-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المذبحة وحمّالات الحطب

حسين لقرع
  • 4320
  • 15
المذبحة وحمّالات الحطب

يحق لكل أحرار العالم أن يبكوا بدل الدموع دماً، وهم يرون الجيش المصري يطلق النار على المدنيين العزّل وهم بين يدي ربهم في صلاة الفجر، يصلون آمنين خاشعين، لاعتقادهم أن هذا الجيش، إن لم يحمِهم كما فعل مع الغوغاء والفلول في ميدان التحرير، فهو لن يجرؤ على الأقل، على إطلاق الرصاص الحي عليهم، غيلة وغدراً وكأنه يقاتل عدوا خارجيا غزا أرض الكنانة.

   إنها مذبحة مروِّعة وجريمة ضد الإنسانية؛ فوظيفة الجيش هي حماية المواطنين من أي عدو خارجي وحفظ الوطن والدفاع عن سيادته وسلامته الترابية، وليس تصويب سلاحه إلى صدور الشعب وإطلاق النار على المتظاهرين العزّل دون تفريق بين امرأة وشيخ وصبي رضيع.

    بأي منطق يرشق الجيشُ المصري فلولَ ميدان التحرير والعلمانيين بالأعلام من الطائرات، تعبيراً عن التضامن معهم وتأييد مطالبهم في الدعوة إلى إنهاء الشرعية، بينما يرشق المعتصمين أمام ثكنة الحرس الجمهوري بالرصاص الحيّ وهم يصلُّون؟

   لا تفسيرَ لذلك، إلا أن هذا الجيش قد فقدَ صوابه وتحوّل إلى ميليشيا وضعت نفسَها في خدمة الفلول والأقلية العلمانية، وأداة لقمع الأغلبية الشعبية المدافِعة عن الشرعية.

   والمؤلم أنَّ العزّة بالإثم قد امتلكت البغاة الظلمة، فلم يعترفوا بذنبهم وزعموا أنهم ارتكبوا المجزرة “دفاعاً عن النفس ضد جماعة إرهابية هاجمتهم بالأسلحة؟” فهل كان الصبية الستة الذين قُتلوا في المجزرة “إرهابيين؟” هل الرضيع المقتول الذي لا يتجاوز 6 أشهر من عمره “إرهابيٌ” وكان يحمل رشاشاً ليقاتل به الجنود؟

   أما الأكثر إيلاماً، فهو ظهور إعلاميي الفتنة في فضائيات التحريض الرخيص، وتحميلهم الإخوان مسؤولية هذه المجزرة دون أدنى حياء لأنهم “اعتصموا أمام منشأة عسكرية”، لا بل إن التبجّح والوقاحة والنذالة ذهب بهم أكثر من ذلك حينما زعموا أن بعض الإخوان قد ضحُّوا ببعض رفاقهم في هذه المجزرة بهدف “إحراج الجيش وتأليب المصريين والعالم ضده”، تماماً مثلما قالوا في 12 نوفمبر 2009، إن بعض اللاَّعبين الجزائريين هم الذين ضربوا رفاقهم بالمطارق الحديدية للحافلة بهدف كسب المباراة دون لعبها، بينما تجرّد مرتزقة إعلاميون آخرون من إنسانيتهم، وأظهروا شماتتهم الواضحة في الضحايا، ولم يتورع بعضهم عن القول بتبجّح وصفاقة: “هذا أوَّل درس للإخوان المجرمين؟”. 

   إنه إعلام “البلْطجة” والبغي والنذالة والتضليل وقلب الحقائق والدفاع عن المجرمين والوقوف مع الجلاَّد وتشويه صورة الضحية وتحميله مسؤولية ما يلحقه من مآس وظلم وقهر، ولا يمكن الحديث عن مصالحة وطنية ووأد الفتنة في مصر، قبل لجم هذا الإعلام التحريضي الحقير وحمله على احترام أخلاقيات المهنة وضوابط العمل الإعلامي النزيه.

   كان على الجيش أن يتفطّن منذ البداية إلى أن الزجّ بالبلد في أتون العنف والحرب الأهلية لن يخدم في النهاية سوى الأطراف الخارجية، التي تراهن على تكسيره بعد أن تمّ من قبل تحطيمُ جيش العراق، ويجري الآن العمل على استنزاف الجيش السوري وإنهاكه، ولكن هل بقي مكانٌ للعقل والتبصّر وبُعد النظر و”حمالات الحطب” وأبواق الفتنة والتحريض الحاقد تنفخ باستمرار في نار الفتنة؟

 

