-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تلاميذ في مختلف المستويات ينتسبون إليها

المدارس القرآنية… الطريق إلى النبوغ

نادية سليماني / ل. كركاش
  • 5091
  • 0
المدارس القرآنية… الطريق إلى النبوغ
أرشيف

الكل في عطلة، والبعض يقدم أدنى الخدمات، ماعدا بيوت الله، التي تبقى مفتوحة طيلة أيام العطلة الصيفية، بل هي تضاعف جهودها صيفا، لاستضافة حفظة القران والذكر الحكيم، من مختلف الأعمار. كما أنها عوضت الجمعيات والمؤسسات في التكفل بخرجات ترفيه للأطفال. وحقيقة تبقى بيوت الله مكانا يلجأ اليه الأفراد، سواء للتعلم والحفظ والنصح والترفيه الشرعي، وراحة المسافر وحتى لقضاء قيلولة.. فالمسجد هو مؤسسة اجتماعية، فيها الخطبة والإصلاح والتعارف.
تشهد المساجد والمدارس القرآنية عبر ربوع الوطن، نشاطا مكثفا خلال العطلة الصيفية، قد يفوق ما تقوم به في باقي أشهر السنة. وهو جهد يحسب للقائمين على بيوت الرحمان. فغالبية القائمين على المساجد صيفا متطوعون، يحاولون كسب أجر، من خلال تعليم الأفراد ومن مختلف الأعمار، حفظ القران الكريم بأحكامه. بحيث سمعنا عن أطفال ختموا القران خلال عطلتهم الصيفية، وهو أمر يبشر بخير.
“الشروق”، رصدت نشاطات بعض المدارس القرآنية والمساجد خلال هذه الصائفة، التي ضاعفت جهودها رغم موجة الحر غير المسبوقة. فأن ترى أطفالا صغارا، يقاومون حر شمس محرقة، في عز الظهيرة متوجهين إلى مدرسة قرآنية لحفظ القران، فيستحقون تحية كبيرة.

120 حافظ قرآن بمسجد عثمان بن عفان بخميس مليانة
“أحمد ليسير”، القاطن بمدينة خميس مليانة أستاذ مستخلف في التعليم القرآني، متخرج بشهادة ليسانس رياضيات منذ العام 2015، متزوج ووالد لأطفال..المعني متفرغ خلال الصائفة وتطوعا، لتحفيظ القران الكريم لمختلف الفئات، بمسجد عثمان بن عفان بخميس مليانة.
ورحلته مع تحفيظ القرآن، بدأت بحصوله على شهادة حفظ القرآن، ولأن الحصول على وظيفة دائمة، بات أمرا صعبا، استغل محدثنا وقته للعمل متطوعا في المسجد، برخصة من مديرية الشؤون الدينية بولاية عين الدفلى.
أكد أحمد، بأن مسجد عثمان بن عفان، استقبل خلال الصائفة قرابة 120 طالب، من مختلف الأعمار، لأطفال متمدرسين بالطور الإبتدائي والذين يحسنون القراءة وطلبة جامعيون جامعيون. والذين يقصدون المسجد بين فترتي المغرب والعشاء، لحفظ القران. وكشف أن 6 طلبة، ختموا المصحف الشريف.
والطريف في الموضوع، حسبه، أن بعض العائلات ترسل أبناءها للمساجد لتمضية الوقت، فيأتون يوما ويغيبون 10 أيام. أما آخرون فمجتهدون، لدرجة أن 6 منهم ختموا المصحف الشريف.

طلبة يختمون المصحف في العطلة الصيفية
ولأن مسجد عثمان بن عفان، لا يملك إماما دائما، فيجد محدثنا صعوبات لاصطحاب حفظة القران، في رحلات ترفيه. مؤكدا، أنه يحاول أحيانا الترفيه عن طلبته باصطحابهم إلى البحر، من إمكانياتهم الخاصة.
كما اشتكى من تجاهل السلطات المحلية لتكريم حفظة القرآن، وقال: “نحن معلمو القران أصبحنا نخجل، عندما نكرم حفظة القران بمصحف أو قميص، وكان الأجدر تكريمهم بمبالغ مالية لتحفيزهم وغيرهم.. وحتى الكلمة الطيبة غائبة “.
كما تأسف لاستغلال بعض الجمعيات، لحفظة القران، وبحسبه، “بعض الجمعيات تتذكر حفظة القران في المناسبات الدينية فقط، أين تلتقط معهم صورا، للظهور أمام السلطات المحلية بمظهر الجمعيات النشيطة، ثم ينسونهم باقي أيام السنة “.

