الرأي

المال‭ ‬السايب‭ ‬يعلم‭ ‬السرقة‭!‬

جمال لعلامي
  • 3974
  • 5

من محاسن الصدف وربما من مساوئها، أن عيد الأضحى لهذا العام تزامن مع انطلاق العدّ التنازلي لبداية الحملة الانتخابية لمحليات 29 نوفمبر، فقد اصطف المتحرّشون على غير العادة أمام الجوامع وبالمقاهي وانتشروا عبر الأحياء والشوارع، يمدّون أيديهم لتلقي صدقات جارية، تدخلهم‭ ‬المجالس‭ ‬المخلية‭ ‬بدل‭ ‬الجنة‭!‬

ومن الطبيعي أن تتعرّض للطيكوك، عندما تتمحّص قفزات بهلوانية لمنتخبين سابقين، أعاثوا في البلديات فسادا، لكنهم أعادوا ترشحهم، من باب أنهم يعتقدون واهمين أن لا بديل ولا خليفة لهم على وجه الأرض، ولأن “المال السايب يعلم السرقة”، قرّر العديد من المتورطين في الفضائح،‭ ‬إعادة‭ ‬الكرّة‭ ‬حتى‭ ‬يوفر‭ ‬لنفسه‭ ‬الحصانة‭ ‬ويضمن‭ ‬لغنائمه‭ ‬الحماية‭ ‬وعدم‭ ‬التأميم‭!‬

لكن، دعونا نقول، بأن تنافس النطيحة والمتردية وما أكل السبع، جعل من الانتخابات في نظر الأغلبية المسحوقة من المتغيّبين و”الأغلبية الصامتة”، لا حدث، بل وحوّلها إلى مجرّد لعبة للهو والتسلية، ولذلك ضاعت الأصوات الانتخابية بين “كرعين” من لا علاقة لهم لا بالتسيير‭ ‬ولا‭ ‬بالسياسة‭ ‬ولا‭ ‬هم‭ ‬يحزنون‭!‬

من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬الانتخابات‭ ‬لا‭ ‬حدث،‭ ‬فالعديد‭ ‬من‭ ‬المترشحين‭ ‬لعضوية‭ ‬المجالس‭ ‬البلدية‭ ‬والولائية،‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬كيف‭ ‬يربطون‭ ‬دجاجة،‭ ‬لكنهم‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬يتقدمون‭ ‬إلى‭ ‬السباحة‭ ‬وهم‭ ‬يخافون‭ ‬صوت‭ ‬الموجة‭ ‬وبرودة‭ ‬الماء‭!‬

من البديهي أن يكره المواطنون الانتخابات، طالما أن من بين المترشحين، أناس لا يعرفون كتابة أسمائهم، فكيف بهم سيوقعون على قرارات مصيرية، وهل يُعقل أن “أراذل القوم” يتحوّلون إلى “أسياد” كلما عادت الانتخابات!

للمرّة المليون، يجب القول بأن انسحاب الإطارات والكفاءات و”أولاد الفاملية”، فتح الأبواب على مصراعيها، للمنبوذين والطماعين والغماسين والحشـّاشين، ومنحهم الفرصة ليكونوا أميارا ومنتخبين وأعضاء في المجالس المحلية، البلدية منها والولائية، فكان سوء التسيير والفساد‭ ‬والنهب‭ ‬والنصب‭ ‬والاحتيال‭ ‬حتما‭ ‬مقضيا‭!‬

نعم، حاشا لله، فهناك وسط المنتخبين “الأميين”، خبراء ومخضرمين في التسيير والتدبير وإدارة الشؤون العامة وتحريك التنمية المحلية وخدمة مصالح البلاد والعباد، لكن ليس سرا من أسرا الدولة، لو أشرنا بالبنان، إلى أولئك الذين تجاوزوا الخطوط الحمراء وحوّلوا البلديات إلى‭ ‬شركات‭ ‬‮”‬صارل‮”‬‭ ‬لتسمين‭ ‬العائلة‭ ‬والحاشية‭ ‬خارج‭ ‬القانون‭ ‬والأخلاق‭!‬

علينا أن نلوم الإدارة وغربالها، فهي من سمحت بترشح كائنات غريبة، وأخرى قادمة من الفضاء، ونوع آخر لا يفرّق بين الحلال والحرام، فلماذا لم يُسارع أصحاب الحلّ والربط، إلى إصدار إجراءات جديدة تحمي المجالس المحلية من اللعب والتلاعب، وذلك بتشديد شروط الترشح لعضوية‭ ‬المجالس‭ ‬البلدية‭ ‬والولائية،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تتحوّل‭ ‬إلى‭ ‬وكالات‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬بوّاب‭!‬

كم هو مؤلم عندما يقتصر التنافس والسباق، على الضباع -حاشى البعض- فيغيب السباع، ليس ضعفا، وإنـّما تعفـّفا من هذه المنافسة التي لم تعد لا شريفة ولا نظيفة، بسبب دخلاء لوّثوا عملية الترشيحات وحوّلوها إل سوق للبيع والشراء والبزنسة، وهذه هي مصيبة الفائزين الافتراضيين‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭!‬

مقالات ذات صلة