    أما الإخوان فالواضح أنهم خرجوا من هذه المحنة الجديدة أكثر شعبية، وأكثر قوة وتصميماً على تحقيق مطالبهم المشروعة، وأكثر صموداً وإصراراً على بلوغها مهما كان حجم تضحياتهم والمؤامرات التي ستُحاك ضدهم والمجازر التي قد يتعرّضون لها لاحقاً لا قدّر الله.. قدرُ الإخوان أن يصبروا ويثبتوا ويواصلوا مظاهراتهم واعتصاماتهم السلمية إلى غاية عودة الشرعية ودحر الانقلابيين وتقديمهم إلى المحاكمة، وإعادة الجيش المصري إلى الثكنات ليؤدي وظيفته الدستورية، وما النصرُ إلا صبرُ ساعة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
15
  • جزائرية

    استاذ.. مقال اكثر من منطقي
    لسنا بصدد الحديث عن الانقلاب او شيء اخر ولكن العمل الشنيع الذي قام به الجيش كان متجردا من كل انسانية وهذا يحسب ضده في الايام المقبلة ولو رجع مرسي للحكم

  • صالح

    أي الخيرين شر، وأي الشرين خير << . هناك سؤال يبقى مطروحا : اين تتواجد لندن- ستان ، إمارة السلفية والاخوان ؟ ولماذا ؟ . هل هي موجودة في ضواحي مكة الشريفة او المدينة المنورة ؟ ، في ضواحي القاهرة او دمشق ؟ ، في ضواحي الجزائر او الرباط ... ، او هي موجودة في قلب اوروبا العلمانية ؟ . لماذا بذل مفتي الارهاب في الجزائرالغالي والنفيس ولمدة عشر سنوات لكي لا يرحل الى بلده الاصلي حيث الاخوان ، ويبقى في العاصمة البريطانية ، بجوار هايد بارك ؟ ، لماذا اراد لنفسه هو ، ولامثاله ، الديموقراطية " الكافرة "

  • صالح

    يُعَدُّ فيه التخلُّف خيانة للواجب المفروض بحكم المسؤولية، وذلك استجابةً لصوت الشعب الذي عبَّر عن نفسه بهذه الصورة السلمية الحضارية، والتي لم تفترق عن الخامس والعشرين من يناير في شيء..
    إن موقف الإمام الأكبر إنما كان ولا زال نابعاً من ثوابت الأزهر الوطنية، التي تعد من مقاصد الشريعة، ومعرفته العميقة الثاقبة للنصوص الشرعية بإنزالها على حُكم الواقع لا بعزلها عنه، مع ضمان المحافظة على الثوابت والقواعد، فالعارف هو العارف بزمانه، وليس العارف هو الذي يميز بين الخير والشر، إنما العارف هو الذي يميز بين

  • صالح

    هل تعتبر ان " حزب النور " هو أيضا من الاقلية العلمانية ، من الفلول او من حمالة الحطب ؟ .
    وهل تعتبر ان الازهر وشيخ الازهر – المرجعية السنية ، من الاقلية العلمانية او من الفلول ، او من حمالة الحطب ؟.
    اقرأ رد وموقف الازهر مما وقع من احداث ، الذي ورد في صحفة " الشروق " الجزائرية في طبعة اليوم :
    << لم يكن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر ليتخلف عن دعوة دُعِي لها كل القوى الوطنية والرموز السياسية والدينيَّة بما فيها حزب الحرية والعدالة نفسه في لحظة تاريخية بلغت فيها القلوب الحناجر، وفي موقف وطني

  • صالح

    النظام الديكتاتوري الجديد ، الذي أقر هو نفسه ، وآخرون من نفس طائفة الفتنة ، الاغتيالات والجهاد في المسلمين ، بوقوع أخطاء وتجاوزات ، لكن بعد فوات الاوان .
    الم تشاهد ، على بعض القنوات العالمية ، مشاهد لعناصر تطلق النار من داخل " المليونية " الاخوانية ؟ ، ام انك تعتقد ان القنوات مثل bbc arabic ، فرانس 24 وغيرها منحازة الى العسكر ؟ .
    ثم ما الذنب اذا كانت مجموعة كل هذه " الاقليات " هي الغالبة في المجتمع وترفض الديكتاتورية الجديدة تحت حكم الاخوان .