60 فتاة يحفظن القرآن بزاوية محمد عبد اللطيف بن القايد
حورية بوزراري، معلمة لحفظ القران بزاوية محمد عبد اللطيف بن القايد، المتواجدة بحي السلام بمدينة خميس مليانة، وذلك منذ العام 2005. هي حاصلة على شهادة ليسانس في علم النفس، لم تشتغل أبدا في مجال تخصصها، إذ فضلت التفرع لتحفيظ القران، بعدما التحقت بمنصب مرشدة دينية.
وتستقبل الزاوية في الأيام العادية، الأطفال في سن قبل التمدرس، لتعليمهم. بينما يتفرغون خلال العطلة الصيفية، لاستقبال حفظة القران من الأطفال والشباب.
وقالت محدثتنا: “بمجرد انتهاء الامتحانات المدرسية النهائية، نبدأ في تسجيل الراغبين في حفظ القران الكريم، لمدة 3 أشهر، أي حتى الدخول الاجتماعي “. واستقبلت الزاوية خلال هذه العطلة، 60 فتاة من مختلف الأعمار لحفظ القران بأحكام التجويد، ناهيك عن الذكور.
وتؤكد حورية أن الإقبال على تسجيل الأطفال في المدارس القرآنية والمساجد، من قبل العائلات، في تزايد سنة بعد أخرى، وكما أن غالبية النوابغ في المدارس هم من مرتادي المساجد والزوايا والمدارس القرآنية.

قسول: حاجة الناس إلى المساجد تزداد في فصل الصيف
اعتبر إمام مسجد القدس بحيدرة، جلول قسول، بأن دور المساجد في العطلة الصيفية مهم جدا، فهي تشجع الأولاد لتتعلق قلوبهم بها، ضمانًا لحسن تنشئتهم وتربيتهم على طاعة الله، والبعد عن معصيته، وتوجيههم إلى أن يراقبوا الله في أقوالهم وأفعالهم. ومؤكدا، أن المساجد والمدارس القرآنية، هي المؤسسات الوحيدة التي تقدم خدمات جليلة لجميع الناس، وطوال أيام السنة.
وقال، بأن دور المسجد في بلادنا، صاحب كل المراحل التي مر بها المجتمع، ” بل كان صانعها وموجهها..فحافظ على وحدة الأمة في عهد الاستعمار، ودافع وحرر المجتمع من الاستدمار، وكل مرة قد يهتز المجتمع، فيفر الجميع إلى المساجد، كما هو الحال كلما اشتد الحر صيفا. فالمجتمع وجد في المساجد الملاذ الآمن “.
ليخلص إلى أن دور المسجد عظيم، فهو مؤسسة اجتماعية ومجالس للذكر، ومحراب للعبادة، ومنارات لتعليم العلم ومعرفة وقواعد الشرع، بل هي أول المؤسسات التي انطلق منها شعاع العلم والمعرفة في الإسلام.

تشجيع أولادنا على التعلق بالمساجد.. واجب
وذكر قسول، أنه زار مؤخرا ولاية الشلف، التي تعيش هذه الأيام موجة حرارة غير مسبوقة، فوجد في المسجد ملاذا من حر الخارج الشديد. وهو ما جعله يشدد على تقديس المسجد واحترامه، خاصة وأن لهذه المؤسسة مكانة خاصة في نفوس الجزائريين.
وقال “العناية بالمساجد عمارة، وتشييدًا، وبناءً، وصلاة، وذكرًا لله عز وجل في نفوس الجزائريين، دليل على الإيمان، وسبيلاً إلى الهداية “. يقول الله تعالى: ﴿ إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ﴾ التوبة: 18. ليذكر محدثنا، بقصة هجرة رسول الله صلى لله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، وشروعه في وضع الأسس الراسخة، لإقامة الدولة الإسلامية العظيمة، اذ كان بناء المسجد في مقدمة تلك الأسس “.
وبهذا أصبح المسجد، محور حياة المجتمع الجزائري، وسر قوته، وملاذ امن شتاءا وصيفا ” حسب محدثنا.
وأضاف، بأنه إذا أوصدت المؤسسات أبوابها صيفا، فإن روح المسجد ورسالته التربوية والأخلاقية والتوجيهية، تبقى تسري في المجتمع، توجيهًا وتعليمًا ومناهج وسلوكًا، لأن الإسلام لا يعرف الانقطاع، وأن حاجة الناس تزداد للمساجد في فصل الصيف.
وحسبه قوله، فقد ثبت أن الرجال الذين تمت صناعتهم في المسجد، كانوا دائمًا على مستوى المسؤولية، صدقًا في الكلام والفعل، ونظافة في اليد، وطهارةً في القلب، ونقاءً في السريرة، ووفاءً بالعهد، وشجاعة في الحق. ولهذا منحهم الله نصره وتأييده. لأنهم جنوده، وهم الذين أشار إليهم قول الله تعالى: ﴿ من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلًا ﴾ الأحزاب: 23.

