  كون اللغة ستتبوأ مكانها الطبيعية اللائقة بها في المستقبل وتصبح لغة عالمية هي حقيقة، وهذه الحقيقة تستند إلى أساسين اثنين: أولهما أنها لغة الدين الذي سيظهره الله على الدين كلههو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله“.

وثانيهما أنها مهيأة ذاتيا لحمل هذه الرسالة الدينية الحضارية الإنسانية العالمية..

وهذه الحقيقة عبّر عنها العلماء والمفكرون النزهاء والزعماء المتبصرون من مختلف بقاع الأرض. ولأنها كذلك فقد أصبحت في نظر من ابتدعواالإسلاموفوبياخطرا على الغرب وحضارة الغرب، لأن منطقالعولمة الممنهجةيقول: من تميّز عنا حضاريا وثقافيا ولغويا كان خطرا علينا ولما كان الكيان الإسلامي هو الأكثر تميزا عن الغرب وحضارة الغرب ققد أصبح هوالعائق الأكبرأمام أهداف العولمة، والمستهدف في الدرجة الأولى هي اللغة العربية باعتبارها لغة هذا الدين.

وإذا ما جئنا لنرصد مختلف الأساليب والمزاعم والتهم الذي يروّج لها أعداء هذه اللغة فإننا نجدها على قسمين: قسم يركز عليها هي كلغة، من حيث طبيعتها وخصائصها ومؤهلاتها الذاتية وقسم يركز على أهلها الناطقين بها.

ولعل المتتبع لهذا الموضوع يلحظ من دون شك الوعي المتنامي بهذه المخططات الرامية إلى ضرب اللغة العربية، والعزم على دحض حججها علميا بفضل ما يعقد من ملتقيات علمية متخصصة، عربيا ودوليا، وبفضل ما وضع في هذا المجال من بحوث ودراسات أكاديمية، تمكنت من حصر هذه المزاعم بصفة عامة في النقاط الآتية:

أن اللغة العربية فقيرة إلى المصطلحات العلمية مما يجعلها غير قادرة على مواكبة التطور العلمي التكنولوجي السريع، وأنها لغة تعاني تضخما في المفردات والمترادفات كتعويض على الفقر العلمي الذي تعانيه، وكذا صعوبة قواعد هذه اللغة لتعقّد النحو العربي أصلا، إلى جانب استعصاء شكلها أي حروفها عند الطباعة مما يحدّ من انتشارها وتطورها، وهذا كله يشكك في قدرتها على أن تكون هي لغة الثقافة المشتركة للمجتمع العربي والإسلامي على اختلاف اللهجات المحلية، باعتبارهم يشكلون جماعة لغوية واحدة، كما يقول علماء اللغة، وهي أكبر رابطة وأقواها تستطيع أن تضع كيانا حضاريا متوحدا متماسكا قويا ومتميزا..

ولا يخفى أن ارتباط العربية بالإسلام هو الذي جعلها تتعرض في تاريخها الطويل للعداء نفسه الذي واجهه الإسلام في مختلف مراحل تطوره، فأعداء العربية لم يكد يخلو منهم عصر أو جيل، ولم يخفف من حدة عداوتهم لها ما يرون ويسمعون من أبناء جلدتهم، من المنصفين للإسلام والعربية، من تقدير وثناء وإعجاب..

وإذا كانت مواقف هؤلاء الخصوم، القدامى والجدد على حد سواء، واحدة، فإن الأساليب المنتهجة هي التي تتجدد وتتطور بطبيعة الحال، فهم إذا كانوا يتفقون على أن اللغة العربية هي أساس كيان الأمة المحمدية فإن مخططاتهم للنيل منها والتموين من شأنها صرف أهلها عنها وترغيبهم في غيرها متنوعة كثيرة.

يقول الباحث المتخصص في هذا المجال الدكتور سعيد العربي موضحا إدراك الأعداء لهذا الترابط الوثيق بين العقيدة واللغة وسعيهم لهدمهلقد أدرك أعداء الإسلام حكمة وجوب قراءة القرآن في الصلاة، بما يعني أن العربية هي لغة المسلمين جميعا، فأرادوا أن يظاهوها بإيجاد لغة عامة للبشر أجمع سموها: “الاسبرنتويزعمون أنهم يريدون تقريب التفاهم بين الشعوب الإنسانية، ولكن من عرف مبادئ هذه اللغة يفهم أن المطلب هو إحياء اللغة اللاتينية التي كانوا يسمونها لغة العلوم، وهي اللغة الدينية المسيحية، وإنما جعلوا عنوانها لغة البشر لكي يوجّهوا المسلمين كغيرهم إلى الاهتمام بها وبذل العناية فيها، علما منهم أن للغة تأثيرا كبيرا في التغيرات الفردية وانقلابات الجماعات والأفراد“.

