الرأي

الله لا يسامحكم!

جمال لعلامي
  • 15198
  • 6

لا أدري لماذا تذكـّرت بأثر رجعي “الدعوة” أو “الدعاء” الذي جاء على لسان وزير الداخلية، خلال زيارته إلى ولاية بومرداس، الأسبوع الماضي، فقد قال بلسان الكثير من المواطنين: “لا سامح الله بعض المسؤولين”، وجاء كلامه في سياق الحديث عن تعطيل التنمية وخدمة المواطن واختزالهما في مجرّد تزيينات “لا تحكّ ولا تدك” ولا تصكّ ولا تفكّ”!

هذا التشخيص الواقعي والحقيقي، لا يخصّ ولاية بعينها، وبلدية أو دائرة أو قرية من الربوات المنسية عبر الجزائر العميقة، ولكنه دون شك، يخص الكثير من المناطق التي حوّلها مسؤولون محليون، بينهم ولاة وأميار ورساء دوائر، من السابقين واللاحقين، إلى “مقابر” لدفن التنمية والمشاريع، وبالتالي محضنة لليأس والقنوط والقنطة والغضب!

نعم، الكثير من الاحتجاجات الاجتماعية يتحمّل مسؤوليتها هذا النوع من البشر، الذي ورّط الدولة وأدخل أجهزتها في نفق الانشغال بمشاكل من المفروض أنها من مهام وصلاحيات المسؤول المحلي، وتصوّروا كيف بوال أو رئيس دائرة أو مدير أو مير، يرقد على حلحلة شكاوى يُمكن حلها في رمشة البصر، لكن قـصر النظر يجعل من الحبّة قبّة!

لقد وضع بدوي يده على الجرح، لأن شكاوى المواطنين دائما تضع المسؤولين المحليين في قفص الاتهام. والغريب في الموضوع، أن هؤلاء لا يجتهدون ولا يبحثون عن البدائل ومخارج النجدة، ومنهم من تسكن لسانه عبارة “ما وصلنا والو.. روحو تشكو.. دزو معاهم”، بما ضخـّم المشاكل المحلية وجعلها تسلك مسار الكرة الثلجية، ليغيب بعدها الحلّ أو يتعقـّد بسبب سوء التسيير وتأخير العلاج إلى غاية مرحلة “الموت” والعياذ بالله!

الكثير من الأميار ومعهم ولاة ورؤساء دوائر، ومديرو مصالح، هم “سباب خلاها” في العديد من الولايات والبلديات والمداشر، والتهمة هنا، يُوجهها مواطنون وحتى مسؤولون، إلى أوّلين وتابعين، منهم من “نام” لسنوات في مكتبه، ومنهم من “عاث” ومنهم من رقد على الأموال ولم يصرفها حيث يجب، ومنهم من فضل عقد صداقات وتحالفات مع “مشبوهين”، ومنهم من حرّر تقارير مغلوطة وضللّ الأكبر منها بأرقام مزيفة!

فعلا، صدق وزير الداخلية: “الله لا يسامحكم”، ليزيد عليها كلّ مظلوم ومستاء من هؤلاء الخارجين عن القانون والأخلاق: “الله لا تربحكم”، حيث كان بالإمكان ربح الكثير من الوقت والمال، ونقل الكثير من المناطق إلى مصاف المثالية، لكن عين أولئك بصيرة ويدهم قصيرة عندما يتعلق الأمر بمصلحة الشعب والدولة على المستوى المحلي “المخلي”!

مقالات ذات صلة