  • صالح

    خلفا للقائد والوزير السابق ، الماريشال السيد محمد طنطاوي ، اختار الانحياز للشعب المصري ، كل الشعب المصري ، من الاخوان ، من السلفيين ، من العلمانيين ، من المسيحيين ، من الوطنيين ، من الناصريين ومن غيرهم ، بدل الوقوف متفرجا على مصر وهي تخوصص من فئة واحدة ، تعمل على احتكار الدين وعلى استغلاله لاهداف ولاغراض دنيوية زائلة .
    الجيش الذي وقف مع " المليونيات " التي كانت تهتف بسقوط النظام الديكتاتوري المتعفن للسيد مبارك ، هو نفسه الذي وقف مع عشرات " المليونيات " المضاعفة التي كانت تطالب بسقوط راس

  • صالح

    إذا كنت إخوانيا أو تشاركهم نفس الرؤيا للاسلام السياسي في المجتمع المسلم ، فانت حر في ذالك ، اما إذا كنت تهدف ، من وراء المقال ، التحليل إبداء الراي في فيما وقع في مصر ، قبل وبعد 30 جوان 2013 ، فاسمح لي ان اشاركك ، انا ايضا ، رايي في الموضوع ، لان فكر وتصرف الاخوان منتشر في اغلب البلدان المسلمة بعد ان كان حكرا على مصر .
    لأظن ان الجيش المصري ، تحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع الحالي ، السيد عبد الفتاح السيسي ، الجنرال الذي نصبه الرئيس المعزول ، السيد محمد مرسي ، في هذه المهمات

  • عبد الرشيد

    من ناصر ملوما بظهر الغيب نصره الله .. وأنشاء الله أ،ت منهم ياحسين . ولم نشهد تجمع يصر على الظلم مثل هذا التجمع المصري الخبيث وقد جمع كل فاسد وفاسدة في ألأخلاق والمال والحكم . وإنها لمعجزة إذا صلحت مصر وفيها أمثال لميس الحديدي ووائل الأبراشي وعمرو اديب غير المؤدب .

  • دياب

    لقد فضحت الثورة المصرية زيف الديموقراطيين العرب والوطنيين وحتى الناصريين الدين طالماصدعوننا بالناصرية وتحرير فلسطين لقد انكشف كل هولاء حين وقفوا بجانب الانقلاب بل دعوا له ضد صناديق الاقتراع فى مشهد اقل ما يقال عنه مسرحى مع هدا الاعلام الماجور حقيقة لم اكن اسمح لنفسى وصف الاعلام بالماجور غير ان احداث مصر اثبتت ان هناك اعلام ماجور كادب مخادع مقابل دولارات الوطنية والدولة لا تعنى له شى تصوروا معى ايها الاخوة لو جنح الخوان ومن ورائهم الشعب المصرى الى العنف الم نكن الان فى ورطة وهدا ما تتمناه اسرائيل

  • دياب

    وربة ضارة نافعة يا استاد ارادوا واراد الله ان ارواح الشهداء ستبقى وصمة عار فى جبين الانقلابيين وسيكونون اطوال عمرا من هدا السيسى اطمئنوا لن ينجر الشعب المصرى الى العنف كما اراد السيسى وانا متفائل جدا واراهن على وعى الشعب المصرى الدى سيجعلهم يغرقون فى دم الابرياء حتى يخنقهم بادن الله ومند هده الكارثة راينا تململ الانقلابيين وظهر انهم ليسوا على قلب رجل واحد سيستمر الرفض حتى تستكمل الثورة مسيرتها وهده سنة الله فى خلقه انا ممتن للشعب المصرى على هدا الاصرار رغم السرحيات التى تحاك هنا او هناك يتبع

  • الزهرة البرية

    وعادت ريما لعادتها القديمة.

  • nourdin

    الاخوان تفرعنوا وتطاولوا على كرامة الشعب المصري وامانيه انهم حفنة من الخارجين على القانون وحدث لهم امر جائزوالا لكانت مصر اضحت في خبر كان.

  • اسحاق

    على السيسى و فريقه من الزباط و الشرطة المثول امام المحكمة الدولية لارتكابهم جرائم ابادة ضد اشخاص عزل و ابرياء كانوا يقمون صلاة الفجر.

  • الجزائر المسلمة

    بارك الله فيك.لسنا من الاخوان و لكن الحقيقة تقال .لما الانحياز من الجيش ؟يعامل مؤيدي المعارضة باحترام و يرمي لهم الاعلام .و بالمقابل يرد على مؤيدي الشرعية العزل بالرصاص .هذا امر مؤلم جدا .اهذه هي الحرية و العدل التي وعد بها الانقلابيون ؟في عهد مرسي لم يكن هناك و لو معتقل سياسي واحد و تعامل بلطف كبير مع صحافة الانحطاط بالمقابل شاهدنا ماذا فعل الانقلابيون من مهازل بعد عزل الرئيس.اللهم كن مع اخواننا المسلمين في مصر و فلسطين و الشيشان و افغانستان و سوريا.رمضان مبارك لكل الامة الاسلامية ان شاء الله

  • عبد الحميدلا فض فوك

    لا فض فوك وبارك الله فيك كلمة حق ستكتب في ميزان حسناتك إن شاء الله