للمسجد رسالة روحية وتعليمية واجتماعية
وأكد إمام مسجد القدس، بأن المسجد كان – ولا يزال – أفضل مكانٍ للتشاور بين المسلمين، في كل شأن من شؤون دينهم ومعيشتهم. لأن المسلم في المسجد يكون بعيدًا عن هوى النفس ونزغات الشيطان.
ولكي يعود للمسجد دوره الريادي في نهضة الأمة وتقدمها، واستعادة مجدها، فإنه ينبغي أن يمكن للمسجد كي يؤدي رسالته الروحية والتعليمية والاجتماعية، دون قيود. وحتى يعود كما كان، محورًا للعديد من المجالات النافعة للأمة. ولأن المساجد بيوت الله، يقصدها الصالحون من عباد الله للعبادة، وللتزود بكل نافعٍ من الثقافة والعلم والمعرفة، فالأمة في حاجة ماسة إلى هذه النوعية، الممتازة من الرجال الأطهار، الذين تربوا في بيوت الله.
ولذلك علينا، تشجيع أهل الخير على الاهتمام بالمساجد والعناية بها، وتشجيع أولادنا على تعلق قلوبهم بها منذ الصغر، ضمانًا لحسن تنشئتهم وتربيتهم على طاعة الله، والبعد عن معصيته، وتوجيههم إلى أن يراقبوا الله في أقوالهم وأفعالهم.

تكافئ متفوقيها برحلات ترفيهية
أزيد من 230 طالب بمدرسة أسامة بن زيد القرآنية

لا تستهوي الشواطئ ونسمات البحر، بعض الأطفال على غرار أقرانهم، إذ يحولون اهتمامهم نحو المدارس القرآنية. فمع نهاية كل موسم دراسي، وبمجرد فتح التسجيل بالمساجد، يقبل عليها حفظة القرآن الكريم، والباحثين عن التفقه في علوم الدين.
تشهد المدارس القرآنية والمساجد ومقرات الجمعيات المشرفة على تحفيظ القرآن، توافدا كبيرا للأطفال، مع بداية كل عطلة صيفية. أين تحرص من خلالها العائلات على تسجيل أبنائها للالتحاق بهذه المدارس، بغرض تعلم وحفظ ما تيسر من القرآن الكريم.
“الشروق ” زارت المدرسة القرآنية، أسامة بن زيد الكائنة مقرها ببلدية براقي بالعاصمة، للتعرف على نشاطاتها الصيفية عن قرب، خاصة وأن المدرسة معروفة بكثرة الإقبال عليها. وحسبما أخبرنا مسؤول الإدارة بالمدرسة القرآنية، خالد شوية، وهو أحد المتطوعين الذي يعمل كأستاذ لغة عربية في الطور الابتدائي، ومتخرج من المدرسة العليا دفعة 2018.
فالمدرسة القرآنية أسامة بن زيد، هي واحدة من أقدم المدارس القرآنية، التي تم إنشاؤها قبل 50 سنة تقريبا، وهي تقوم بتحفيظ القرآن الكريم لطلابها، الذين وصل عددهم إلى 230 طالب.

فيديوهات تحفيزية.. وحفظ يمتد لصلاة العشاء
وأشار أن المدرسة القرآنية خاصة بالذكور فقط، من عمر 10سنوات فما فوق، وهي تضم أقسام عدة. منها مجالس الرضوان بالمسجد، هي عبارة عن مجموعة من الحصص لتحفيظ القرآن الكريم، مواد شرعية، أحاديث، تلقين دروس المتن في اللغة العربية.
بالإضافة إلى عرض المدرسة فيديوهات تحفيزية، ومنها مقتطفات لحفظة القرآن الكريم لحصة مزامير داوود، التي انفردت بعرضها قناة ” الشروق”، وذلك لتحفيز الطلاب على الحفظ، وقال محدثنا، بأن هذا البرنامج يتم تلقينه على فترتين الصباحية والمسائية، من الساعة الثامنة صباحا إلى غاية منتصف النهار، ومن الساعة السادسة مساء حتى صلاة العشاء.
وكشف شوية أن المدرسة القرآنية أسامة بن زيد، تكافئ طلابها المتفوقين في مجالس الرضوان، بمجموعة من الرحلات الترفيهية.
كما توفر المدرسة لطلابها، مخيمات تدوم بين 10 إلى 15 يوما، وتضم برامج ترفيهية وتثقيفية منوعة، وقال محدثنا ” نعلم الأطفال في مخيماتنا، المحافظة على تأدية الصلوات في وقتها، مع غرس روح التعاون والانتماء في نفوسهم “.

مسابقات فكرية ورحلات استكشافية للحفظة الصغار
ويتعلم المنخرطون في المخيم الصيفي للمدرسة القرآنية، أسامة بن زيد، العديد من النشاطات الترفيهية ومنها نشاط “الكرماس”، وهو عبارة عن مجموعة من الألعاب موجهة للصغار، إضافة إلى رياضات متنوعة، مسابقات فكرية، ورحلات استكشافية، مع الحرص على نظافة الأماكن التي يقصدونها.
وأكد محدثنا أنه سيتم تغيير مكان المدرسة القرآنية أسامة بن زيد، ليتم فصلها عن المسجد، بعد الانتهاء من أشغال البناء، الممولة من طرف المحسنين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!