-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المثالُ النمساوي

المثالُ النمساوي

لم يتوقف وزيرُ التربية الوطنية، السيد عبد الحكيم بلعابد، منذ أن تم إقرار إرسال المنظومة التربوية إلى عطلة مؤقتة، جاءت بعد أيام قليلة من العودة من العطلة الشتوية، عن ترجّي الأساتذة وإداريي القطاع، لأجل التوجّه إلى مراكز التلقيح التي تنقل بعضُها إلى معاقل التعليم، وما كادت تجد غير الصمت المطبق وصدى أساتذة كانوا هنا، ولم يتوقف عن تذكير التلاميذ الذين “أشبعتهم” كورونا راحة واسترخاءً، بأن التسريح الأخير جاء من أجل صحتهم ومنحهم فسحة من الوقت لأجل مراجعتهم للدروس المقرَّرة، وليس لأجل التفسّح والتسكّع في الشوارع كما هو الحال في هذه الأيام التي تشهد هيجان المتحوّر أوميكرون المتربص بالتلاميذ قبل الأساتذة وأوليائهم وعامّة الناس.

الوزير ألحّ وطالب بمعادلة تبدو مستحيلة، فهو من جهة يمنح الصغار عطلة لبراءتهم المنطلقة، ومن جهة أخرى يطالبهم بالمراجعة في البيت مع أوليائهم، ومن جهة أخرى طالب الأساتذة باحترام البروتوكولات الصحية المقترحة من السلطات وفي نفس الوقت يعلم بأنهم في غالبيتهم يمارسون الدروس الخصوصية التي تضع الأستاذ والتلميذ في جحيم أوميكرون الذي لا يعترف بالمكان ولا يرفق بالصغار.

الأولياء في عذاب حقيقي، بين الخوف من الوباء الفتّاك، والقلق على مصير أبنائهم التعليمي. وبين هذا وذاك، لا أحد اقترح التلقيح الإجباري لفرسان هذا القطاع الحسّاس الذي يعيش موسمه الثاني من دون دراسة ولا تدريس نظامي، ما عدا هذا الذي يحدث هناك في الغرف المغلقة، من دروس خصوصية مسكوت عنها، حتى في عنفوان جائحة كورونا.

بلاد النمسا التي خالفت كل بلاد العالم، وخاصة جيرانها الأوروبيين، من خلال إجبار كل المواطنين والمقيمين في بلادها، على أن يتلقوا الجرعات الثلاث من اللقاح، ردّت القرار إلى خوفها من تعثر التعليم بكل أطواره، الذي تراه أهمّ من تعنّت الناس ورفضهم للقاح، ولم يهمّها تلك المسيرات والمظاهرات التي جابت العاصمة فيينا من أجل إسقاط إجبارية التلقيح.

يؤكد تلاميذ الإكمالي وطلبة الثانوي الذين شدّوا رحالهم نحو حجرات الدروس الخصوصية في الفترة الأخيرة، بأن الطاقم التعليمي بنسائه ورجاله الساهر على هذه الدروس، لا يطبِّق أي احتراز وقائي، ويؤكد الأطبّاء الذين أسندت لهم مهمة تلقيح الأساتذة بأن الإقبال شبه معدوم أو محتشم في أحسن الأحوال، مما يعني أننا أمام قنابل وبائية موقوتة، ستعذّب أبناءنا الذين حافظت عليهم القمة من الوباء، ووضعتهم القاعدة بين مخالب الوباء.

أبسط مواطن بإمكانه أن يلاحظ بأن الشوارع والمحلات والأسواق مزدحمة بالأطفال وبالكبار، ولا شيء يطابق رغبة وزارة التربية في أن تمرّ الأيام العشرة الخاصة بالراحة، أمنا وسلاما صحيا، حتى يخسر المتحوّر أوميكرون، معركته المعلنة على الكبار والصغار أيضا، ويعود جنودُ التعليم إلى قواعدهم المدرسية.. سالمين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • ياسين

    أكبر خطأ يرتكب في الجزائر هو غلق المؤسسات وإحالة العاملين على الراحة والتلاميذ إلى الشوارع؟ فماذا استفدنا من الغلق الكلي في سنة 2020؟ لم يلتزم الناس باجراءات الوقاية؟ بل كبد الدولة خسائر كبيرة؟ نرجو عدم تكرار الخطأ لأننا شعب لا يلتزم بما يقال له بل يفعل العكس تماما؟ فالأجدر تركهم لحالهم ولضمائرهم إن كانت لديهم ضمائر؟؟ علهم يحتاطوا من المرض؟

  • أبو عمير

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب خرب لدخلتموه"