-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المدرسة تغرق.. فأين الحكومة وأين الدولة؟!

عبد القادر فضيل
  • 3775
  • 10
المدرسة تغرق.. فأين الحكومة وأين الدولة؟!

سؤالٌ أطرحه على كبار المسؤولين في الدولة وفي الحكومة باسم أولياء التلاميذ وباسم المواطنين الذين تهمُّهم أمور البلاد، وتقلقهم أوضاع التعليم، التي أخذت تفقد استقرارها بسبب تكرار حالات الإضراب المفتوح، والتوقف الطويل عن تقديم الدروس، التوقف الذي جعل التلاميذ قلقين على مصيرهم، وجعل أولياءَهم أكثر قلقا وحيرة على أبنائهم، وعلى الأوضاع التي تهدد سير التعليم ومستقبلَ الأجيال.

إننا نسأل وننتظر من كل الفاعلين في الدولة وفي الحكومة أن يبادروا بمعالجة الأوضاع التي تفاقم أمرها وأصبحت تهدد مستقبل الأجيال، إننا ننتظر أن يتحرك الجميع ويبادروا بالحلول لأن الموضوع يهم الجميع، وعدم معالجته يهدد استقرار البلاد وسلامة شعبها لأنه وضعٌ قد يقود البلاد إلى أزمة، وما نخشاه هو أن يستمر الوضع بالصفة التي هو عليها وتتسع الفوضى التي أصبحت تطال أهمّ جانب في قطاع التعليم، بل هو الجانب الأساسي، وإبقاء الاضطرابات التي يعيشها في هذه الأيام يشل نشاط القطاع ويخلخل النظام التي يتبعه القائمون على تسيير المدرسة، بسبب التعنت في المواقف التي تقفها كل جهة (النقابة والوزارة).

لم نستخلص مما سمعناه مطالبَ واضحة لا تحتاج إلى تفصيل دقيق وشرح واف، لم نجد فيه مطالب تفرض المواقف المتشددة التي لا تقبل المهادنة، فعدم تنفيذ ما ورد في المحاضر التي تم الإمضاء عليها في مارس 2015، لا نتبيّن فيها بوضوح ما هي المطالب الذي قُدِّمت آنذاك؟ 

إن الدافع إلى هذه الأسئلة التي أطرحها على المسؤولين هو ما نتج عن التوقف الطويل عن تقديم الدروس التي ينتظرها التلاميذ كل يوم، لأنهم لا يقبلون أن يكون النزاع المتصلب سببا في ضياع مستقبلهم وحرمانهم من حقهم في تلقي الدروس الذي رسمه الدستور وجعل توفيره واجبا من واجبات الدولة، لذا دعونا المسؤولين أن تكون مواقفهم في خدمة الأجيال ومحاربة هذه الاضطرابات التي سببها التعنت والتصلب في المواقف، والتهم المتبادلة بين الطرفين وانقطاع الحوار.

إن السكوت عن هذه الاضطرابات التي تجاوز أمرها أكثر من شهر، زاد المشكلة تعقيدا، وعمّق الشعور بالحيرة وخيبة الأمل في نفوس المتعلمين، والقلق في تفكير أوليائهم، مما جعل الجميع يتساءل: أين هي الدولة المسؤولة عن تسيير أمور البلاد والراعية لشؤون الأجيال؟ وأين الحكومة التي لها ضلعٌ في تحمُّل جانبٍ من هذا الاضطراب، لأنها رأت نتائجه الأولى وتركته على حاله من غير أن تتدخل لإيقافه، وتقاعست عن التكفل بمتابعة الموضوع، ولأن من أهم مهامها متابعة ما يحدث في البلاد ومعالجة ما يترتب عنه والتدخل لمعرفة أسباب هذا الوضع وحقيقة الدافع الذي جعل كل طرف متمسكا بموقفه، من غير أن يراعوا الضحية في هذا الموقف الذي قد تتولد عنه أزمة حادة يستعصى حلها.

إن هذا الوضع إذا لم يُعالَج بسرعة يصبح سببا في ضياع سنة تعليمية بكاملها، يُدخل المتعلمين في حالة نفسية تجعلهم غير راغبين في التعلم، وغير راغبين في البقاء في هذا البلد الذي حرمهم من حقهم في التعلم، وهذا يجعلهم يفكرون في مغادرة البلد والبحث عن الأوضاع المستقرة في بلد آخر يمكِّنهم من نيل المعرفة وصناعة المستقبل.

ولهذا نقول إن سبب هذا الوضع الذي يتكرر من حين لآخر وفي كل سنة تقريبا سببه غياب اهتمام الدولة بضبط ظروف سير النظام التربوي، وتطبيق الإجراءات التنظيمية التي تجعل المسؤولين يوازون بين قناعتهم وبين توجّهات الأمة، ولو تدخلت الحكومة وتتبّعت الموضوع وبحثت جوانب المشكلة قبل أن تتفاقم لاهتدت إلى معرفة سبب الإشكال، ووصلت إلى أسلوب الحل الذي يجب أن يُتخّذ، فلو فعلت ذلك لما طال الاضطراب ولما أحسّ التلاميذ بأنهم أصبحوا رهينة في يد المتنازعين.

