-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المخزن تائه…”عليّ وعلى أعدائي”!

المخزن تائه…”عليّ وعلى أعدائي”!

لا شيء يفسّر سلوكيات المخزن الرعناء في المنطقة سوى حالة اليأس القاتل والتخبُّط تحت ضغط الاحتقان الداخلي المتوجه نحو الانفجار السياسي والاجتماعي، وتلاحقِ الصدمات الدبلوماسية بالخارج، جرّاء تتابع الفضائح وسوء إدارته للعلاقات الدولية، لذلك يحاول النظام المغربي عبثا التخلّص من خيباته العميقة، عبر دفع الإقليم إلى الحرب من أجل تصدير أزماته المتشابكة والتغطية على فشله الذريع أمام شعب المملكة.

لقد تلقّى المغرب مؤخرا صفعات قوية، بتصويت البرلمان الأوروبي، لأول مرة منذ ربع قرن، على لائحة إدانة ضده، تضمنت 7 مسائل، تتعلق بالتضييق على حقوق الإنسان والتجسس باستعمال “بيغاسوس”، والإفراج الفوري عن ناشط الريف ناصر الزفزافي، وقضية الرشاوى لفائدة أعضاء الهيئة الأوروبية.

وضمن التداعيات ذاتها، قررت قيادة البرلمان الأوروبي إلغاء البعثات المقبلة المقرَّرة إلى المغرب بسبب ما بات يُعرف بـ”ماروك غايت”، مع إحالة طلب منع البعثة الدبلوماسية المغربية من دخول قبة البرلمان الأوروبي على اللجنة القارية الخاصة المكلفة بالتدخلات الأجنبية في المسار الديمقراطي للاتحاد.

يحدث ذلك في وقت يواجه فيه النظام احتجاجات شعبية متواصلة ضد الخيانة والتطبيع والفقر، خاصة بعد رفض الكيان الصهيوني الاعتراف بسيادة المغرب على الأراضي الصحراوية وتراجع إدارة بايدن عن تغريدة ترامب الخادعة، وفُقدان الظهير الفرنسي في الكواليس الأوروبية والأمميّة.

وتتزامن الصدمة الخارجية مع أزمة حادة للاقتصاد المغربي، إذ وصلت الديون الأجنبية 70 مليار دولار، ما جعله رهينة خدمة الديون الخارجية واشتراطات المؤسسات المالية الدولية، كما سجّل إفلاس 12 ألف شركة خلال 2022، على خلفية التهاب أسعار المواد الأولية وارتفاع التضخم إلى مستويات قياسية، وفق تقرير مكتب “أنفوريسك” المتخصص في تتبع وضعية المقاولات بالمغرب.

هذا الوضع الخطير دفع البنك الدولي في آخر تحديث له حول الأمن الغذائي إلى تصنيف المغرب على قائمة “بلدان المنطقة الحمراء”، الأمر الذي يفسر موجة السخط في البلاد بسبب تردي الأوضاع المعيشية.

ولا شكّ أن ترهّل القصر وتضارب مراكز القرار فيه وسيطرة اللوبيّات المخزنيّة وسطوة النفوذ الصهيوني، في ظل غياب الملك الذي تنخره أمراضٌ بدنيّة وأخلاقيّة تفرض عليه العزلة بباريس، قد فاقم أزمة الحكم في المغرب، لتضع البلد كله على حافة الانهيار.

ولسوء حظ النظام العلوي أنّ تهاويه يأتي في وقت تتصاعد فيه قوة غريمه الشرقي بشكل متسارع على كافة المستويات، مستفيدا من وثبة التجديد الوطني وأزمة الطاقة الدوليّة، الأمر الذي أثار جنون المخزن وأفقده أعصابه في التعامل التنافسي مع انفراد الجزائر بالريادة الإقليمية والإفريقية، ليختار منطق “عليّ وعلى أعدائي”!

لقد حاول المغرب بكل الطرق العدوانية والتضليلية كبح التقارب الاستراتيجي بين الجزائر وموريتانيا، من خلال العمليات العسكرية الجبانة ضد حركة التجارة النشطة بين البلدين، وضخّ الأخبار الكاذبة لتقويض وتيرة التعاون، عن طريق شبكات إعلامية مأجورة، يتم تجنيدها داخل نواكشوط نفسها، بوسائل التأشيرات والسفر الترفيهي والفساد والمال، لوضع العصا في عجلة الديناميكيّة الثنائية المتنامية.

من الطبيعي أن يغتاظ المخزن الاحتلالي التوسعي الحاقد من مستوى التقارب الجزائري الموريتاني، وقد نجح الجاران الصديقان في التوقيع على 26 اتفاقية خلال آخر دورة للجنة المشتركة الكبرى، متبوعة بـ7 اتفاقيات أخرى بين المؤسسات على هامش معرض نواكشوط الأخير، بينما بلغت المبادلات التجارية بينهما 180 مليون دولار خلال العشرة أشهر الأولى من 2022، قبل استلام المعبر الحدودي، الشهيد مصطفى بن بولعيد أواخر شهر فبراير المقبل، وتجسيد طريق تيندوف – زويرات، بوابة الجزائر نحو غرب إفريقيا.

كل هذه المعطيات تدفع المخزن التائه إلى محاولات جرّ المنطقة إلى الحرب، لكنّ الجزائر وموريتانيا لا تزالان تتحليّان حتى الآن بضبط النفس والوعي والذكاء القيادي، وحان الوقت لتوريطه عبر الملاحقات القضائية الدولية والقاريّة، بصفته نظاما مارقًا على كل القوانين، ويشكّل خطرا على الاستقرار الإقليمي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!