-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اللّوحات الرّقمية ليست تطورا

اللّوحات الرّقمية ليست تطورا

ظهور وزير التّربية الوطنية عبد الحكيم بلعابد في قسم مجهَّز بأحدث الوسائل التّكنولوجية خلال افتتاح الموسم الدراسي الجديد يطرح أكثر من تساؤل حول الطّريقة التي ينظر بها الوزراء إلى قطاعاتهم، وهل هم على اطّلاع على المشاكل الحقيقية، أم يمارسون نوعا من الدّعاية البدائية لتغطية الاختلالات الموجودة!

لعلّه من الحظّ السيِّء للوزير، أنه في نفس الوقت الذي كان يزور قسما دراسيا مجهَّزا باللّوحات الرّقمية والانترنت، كانت العشرات من المؤسسات التّربوية عبر الوطن تغرق في الأوحال، بسبب عيوب الإنجاز. وكمسؤول عن القطاع، كان عليه أن يرتدي حذاءً بلاستيكيا “Boot” ويزور المدارس المنكوبة، ويساهم من منطلق مسؤوليته في التّكفل المادي والنفسي بالتّلاميذ، لا أن يقوم بعملية استعراضية يُعطي من خلالها صورة مغايرة تماما للواقع المزري الذي يزاول فيه أبناؤُنا الدراسة في الجزائر العميقة.

ثم إن فكرة توزيع ألواح رقمية على التّلاميذ فيها الكثير مما يُقال من وجهة النّظر البيداغوجية؛ إذ أنّ العملية التّعليمية القاعدية ينبغي أن تستهدف تنمية المهارات الأساسية والمتمثلة في القراءة والكتابة والتّعبير، ولا أحد ينكر الأثر السّلبي للوحات الرّقمية على القدرات الإدراكية للتلاميذ، علما أنّ الهواتف الذّكية واللوحات الرّقمية أصبحت في متناول الأطفال في البيوت، والمطلوب هو إبعادهم قليلا عن هذه الوسائط وليس تشجيعهم عليها.

إنّ المشاكل المتراكمة في قطاع التّربية أكبر من أن يتم اختصارُها في قضية اللوحات الرّقمية أو ثقل المحفظة، ولا أعتقد أن الوزير بلعابد يجهل خفاياها وهو ابن القطاع الذي تدرّج في المسؤولية على كل المستويات، وأثبت إلى حد الآن قدرة كبيرة على إدارة هذا القطاع الحسّاس، عكس ما كان يقع في عهد الوزيرة السابقة نورية بن غبريط رمعون من انحرافات وتوظيفٍ إيديولوجي، وعكس حالة الجمود والارتباك التي مرّ بها القطاع في عهد الوزير السّابق واجعوط.

وإذا أراد هذا الوزيرُ النّهوض بقطاعه وإخراجه من الأزمة التي يتخبَّط فيها، عليه القيام بإصلاحات جوهرية بالاعتماد على الكفاءات الجزائرية، والبداية تكون بمحو إرث بن غبريط رمعون الذي لا زال في المناهج والكتب الدراسية، ثم المرور إلى التكفُّل المادي بالعنصر الأساسي في العملية التّعليمية وهو الأستاذ والمعلم، بإخراجه من دائرة الفقر والخصاصة، وإعادة تثمين مهنة التعليم حتى لا تكون ملاذا للفاشلين في الالتحاق بمهن أخرى تحفظ كرامتهم، أمّا الحديث عن توزيع اللّوحات الرقمية على التلاميذ للتخفيف من ثقل المحفظة فهو مجرّد “ترف” وقفز على الواقع البئيس!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • رسيوي عبد السلام

    و كأن هولاء يحلمون ... النفقات المرصدة لهذه التقنية و جب صرفها في توقير الكتاب المدرسي مجانا لابناءنا و حتى يتفادى ابناءنا حمل المحفظة التقيلة و جب على الدولة توفير الكتاب لكل تلميذ بالضعف كتاب في البيت و كتاب في المدرسة الا نملك عقولا نفكر بها كغيرنا من البلدان لنجد حلولا لمشاكلنا نابعة من حب الشعب و الوطن