كان بالإمكان أن يكلف الوزير الأول خلية تبحث في الموضوع مع الطرفين وتحدد جوانب علاجه، بعد معرفة الأسباب، كان بالإمكان بعد ذلك أن تضع الحكومة كل جهة أمام مسؤوليتها، فلو فعلت ذلك لعرفت الجهة المقصِّرة والظالمة أو المتصلبة في مواقفها، لأن من واجبات الحكومة اتخاذ الموقف الحازم، وإنصاف التلاميذ الذين لا ذنب لهم في هذا الذي حدث، كان المطلوب من المسؤول الأول في الحكومة أن يتصل بالطرفين ويحاورهم، ويبحث معهم أساس المشكلة بالمنطق والعقل والقانون والرأي السياسي المتَّزن ولا يترك الأمر يتفاقم، كان المفترض أن لا يستمر الإضراب أكثر من أسبوع على أكثر تقدير. إن مثل هذا الحوار يدفع الجهتين إلى استخدام العقل والروح الوطنية من جهة أخرى، فلو انتهج المسؤولون هذا الأسلوب لما طال الإضراب أكثر من شهر. 

ويجب هنا أن نعلق على ما قاله الوزير الأول وهو يتكلم عن الإضراب، فقد سمعناه يلوم الأساتذة المضربين ويشهّر بهم، وبأسلوب عملهم، لأنه يجعلهم “أنانيين مصلحيين لا يخدمون البلاد”، وهو يقول إنهم “رفضوا الالتحاق بالمدرسة العمومية ولكنهم استمروا في إجراء الدروس الخصوصية في المستودعات، لأنها تدرّ عليهم نفعا ماليا”، ومثل هذا الكلام يدفع الأساتذة إلى الاستمرار في الإضراب، وعدم الاستماع إلى المحاورين، فلو استخدم الوزير الأول منهجا حكيما لساهم في حلّ المشكل، فلو قال: إننا نقدِّر جهودكم ونحسُّ بما أنتم عليه، وقد وصلتنا أخبار احتجاجاتكم وسنبحث فيها، ونحن لا نعاتبكم على ذلك، وإنما نطلب منكم أن تتريثوا في اتخاذ الموقف المتشدد الذي يحرم التلميذ من حقه في التمدرس، نرجو أن تثقوا في الحكومة وأن لا تضحوا بمصير أبناء الوطن الذي أنتم بُناته وحماته. وهذا العتاب لا نوجهه فقط إلى الوزير الأول، بل هو موجه إلى كل من يستطيع الإسهام في دفع الطرفين إلى تجاوز النزاع.

وحتى النقابة يجب أن تكون دراستها للموضوع دراسة قائمة على العقل والحكمة، بحيث تجنِّب الأجيال ما يضر بمستقبلهم، لأن ما سمعناه في تحليل المطالب التي هي سبب الإضراب لم نستطع أن نجد فيه ما يدعو إلى التصّلب في الموقف، لم نستخلص مما سمعناه مطالبَ واضحة لا تحتاج إلى تفصيل دقيق وشرح واف، لم نجد فيه مطالب تفرض المواقف المتشددة التي لا تقبل المهادنة، فعدم تنفيذ ما ورد في المحاضر التي تم الإمضاء عليها في مارس 2015، لا نتبيّن فيها بوضوح ما هي المطالب الذي قُدِّمت آنذاك؟ ولم نتبيّن رأي الوزارة في الموضوع، وحتى لو كانت الوزارة ترفض الاستجابة لما ورد في المحضر، كان من اللائق أن لا تتسرع النقابة في الدعوة إلى الإضراب المفتوح، فالإضراب المفتوح له عيوب عديدة، من أهم ما يسعى إليه أن يُحدث شللا في سير الأمور وتوقيف الحياة المدرسية في أهم جوانبها، وهذا له عواقب وخيمة بالنسبة إلى التلاميذ وإلى وضع البلاد.

الموقف المتصلب ظاهرٌ في سلوك الجهتين معا، والذي أضاف على هذا الموقف ما يزيده تعقيدا هو سكوتُ الحكومة وعدم مسايرتها لما أصدره القضاء في شأن الإضراب، فعدم الشرعية التي وردت في الحكم تعني موقفا من قِبل الدولة، ولكن الدولة لم تتابع الموضوع ولم تحلله، ولم تحاور الطرفين بشأنه.

