الرأي

المخزن.. يداك أوكتا وفوك نفخ

حسين لقرع
  • 8914
  • 3

يمكن القولُ إنّ العلاقات بين الجزائر والمغرب قد قُطعت عمليا يوم أقدم المخزن على التطبيع مع الاحتلال الصهيوني في ديسمبر 2020، مقابل تغريدةٍ يتيمة من الرئيس الأمريكي المهزوم دونالد ترامب يعترف فيها بـ”سيادته” المزعومة على الصحراء الغربية؛ فتلك الخطوة المغربية الخطيرة لم تضرّ فقط بالقضية الفلسطينية التي تلقّت طعنة جديدة غادرة من “شقيق” عربي آخر، بل أضرّت بالجزائر أيضا بعد أن تحوّل التطبيعُ المجاني سريعا إلى تحالفٍ وتعاون وثيق مع الاحتلال في الميدان العسكري والأمني الاستخباراتي الموجّه أساسا ضدّ الجزائر.

لقد تطوّرت العلاقات بين الحليفين بأسرع مما كان متوقّعا، حتى أنّ المغرب قام بدور فاعل في حصول الكيان الصهيوني على صفة “مراقب” في الاتحاد الإفريقي، واستضاف وزيرَ الخارجية الصهيوني الذي وجّه انتقادا للجزائر على علاقتها بإيران ومساعيها لطرده من المنظمة الإفريقية ونجاحها في استمالة 14 دولة إلى جانبها إلى حدّ الساعة، وكلّ ذلك ما كان ليحصل في بلدٍ عربي جار لو لم يلقَ من قادته كل الترحيب والتشجيع.

وما دام المخزنُ قد طبّع علاقاته مع “دولة” الاحتلال بهذا الشكل الحميمي وتحالف معها ضدّ الجزائر، وفتح أبوابه للموساد للتجسّس عليها، فقد كان قرار قطع العلاقات الديبلوماسية معه مسألة وقت فحسب، وسرّعت الأحداث في اتخاذه، ومنها دعم “الماك” وقيام السفير المغربي بالأمم المتحدة بتوزيع تقرير على دول عدم الانحياز يدعم فيه ما سماه “حق الشعب القبائلي الشجاع في تقرير المصير”، ويصف الفتوحات الإسلامية للمنطقة بأنها “أطول احتلال” في التاريخ، وقد قلنا حينها إن المخزن يلعب بالنار لأنّ الفتوحات شملت شمال إفريقيا برمّتها ولا يمكن أن توصف بـ”الاحتلال” في الجزائر وبـ”الفتوحات” في المغرب، فهي إما أن تكون فتوحاتٍ في البلدين –وهي كذلك فعلا- أو “احتلالا” في البلدين أيضا، وسيحترق المخزنُ حتما بالنار التي يشعلها بتهوُّره ورعونته.

لذلك، إذا كان المخزن يريد عودة العلاقات بين البلدين مستقبلا ويعدّها “قدرا محتوما” كما يقول، فما عليه إلا أن يراجع بعمق سياسته العدائية تجاه الجزائر، ويتوقّف عن الكيد لها والتآمر مع الاحتلال الصهيوني ضدّها، ولا نعتقد أنّه فاعلٌ ذلك غدا؛ فالعلاقات مع الاحتلال دخلت مرحلة الحميمية، وأبواق المخزن تتذرّع بأنّ هذه العلاقة تحمل الخير العميم للمغرب في شتى القطاعات، وخاصة التصنيع العسكري، كما أنّ المخزن قرّر الآن كسب قضية الصحراء الغربية بأيّ وسيلة وجعلها مسألة حياة أو موت، وهو يستعين بالكيان الصهيوني لحشد الدعم الدولي لفرض حلّه القائم على الحكم الذاتي الموسَّع بدل استفتاء تقرير المصير، فكيف يمكن أن تعود العلاقات في هذه الأجواء؟ وما فائدتها أصلا إذا كان المخزن قد مكَّن العدوَّ الصهيوني من موطئ قدم له في بلاده للتآمر على أمن جاره، فضلا عن دعم منظمةٍ انفصالية تخريبية؟

كنّا نتمنّى لو لم تصل الأمور إلى حدّ الاضطرار إلى القطيعة، فالبَلَدان جاران ويشتركان في الدين واللغتين العربية والأمازيغية والتاريخ والعادات والقيم وحتى نمط التفكير حتى إنّ هناك من عدّ الشعبين شعبا واحدا يعيش في بلدين، لكنّ المشكلة أنّ المغرب اختار العلاقاتِ مع بني صهيون للاستقواء بهم على الجزائر والتآمر معهم على أمنها، كما اختار دعم “الماك” لتقسيمها، وقرّر التصعيد ضدّها في الآونة الأخيرة، وعليه أن يتحمّل مسؤولية أفعاله.

مقالات ذات صلة