والجدير بالملاحظة هنا أن هذه الحملات المشككة في قدرة اللغة العربية على البقاء تركز على خصائصها الذاتية كلغة وعلى مؤهلاتها الذاتية، بينما يقتضي المنطق أن يتوجه النظر إلى أهلها لأن اللغة، أيّ لغة، إنما تقوى وتزدهر بازدهار أهلها وتضعف بضعفهم.

يقول الدكتور ابراهيم السامرائيالعربية إحدى اللغات الحية، وهذا يقتضي أن نفهم ونسلّم بأنها لغة متطورة تخضع لما تخضع له اللغات الحية عامة، وهي إحدى اللغات السامية، اندثرت معالمها وامحت أصولها، فلم تبق إلا هذه اللغة القديمة.. ولقد كانت سيدة لغات العالم القديم خلال قرون متلاحقة ابتداء من القرن السابع الميلادي“.

والحقيقة الكبرى التي يؤمن بها كل مسلم والتي تظل فوق أي مراجع أو جدال، أن الله سبحانه قد تكفّل بحفظ كتابه الذي أنزله بهذه اللغة، فالحرف العربي محفوظ ما في ذلك شك إلى يوم الدين، والمسألة إذن لا تتعلق بالعربية كلغة وإنما تتعلق بأهلها المسلمين، عربا وعجما، فهم المدعوّون إلى أن يجعلوهامثلما كانت بالأمس أيام مجدها وريادتهالغة العلم والمعرفة في العالم.

وعندما نتحدث عن مستقبل العربية ومكانتها بين لغات العالم وعن مزاعم المخططين من أعدائها لتقويضها، ينبغي أن يكون حديثا متكاملا يشمل ضغوط العولمة وتخطيطات أعدائها ويشمل في الوقت نفسه تقصير أهلها وسلبيات الواقع الذي تعانيه..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • ابن الجنوب

    أنت أستاذلغةعربية فقط ولست طبيباولاممرضاوهذامن شأنه أن يكون عائقالك على اعتبارأن الطب وغيره من التخصصات العلميةوالهندسيةممنوع تدريسهم في الجزائرلذلك لم يكن هناك اهتمام بالمصطلحات الطبيةوالهندسيةوالسعي في سبيل معرفتهاوتوطينهاوهذاهوالمطلوب تنفيذه في الجزائروالواقع أنهامؤامرةنفذت باحكام لضرب عصافيرعديدةبحجرواحدمن جهةتدميرالأجيال بالتخلاط اللغوي ومن جهة أخرى تشكيك الجزائريين في لغتهم والارتماءفي احضان عدوهم لغوياوحضارياواليوم نرى ردةحتى دينيامن التعصب نتيجةالجهل إلى التمسيح نتيجةالخوف من تهمةالارهاب

  • ميلود58

    العلوم تطورت منها البصريات وعلم الجبر والطب والجغرافيا والفلك وكل العلوم الأخرى .
    إرتقت بفضل ازدهار الحضارة العربية .
    أما اليوم ينفون هذا ليس بمنطق أن تجحد كل الاختراعات والابتكارات التي توصلوا إليها علماء العرب في أوج عطائهم وهذا إجحاف في حقهم.
    أما اليوم السبب لتدني وعدم اهتمام الحكومات والشعوب العربية هو انسلاخهم من الهوية العربية وإتباعهم الغرب واليوم أصبحوا يسبحون في فلكهم ويتبعون تقاليدهم وانحلالهم الخلقي .
    من يدعى أن اللغة العربية غير ممنهجة فيأتي بجملة واحدة تشبه القرآن .

  • مواطن

    لك الحق في كل ما عبرت عنه لكن الوضع لم يتغير بل ازداد سوءا بحيث أصبح المثقفون منا وعلى رأسهم أدباؤنا الجدد يحولون إنتاجهم من العربية إلى أية لغة غربية تحت شعار العولمة والمهم حسبهم أن الفكر الوطني يصل إلى الخارج وأي فكر.ما بالك في بلدنا قبل غيرنا يعين على قطاع التربية والثقافة من يجهل أو يعادي صراحة اللغة الوطنية ويعمل علنا على تعويضها بغيرها.حتى في أقسامنا وفي المواد العلمية والرياضيات على الخصوص ونحن أصحابها أجبر التلاميذ على تغيير اتجاه كتابة المعادلات لتخضع للإملاءات.رئيسنا.....يكره العربية.

  • الاصمعي

    يا سيدي الوهراني يا استاد اللغة العربية ان ما تقوله صحيح وانه في بعض الاحيان لا يوجد مفابل للمصطلح في الله العربية. لكن اود ان اسالك هل هدا في اللعة العربية فقط .اود ان احيلك الى اللغة الفرنسية. انطر عدد المصطلحات الاجنبية في هده اللغة لانهم ببساطة لم يجدوا مقابل لها في لغتهم ادن كل لغات العالم مليئة بالمصطلحات الانكليزية. يا سيدي احترم لغتك واعمل على تطورها خاصة وانك استاد لغة عربية...