ونوجِّه العتاب كذلك إلى من شاركوا في النقاش الإعلامي مفتوح، لأنهم لم يحللوا الموضوع تحليلا يقبله الناس ويفهمون دلالاته، باستثناء القليل ممن حلل الموضوع وأعطى اقتراحا بشأنه إلى المسؤولين في الدولة، بحيث دعاهم إلى مراجعة فكرة “الحق في الإضراب” الذي يجب – برأيه- أن لا يكون عاما في جميع المجالات، لأن هناك مجالات حساسة يجب أن تُستثنى من العموم، ومجال التعليم واحد من هذه المجالات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • زهير

    هل تعلم أن التعليم الاساسي جاء بعد دراسات عميقة في المناهج التربوية و فصل على حسب الهوية الوطنية بكل مقوماتها، أما عن كاتب المقال فهو قامة في ميدان التعليم و التربية. و لا يجوز للعوام مخاطبة العلماء بهذا الاسلوب.

  • بدون اسم

    كن نزيها و اعترف لو كنت ابن مسؤول هل كنت تعلق في هذا المنبر .لوكنت ابن مسؤول هل تدرس في الجزائر بركاون من النفاق .والله لو كنت ابن مسؤول لا فعلت اكثر منهم ..الانسان لايملا فمه الا التراب انت او اخر.

  • احمد

    الدولة والحكومة والوصاية اذا ارادت ان تفرض نفسها فلا بد لها من توفير العزة و الكرامة لكل المواطنين ثم تطالبهم باواجبات و من يزغ بعاقب ,عمر بن الخطابْ رضي الله عنه عطّل حد السرقة في عام المجاعة,لا بد من اقامة الحجّة ثم فرض القانون,

  • جزائري حر

    المدرسة ليست تاع الحكومة برك. المدرسة لكل الجزائريين. ولكن هناك الكثير من الجزائريين يحبون التظاهر بمظهر الحكيم الدي يقول حكما وإدا بحثنا في الميدان فلن تجد لهم اثرا مدكورااااااااااا.

  • حليم

    غياب الدولة و نقص وعي الشعب من اهم الاسباب وراء خلق المشاكل سواء في القطاع التربوي او قطاعات اخرى .

  • أحمد

    يا سيدي نحن في السئ و نخاف الاسوا هذه الاحتجاجات لن تكون عنصر ضغط على الحكومة وان ارتايت تشكيل خلية للمتابعة من الوزير الاول لانه لا يريد انهاء الازمة ولكن هناك حسابات يجري ترتيبها الا تتابع بانه راى تخلاط على الرئسيات في الغيب قبل الالتفات الى هذا الشعب الذي يحسن النتظار ساعة الياس وان اختلافنا لا يخلو من التعصب ونهمل الالتزام بالقانون و الدستور لضمان قوة الدولة ونترك خطاب كراهية فاجر كل يوم نهان من ينعل ابو من لا يحبنا الى القراصنة الى الكذابين وتحمل الحكومة خطابات المتامرين لافشال الدولة

  • الناقد

    لو كان أولاد (المسعولين) يدرسون في الجزائر (كبقية الشعب)، لحل المشكل بين عشية و ضحاها، لكن الأمر لا يعنيهم أصلاً فأبناءهم يدرسون في فرنسا و إنجلترا و حتى الو.م.أ
    و النتيجة مطّفرة غير فالزوالي كيما العادة و في كل المجالات !!!

  • صرخة ولي تلميذ مقبل على شها

    الصمت ليس بحكمة بل وسيلة الجبناء للاختباء في ثياب الحكماء علينا التصرف بحزم ومعرفة ما الواجب فعله واذا عرفنا ما علينا فعله اصبحت المشكلة سهلة وليست مستعصية والعمل الجماعي امر ذو اهمية كبيرة في هذا السياق قد
    تحظى المشكلات البسيطة بحلول فردية من جانب الوزيرة ولكن حيث المشكلات المستعصية تحدد جزئيا بغياب الحل و الجماعة هي وحدها ما يمكن ان يعطي الامل في حلها والقيادة كما نعرفها ليست علما بل فن اي فن اشراك المجتمع في مواجهة المشكلات الجماعية المعقدة لذلك أصرخ في وجه العالم وقل له تبا لك جئت لاتعلم

  • elhadi

    انت الاول الدي تسبب في اغراقها بمدرسةك الفوضى منطال.

  • بدون اسم

    وهل المراقص والمتاجر الكبيرة والاسواق حكومات ومؤسسات سيادية يا سي عبدالقادر....الواقعية هي التي تتحدث وتشهد أن ماتسمية(الحكومة اوالدولة عموما.أوماتسميه المسؤولين )ماهم الا متاجر وحوانيت ومحلات تعرض السلع ويتولاها هؤلاءالكائنات ...هذا هو الواقع.....الدولة أوالحكومة هناك عند الادميين في اوروبا وماجاورها وليس ما تحتها لأن تحتها المليشيات والشكاير الذين حولوا الجزائر الى مضحكة ومسخرة ومزبلة وقريبا جدا الى مراحيض لقضاء الحاجات البيولوجية أكرمكم الله