الجزائر
باتت تنافس المدارس والمحاكم والبلديات في التكفل بالمواطنين

المساجد تعود إلى الواجهة

بلقاسم حوام
  • 1879
  • 35
الأرشيف

بعد إقرار قانون المسجد الجديد الذي تم اعتماده سنة 2012، الذي أعطى بيوت الله صبغة اجتماعية وأكاديمية بعيدا عن إقامة الصلوات وتحفيظ القرآن وجلسات الذكر، عادت المساجد إلى واجهة المجتمع، وتحولت إلى منارة تعليمية واجتماعية وأسرية تستقطب مختلف الشرائح والأعمار من خلال أنشطة تكافلية وعائلية ومدرسية جعلت منها أقطابا حقيقية للصلح والتكفل بالفقراء ومساعدة التلاميذ في المشوار الدراسي..

تشهد المساجد هذه الأيام حركية سريعة في استقبال التلاميذ في دروس الدعم المدرسي في جميع الأطوار، حيث خصصت أغلب المساجد أقساما تدريسية بالمجان، يؤطرها أساتذة جامعيون وشباب متطوعون، حيث تتسابق العائلات إلى تسجيل أبنائها في هذه الأقسام المدرسية التي طالت الأطوار الثلاثة بما فيها الابتدائي والمتوسط والثانوي، وهذا بعد نجاح تجربة دروس التقوية في أغلب المساجد، التي ساعدت آلاف التلاميذ في اجتياز الامتحانات النهائية والحصول على مختلف الشهادات المصيرية.

ودائما في إطار التكفل بالأطفال، أسست الكثير من المساجد دور حضانة بمقاييس عالمية، تحتوي على أقسام مجهزة ومساحات للعب الأطفال وفق مقرر تربوي مستمد من وزارة التربية الوطنية، وما تتميز به المساجد في التكفل بتلاميذ ما قبل التمدرس هو اعتماد القرآن كمادة أساسية، بالإضافة إلى تعليم اللغات والحساب والكتابة، ما جعل الكثير من الأولياء يفضلون تسجيل أبنائهم الصغار في المساجد بدل دور الحضانة التي باتت تشترط مبالغ مرتفعة تتراوح ما بين 6000 دج و15000 دح شهريا.

وفي المجال الأسري، افتتحت الكثير من بيوت الله قاعات الصلح لحل المشاكل العائلية، حيث باتت المساجد تنافس المحاكم في جلسات الصلح بين الأزواج وتمكنت من حل الكثير من الخلافات الزوجية، بإقحام المشايخ والعلماء والأقارب وكبار الحي، خاصة أن القرآن الكريم شدد على ضرورة الصلح بين الزوجين في حالة الخصام، وهذا ما زهدت فيه المحاكم التي باتت تعقد جلسات صلح شكلية ما أدى إلى ارتفاع معدلات الطلاق في الجزائر إلى معدلات قياسية بنسبة 68 ألف حالة طلاق سنويا وبمعدل حالة طلاق كل 50 ثانية، وهذا ما يجعل دور المساجد في بعث جلسات الصلح الحقيقية مهما جدا وعاملا في استقرار الأسر وتجنيب الأطفال عواقب الطلاق..

وفي الجانب التضامني، تحولت المساجد إلى ملاذ للفقراء والعائلات المحتاجة وعابري السبيل من خلال تنظيمها مطاعم الرحمة وتوزيع قفة رمضان وأموال الزكاة على شكل صكوك مالية توزع على العائلات في السر دون تجريح، كما نظمت العديد من المساجد قوافل مساعدات للمناطق المعرولة، حيث وزعت على المحتاجين المواد الغذائية والألبسة والأغطية، على غرار ما حدث مؤخرا في ولاية تبسة… وبمناسبة الدخول المدرسي بادرت العديد من المساجد إلى توزيع الأدوات المدرسية على التلاميذ المحتاجين وهذا دائما بالتنسيق مع المحسنين والمصلين.

جمال غول: المساجد تحررت منذ 2012 وباتت أقرب من المواطن

وفي هذا السياق، أكد رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة وموظفي الشؤون الدينية، جمال غول، أن المساجد باتت قريبة من المواطن من خلال انفتاحها على المجتمع وتنظيمها العديد من النشاطات المدرسية والأسرية والتكافلية، وهذا بعد اعتماد قانون المسجد سنة 2012 الذي أعطى بيوت الله صبغة اجتماعية بإعطائها الشرعية للقيام بمختلف الأنشطة التي تهدف إلى إصلاح المجتمع وعدم الاكتفاء فقط بإقامة العبادات.

وأضاف جمال غول، في تصريح إلى “الشروق”، أن المساجد اليوم باتت تنافس المدارس ودور الحضانة في تعليم الأطفال من خلال دروس التقوية والأقسام التحضيرية، كما باتت ملاذا للعائلات المتخاصمة من خلال تنظيم جلسات الصلح التي باتت أمرا أساسيا ومحبوبا في أغلب المساجد، حيث ساهم الأئمة في الإصلاح بين الأزواج وفض الخصامات بالتعاون مع المصلحين.

وبيّن محدثنا أن النشاطات التضامنية باتت من أولويات العمل المسجدي بتنظيم موائد الرحمة وتوزيع قفة رمضان والأدوات المدرسية على المحتاجين وتوزيع أموال الزكاة وغيرها من المبادرات الخيرية التي تهدف إلى التقرب أكثر من المواطن وهذا هو الدور الأساسي لبيوت الله.

مقالات ذات صلة