  • عبد الحكيم

    السلام عليكم استاذ حمزة
    اود من خلال الفضاء ان انتهز الفرصة لاعبر لك عن مشاعر التقدير والمودة التي اكنها لشخصكم الكريم وهذه المشاعر تمتد لاكثر من 30 سنة ، اذكر دائما حصة بين الثانويات يوم شاهدتك متابطا العود ، بعدها تقلدت منصبا عاليا بوزارة الشؤون الدينية ، خلال عام 80-82 التقيت باخيك الذي درس في مركز التكوين الاداري ، نعم احببتك لانني احس ان لك روحا تشع ثقافة وفنا ووسطية ، اليوم وانا اب لخمسة اطفال ومتقاعد اتمنى دائما ان اتشرف برشف قهوة معك والسؤال عن اخيكم . تقبل تحياتي وسلامي

  • ميلود

    اللغة العربية قادرة علىقيادة البشرية نحو الرقي والتقدم في جميع المجالات ان صحتالنوايا ...

  • سعيد مصطفى

    من دون غلو او تطرف وبمنطق علمي : انما العربية اللسان . فالعرب ليسوا جنس مرتبط بالعرق ,وانما رابطتهم اللسان ., مما يجعلهم جنس منفتح على كل من
    ينخرط لغويا في لسانهم ,ثم ان ميزة هذا اللسان لا مثيل له على الاطلاق في
    كل السنة العالم ,فهي اللغة الوحيدة المؤتمنة على المعنى بين كل
    اللغات,فأنت تستطيع ان تورث المعنى الذي تريد عبر نصوص عربية لاجيال عديدة
    مع بقاء النص قابل للفهم في كل الاوقات , ثم انها لغة لا تتحول ,قد تضعف
    بضعف العقل , نعم ,ولكن لا تموت ,و هي ام لغات العالم وهي
    اصلح لغة كمرجع للمعنى

  • ANES

    رَجَعْتُ لِنَفْسِي فَاتَّهَمْتُ حَصَاتِي
    وَنَادَيْتُ قَوْمِي فَاحْتَسَبْتُ حَيَاتِي
    رَمَوْنِي بِعُقْمٍ فِي الشَّبَابِ وَلَيْتَنِي
    عَقُمْتُ فَلَمْ أَجْزَعْ لِقَوْلِ عُدَاتِي
    وَلَدْتُ وَلَمَّا لَمْ أَجِدْ لِعَرَائِسِي
    رِجَالًا وَأَكْفَاءً وَأَدْتُ بَنَاتِي
    وَسِعْتُ كِتَابَ اللهِ لَفْظًا وَغَايَةً
    وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بِهِ وَعِظَاتِ
    فَكَيْفَ أَضِيقُ اليَوْمَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ
    وَتَنْسِيقِ أَسْمَاءٍ لِمُخْتَرَعَاتِ؟
    أَنَا البَحْرُ فِي أَحْشَائِهِ

  • جزائري

    الإعتراف فضيلة : أنا باعتباري كنت أستاذا للغة العربية يجب أن أعترف أنني كنت ألقى صعوبات جمة في ترجمة مصطلحات علمية طبية من الفرنسية إلى العربية ( في بعض الأحيان كنت لا أجد المقابل اللغوي) لمساعدة ابنتي في فهم دروس الطب سنة أولى.
    اللغة تتطور بتطور ناطقيها و هل ناطقوها تطوروا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  • ARIS

    ان اكبر المشكيكين في قدرة اللغة العربية هم انتم العربيون الحاملين لواء الدفاع عن هذه اللغة فاستراتجيتكم الحمائية المبالغ فيها لهذه اللغة وسياستكم الاقصائية نحو كل اللغات الاخرى ورفضكم المطلق الاعتراف باي لغة اخرى قد تكون منافسة للغة العربية. يجعل من خصومكم يخرجون باستنتاج واحد وهو انكم لا تامنون بقدرة اللغة على المنافسة و البقاء الا باقصاء الاخر. فالعيب قد لا يكون في اللغة العربية بل فيكم وفي روحكم الاقصائية المقيتة القاتلة لكل انواع الابداع.

  • العاتري

    يا أستاذ حمزة ...ليست المشكلة في اللغة ولا الدين أيضا ...إنما أصل المشكلة هي الصورة القاتمة التي روجتها السعودية بنشرها الفكر السلفي الموغل في البداوة وتغليف الاسلام بالعادات السعودية. ومن ثمة شوهت صورة الدين والدنيا ..والمطلوب تغيير البرامج والمناهج التعليمية في السعودية ...وفسح المجال للفكر الوسطي كما عند الاخوان بدلا من اضطهادهم ومنع كتبهم ونشر التجهيل وترويجه في العالم الاسلامي .